عندما يتحدث الأستاذ محمد حسنين هيكل في موضوع شائك فإنه يرسل كلماته - وقليلها غير مكتمل ـ ليفتح لنا الطريق ويتركنا نحن لنفسر ونستنتج ونبحث عما وراء كلماته ، فمشكلات مصر الحالية هي ـ كما أظن ـ تتلخص في الجملة البسيطة التي قالها الأستاذ هيكل منذ بدايات الثورة وهي مبارك ترك صندوق أسود من البلاوي وقد شرح الأستاذ عن كيفية التعامل مع ذلك الصندوق حتى لا يأتي رئيس يتجنبه ـ أو يطرمخ عليه ـ لهول ما فيه! وسؤال العنوان لا أوجهه للأستاذ هيكل ولكنه موجه لمن سيتولى أمر بلادنا في الوقت القريب وعن التركة الثقيلة ـ أو البلاوي ـ التي ستؤول إليه، وسوف أتحدث عن عدة أشياء مما ذكرها الأستاذ في ما نُشر من كتابه على صفحات الشروق (مبارك من المنصة إلى الميدان) ومنها ما يمس الماضي القريب والأهم هو ما يمس المستقبل، فعن موضوع أمن رئيس الجمهورية بعد تحول سياسات الرئيس السادات شطر واشنطن إكتفى الأستاذ هيكل في ما يخص عصر السادات وما ذكره الكاتب بوب وودوارد في كتابه البرقع أو الحجاب من تفاصيل تثير الإنزعاج، وإكتفى بمجرد لمحات تغني عن التفاصيل، وأما بالنسبة لزمن مبارك فإنه أكتفى ــ لأسباب عديدة ــ بمجرد إشارة، والحقيقة أن كلمتي ـ لأسباب عديدة ـ تعني أن الموضوع ما زال له بقية، وكما قال وأوضح الأستاذ أن هاجس الأمن والتأمين بالرئيس مبارك وبحاشيته وصل لدرجة العبثية، فالتسجيلات الشخصية وصلت لأكثر من عشرة أضعاف من التسجيلات الخاصة بأمن الدولة! وعلينا ألا ننسى ما أعلنه وزير داخليته ـ بجبروته ـ أنه يُسجل المكالمات واللي مش عايز يتكلم ميتكلمش، ودخول التسجيلات ـ غير القانونية ـ للجنة سياسات الوريث يكشف لنا لماذا كان مبنى الحزب الوطني على كورنيش النيل هو أول الأماكن التي تم حرقها بتعمُّد حتى لا تنكشف تلك البلاوي، وما يخص ما نعيشه الآن هو أين ذهبت أجهزة التنصت الأحد عشر والتي كانت تحت تصرف أفراد ـ وكأننا لسنا في دولة ـ بعينهم وما قصتها وكيف لنا أن نتفادى تكاليف المعلومات الخاصة والعامة التي خلفتها تلك الأجهزة من إستخدامها في الداخل أو تسليمها لجهات خارجية ؟!
والسؤال الثاني الأخطر والأصعب ماذا سيفعل الرئيس القادم للتغلب على الفخ السياسى المُتمثل في الفصل بين السيادة وبين الأمن في سيناء كما أوضحها الأستاذ هيكل؟! ومن قصة حسين سالم نكتشف أن إحدى الشركات التي رفعت الحكومة الأمريكية عليها دعوى قضائية يملك حسين سالم 51 % من أسهمها ويرأس مجلس إدارتها خمسة رجال يحملون أسماء نافذة في مصر وكلهم في صميم القرار السياسي فليس المهم أسماء هؤلاء بقدر مدى مشروعية أعمالهم ؟! ، وماذا عن مشروعية عمل رئيس الجمهورية ومعه مسئولين سياسيين نافذين في تجارة السلاح ؟! .
وإذا كان رد حسين سالم مُعلقاً على ما كشفه له الأستاذ هيكل من أوراق هو الأمريكان أولاد الـ(...) هدفهم بالدرجة الأولى ابتزاز السياسة المصرية، وتصوير الأمور بما يوهم الناس بأن لديهم وسائل للسيطرة على مسئولين مصريين ) ، فلماذا لا يتم التحقيق حتى يتسنى لنا أن نعرف إن كانت تلك الأمور هي عملية سيطرة أم لا؟!
ولن نتحدث عن صفقات الغاز مع إسرائيل والتي زعم حسين سالم أن لها دواعي سياسية أكبر منه! ولا عن صفقات الغاز لأسبانيا والتي هي رد لجميلهم لأنه مدين لأنهم أعطوه الجنسية ورحبوا به وبعائلته لأن ذلك أمام القضاء ( من دقنه وإفتله!) ولكن ماذا عن آخر مشهد لحسين سالم على الساحة المصرية ومعه 450 مليون يورو نقدا ؟! وآخر سؤال هو هل يتم التحقيق في قصة أشرف مروان ؟!