الحديث عن إنتهاك حرمة أجواء الدول او التدخل في شؤونها من جانب دول أخرى، هو حديث قد يتشعب الى سياقات و إتجاهات عدة، وعلى الرغم من تأکيد غالبية دول العالم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى و إحترام سيادتها على أراضيها و أجوائها، إلا ان الملفت للنظر أن"النسبة الاکبر"، تمارس التدخل في شؤون الدول الاخرى و تنتهك حرمة و سيادة دول أخرى من أجل الوصول الى أهدافها و غاياتها الخاصة.
ولاريب من أن الولايات المتحدة الامريکية بصورة خاصة و بسبب من موقعها الدولي الخاص و مصالحها و نفوذها المعاظم في مختلف أرجاء العالم، تنتهك سيادة الدول على أراضيها و کذلك حرمة أجوائها، و نفس الامر ولکن بدرجة أقل نوعا ما بالنسبة للدول العظمى الاخرى، أما دول العالم الثالث، فإنها تمارس أيضا إنتهاك هذا القانون الدولي و تتجاهله کلما تطلبت مصالحها ذلك، ولاريب من أن إسرائيل و النظام الايراني و ترکيا الى حد ما، تعتبر من الدول التي يشار لها بالبنان بهذا الصدد، ولکل واحدة من هذه الدول الثلاثة(قصة)ذات طابع خاص مع تسويغها لتجاهلها و إنتهاکها لهذا القانون الدولي المهم، فإسرائيل تبرر الامر بعلاقة ذلك بمسألة أمنها الذي هو دائما على کف عفريت!
أما ترکيا، فإن هم نصرتها للعرق الترکي أينما کان، و خوفها و توجسها من أي تحرك سياسي کوردي بإتجاه التحرر حتى ولو کان ذلك في المريخ، هو الذي يدفع جنرالات و ساسة ترکيا للتحرك بإتجاه خرق هذا القانون، لکن للنظام الايراني قصة خاصة جدا تکاد أن تختلف کثيرا عن قصة قرينتيها الاخريين، إذ أن القادة الايرانيين يجوزون تدخلهم في أية بقعة من العالم بإعتبار أن مرشدهم يعتبر نائب الامام المهدي، والامام المهدي(بحسب نظرية ولاية الفقيه المزعومة)، خليفة الله تعالى على الارض، ومن هذا المنطلق فإن أي تدخل او إنتهاك او خرق للمواثيق و الاعراف الدولية و الانسانية من جانب مرشد الجمهورية الاسلامية، هو بمثابة أمر إلهي ليس فيه أي إشکال، ولذلك، فإن التدخل الايراني في لبنان و العراق و البحرين و سوريا و دول أخرى، إنما هو تنفيذ لأمر مقدس ليس إلا!
النظام الايراني الذي صنع دولة داخل الدولة اللبنانية و جعل لبنان برمته أسيره و رهن إرادته"المشبوهة"، لايعتبر إنتهاکه لسيادة الاراضي العراقية مخالفة للقانون الدولي، ولايعتبر بث أفراد حرسه من قوات القدس الارهابية في مختلف أرجاء العالم للقيام بعمليات إرهابية و تجسسية، خرقا و إنتهاکا فاضحا للقانون الدولي، بل وان وقاحة هذا النظام وصلت الى حد أن يمنح طرفا کورديا صواريخ أرض ـ أرض ليستخدمها ضد خصمه و لايسمي ذلك تدخلا فاضحا و أخرقا في الشأن الداخلي العراقي! أما الحديث عن التدخلات و الانتهاکات الصارخة جدا التي يرتکبها النظام الايراني ضد معسکر أشرف فحدث و لاحرج، حيث انه قد تجاوز کل الحدود و المعايير المألوفة و المعروفة في العلاقات الدولية و علاقات الجوار، إذ أن قصفه الصاروخي للمعسکر و کذلك قيامه بتوجيه عملاء له لإرتکاب جرائم تفجيرات و إغتيالات و خطف ضد المعسکر و سکانه، هذا الى جانب الضغط الهائل الذي مارسه و يمارسه على الحکومة العراقية و الاطراف السياسية و الحزبية التابعة له من أجل تضييق الخناق على سکان المعسکر تمهيدا لإغلاقه و إقتيادهم الى معتقلاته و سجونه الرهيبة، فعن أي إنتهاك يتحدث نائب رئيس الارکان الايراني و قبل أن يطالب الولايات المتحدة بالاعتذار عن ما فعلته إثر إسقاط طائرتها التي من دون طيار، على نظامه أن يبادر قبل أي طرف آخر لتقديم إعتذار للعالم أجمع عما إقترفه و يقترفه نظامه الاستبدادي من خرق و إنتهاکات فاضحة لکل القوانين و القيم و الاعراف الدولية المتعارفة عليها.
التعليقات (0)