الثلاثاء 18 سبتمبر 2012 م - 2 ذو القعدة 1433 هـ
رئيس مجلس الإدارة:
د/السيد البدوى شحاتة
أسسها عادل القاضي - عادل صبري
منذ 13 ساعة 45 دقيقة
من مقالاته:
اشتعل الغضب في نفوس المسلمين بعد علمهم بالفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، لم يجد البعض منا وسيلة للرد على الفيلم سوى الهجوم على السفارات الأمريكية في بلادنا، ووصل الشطط ببعضنا
إلى حد إزهاق النفس التي حرم الله إلا بالحق، قتلوا أناسا لا ناقة لهم ولا جمل فيما حدث، لم يشاركوا في صناعة الفيلم أو يعملوا على نشره، إنهم يعيشون بيننا لا يتوقعون أن نغدر بهم، لكننا تجاوزنا الحد فقتلنا منهم السفير الأمريكي في ليبيا وثلاثة من الموظفين الذين يعملون في السفارة.
لا أحد يستطيع أن يجادل في أن لنا الحق في أن نغضب وأن نعبر عن غضبنا، لأن الإساءة وصلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم الذي حمل الضياء إلى العالم ليخرجه من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم والهداية، إنه الرسول الذي بعثه الله رحمة للعالمين، فأنقذ البشرية من العبودية ونقلها إلى نعيم الحرية. لا يمكن للنفس أن تهدأ وهي تعلم أن الإساءة قد لحقت بخاتم الرسل والنبيين، لكن قبل أن نتحرك، كان علينا أن نستخدم عقولنا في التوصل إلى كيفية الرد على الرسالة.
الغضب الأعمى يرسخ في الأذهان الصورة التي أرادها من بثوا لقطات من الفيلم على مواقع الإنترنت. وقد تواكب نشر هذه اللقطات بقوة مع ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، وكأن الهدف أن يرى العالم رد فعل المسلمين الذي يدل على همجيتهم ويؤكد تأكيدا قاطعا أنهم إرهابيون لا يعرفون سوى العنف، وأنهم ليست لديهم وسيلة أخرى للتعبير عن أنفسهم.
لا يكون مسلما حقيقيا من لا يغضب لإهانة الإسلام ورسوله الكريم، لكنه يكون هو نفسه مسيئا للإسلام حين يتصرف بصورة لا تليق بهذا الدين وتخدم ما يريده أعداؤه. ومما يعيبنا –نحن المسلمين- أننا نغضب عقب وقوع الإساءة للنبي صلى الله عليه، ثم نهدأ بعد أن نكون قد قدمنا صورة سيئة عن أنفسنا وعن ديننا، ونكتفي بذلك وكأننا قد قمنا بالواجب المطلوب منا. غضبنا سريع، وينتهي بسرعة أيضا، ولو حدث ما حدث مع قوم آخرين، فإنهم يفكرون في الرد السريع غير المسيء إليهم، ثم ينتقلون إلى كيفية إعداد ردود طويلة المدى يبقى أثرها على مر الأجيال. ومن المؤسف أنه توجد لدينا مؤسسات إسلامية، مثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ومنظمة المؤتمر الإسلامي، لكنها لم تفعل شيئا ظل أثره مستمرا. إن المؤتمرات التي تستغرق عدة أيام تنتهي بانتهاء وقتها، أما الذي يبقى فهو إعداد خطة أو مجموعة من الخطط القوية التي تستغرق وقتا لإنجازها، لكن مفعولها يبقى زمنا طويلا، ومن أهم المقترحات محاولة الوصول إلى المواطن الغربي البسيط، عن طريق إنشاء قنوات فضائية قوية تستطيع أن تنافس القنوات الغربية بتقديم مواد تخاطب العقل الغربي، وفي الوقت نفسه لا تكون للوعظ المباشر، يمكن في هذه البرامج طرح نماذج من الشخصيات التي نشأت في العالم الإسلامي واستطاعت الإضافة إلى الإنجازات العالمية مثل أحمد زويل ومجدي يعقوب وفاروق الباز وغيرهم، وأن نظهر كيفية تأثير إيمانهم بمبادئ الشرق الإسلامي فيهم. ومن ناحية أخرى يمكن إعداد أفلام ومسلسلات تاريخية وأخرى عصرية تلقي الضوء على مبادئ الإسلام البسيطة، إضافة إلى طرح كتب توزع مجانا أو بسعر بسيط توضح عظمة الإسلام ونبيه بلغة بسيطة يفهمها المواطن الغربي.
وهناك جانب آخر مهم، هو العمل على الارتقاء بالأفراد والجماعات المسلمة بالسعي إلى ترسيخ الوعي بأهمية القيم الإسلامية مثل الأمانة والنظافة واحترام المواعيد والإتقان في العمل وإعمال العقل في اتخاذ القرارات، وذلك حتى نقدم صورة واقعية جيدة عن الإسلام تطرد الصورة الحالية التي تجعلنا أسوأ دعاية لهذا الدين. وهذا الجانب ربما يستغرق وقتا حتى يؤتي ثماره، لكن أثره يبقى قويا على المدى البعيد.
iabdelmoaty@gmail.com
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - وماذا بعد الغضب؟