لماذا تتقهقر الثورات امام الطغيان بعد نجاحها؟
لماذا يكون الطاغي والجلاد الجديد هو نفسه من قاد الثورة ونظمها؟؟
ولماذا انتهت العديد من الثورات الى انظمة حكم اسوء من التي ثارت الشعوب عليها؟؟
مرت في بالي هذه التسؤلات وانا اشاهد مراسم تنصيب نجاد رئيسا لايران..ايران التي ثارت قبل عشرين عاما على قمع الحريات واضطهاد المواطنين تراها تعاني اليوم نفس ما ثارت عليه..لكن هذه المرة مع مزيد من الفقر وتبديد الثروات ومزيد من الاضطهاد ايضا..المواطن الايراني الذي يضرب اليوم ويهان ويعتقل في شوارع طهران هو نفسه الثائر الذي اطاح بالشاه عام 1979..هو نفسه من تحدى السافاك وجبروت الشاه ونزل الى الشارع مطالبا بحريته..وهو نفسه الذي دافع عن الثورة في حرب عبثية مع العراق دامت بفضل غباء صدام وعنجهية الخميني ثمان سنوات عجاف عاد البلدان بعدها الى الوضع السائد ما قبل الحرب وقد خسر كلاهما مليارات الدولارات وخسائر بشرية لا تقدر بثمن..وهو المواطن نفسه الذي سكت طويلا عن سرقة لقمته بأسم نصرة الجهاد والمجاهدين في العالم.لم تقدر الثورة ولا مرشدها صبر هذا المواطن فهي تريده عبدا لها يؤمر فيطيع..تريده ان يسكت حين يجوع وهو يرى امواله تهدى الى ارهابيين ليفتعلوا حروبا خاسرة مع اسرائيل واميركا ثم يستصرخون العالم كي ينقذهم من الاستخدام المفرط للقوة متناسين انهم هم من جلب هذا البلاء لانفسهم ولشعوبهم المغلوب على امرها..تريده ان يفتخر بأن بلاده ستصبح نووية وهي لاتزال تستورد وقود السيارات من دول لاتملك من النفط ما تملكه ايران..تريده ان لايغضب عندما تدعم احزاب وجماعات لتشتري لها الاصوات الانتخابية في العراق ولبنان وفلسطين وغيرها.
هذا المواطن الذي ثار يوما من اجل الحرية والمساواة والعدالة لايجد ايا منها بل هو يجد ان النظام تجرأ ففعل ما لم يفعله الشاه فأمر باطلاق النار على المتظاهرين واستخدام القوة لسحقهم ان اقتضى الامر..لقد استصعب الشاه ان يأمر بذلك والا لكان اباد المتظاهرين بالطائرات والمدفعية كما تفعل انظمتنا العربية ذلك..لكنه استصعب هذا الخيار..ليأتي اهل الدين والتدين بعد ذلك فيأمروا به بأسم الدين والدفاع عن الدين.وليثبت النظام بعد ذلك ان اسوء انظمة الحكم هي الانظمة الدينية ويضيف اسما جديدا الى القائمة السوداء التى ضمت الكثير من هذه الدول من دولة الامويين والامبراطورية الرومانية المقدسة وحتى طالبان والسودان والسعودية ودولة العراق الاسلامية..فمرة بعد مرة تثبت انظمة الاسلام السياسي انها لاتجيد شيئا غير تكميم الافواه ومصادرة الحريات وكيل التهم.
النظام في ايران اصابه العمى على مايبدو فاصبح لايرى ما تستطيع الشعوب فعله ناسيا ان الكبت والطغيان لم تمنعا المنظومة الشيوعية من التهاوي في اوربا كقطع الدومينو واحدة بعد الاخرى وان قمع الشعوب لن يفعل شيئا سوى تأجيج المشاعر وتأجيل الانهيار ليس الا ومتناسيا ايضا ان نظام الشاه المدعوم دوليا لم يصمد امام شعبه..فكيف سيصمد هذا النظام المنبوذ المهزوزة اركانه امام الشعب الذي قد يخسر معركة او اثنتين لكنه بالتأكيد سيربح الحرب...
ليس من المستحيل ان تدرك الحرية..لكن المستحيل ان نحافظ عليها بدون علمانية ليبرالية فالحرية والانظمة الايدلوجية لاتتلاقى ابدا..
التعليقات (0)