ما نِسب نجاح الزيجات التي تتوِّج قصص حب جامحة ، مقارنة بتلك التي تتم بالطرق التي يعتبرها المتحضرون عتيقة وتقليدية ؟! .. الواقع أثبت فشلا ذريعا لعلاقات كان أطرافها يهيمون في عشق بعضهم ، ويفرشون طرقات بعضهم البعض وردا قبل عقود القران ، ما يلبثون طويلا حتى تستحيل حياتهم جحيما ، في الوقت الذي تكلل فيه الزيجات التقليدية ، التي لم يلتقي أطرافها سوى في ليالي دخولهم على بعضهم بالنجاح وبنسب كبيرة من التوافق والإنسجام فيما بينهم ! ..
الحب قبل الزواج يرسم صورا شبه مثالية للمحبين في عيون بعضهم البعض ، ويسمون ببعضهم البعض في مخيلاتهم إلى مراتب الملائكة الذين لايأكلون فيتجشأون ، ولايطلقون رياحا كريهة ، ولا يبولون ولا يتغوطون .. وبعد أن يتشاركا سقفا واحدا ، ومرحاضا واحدا ، وفراشا واحدا ، تظهر النقائص ، وتبين العورات ، وتتصادم الصور المثالية السابقة والخيالية بواقع الإنسان الناقص والنتن والبعيد كل البعد عن الملائكية المعصومة من النقص وعن الخطأ ! ..
أما الزواج بالطرق التقليدية فهو الأوفر حظا للنجاح ، لأن الأطراف تكون قبل عقود القران مجهولة لبعضها البعض إجمالا سوى ما تعلق بالمعلومات الضرورية عن بعضهم البعض ، والتي قبلوا على ضوئها الإقتران ببعضهم البعض ، فتكون إنطباعاتهم واقعية عن بعضهم البعض لاترتفع بهم عاليا في سماء الخيال ، ولاتجعلهم ينسون أنهم بشر عليهم منح فرصا لبعضهم البعض مع كل النقائص الطبيعية فيهم ، فيكون الإحترام مبدءا يلتزمون به تجاه بعضهم البعض ، ويحرصون على إبراز أكبر كمٍّ من ميزاتهم وسلوكياتهم الإيجابية ، فيتآلفون في خضم إنشغالهم بذلك فلا يستيقظون إلا وأيديهم في أيدي بعض ، وقلوبهم أشد حبا ، وإلتصاقا ، ووُدٍّا بقلوب بعض ! ..
هناك من يقول إن الحب هو كل شيء ، والمنطق يقول العكس ، فالحب المقترن بالخيانة ليس حبا ، ولا الحب المرتبط بالذل والمهانة حبا ، فالإحترام بدون حب أجدى وأنفع ، لأن الزوج سيكون حريصا على عدم جرح كرامة زوجته ، والزوجة كذلك .. الإحترام يمنع الأطراف من النكس بعقود الوفاء ، ويجعلهم يلتزمون بإتفاقيات الشرف بينهم ! ..
الحب أكبر من حصره في علاقة بين رجل وامرأة واحدة ، مادامت عين الرجل زائغة حتى بزواجه ممن أحب ، ولو كانت حسناء فائقة الجمال ، وتحمل من الصفات الفاضلة الكثير ، وهو أمر طبيعي بالعودة إلى القرآن الكريم بصفته دستورنا كمسلمين ، وشريعة الله في خلقه ، وبالعودة كذلك إلى التركيبة الرجولية الميّالة إلى أكثر من إمرأة .. والزواج هو شراكة بين رجل وإمرأة ليس بالضرورة أن يتحابا ، ويكفي أن يتفقا على إحترام بعضهما البعض ، ويتعاهدان على حفظ شرف بعضهما البعض ، فتنخفض معدلات الخيانة والتعاسة ، طبعا هذا عند من يعرفون قيمة العهود ، ويقدسون المواثيق ، ويعرفون حقيقة الإحترام .. حينها فقط يمكن القول طز في الحب بدون إحترام أن كل الرجال تم إختزالهم في رجل واحد يتجشؤون مثله ، ويتغوطون مثله ، ويتعرقون مثله ، وأن كل النساء تم إختزالهن في إمرأة واحدة يتجشأن مثلها ، ويتغوطن مثلها ، ويحضن مثلها ! .
التعليقات (0)