مواضيع اليوم

ولله في خلقه شؤون !!

يوسف رشيد

2014-09-14 19:47:03

0

  وبعضهم ، نال في الفجور  شهادة ، وتراه يعبد المال عبادة ، ولديه النفاق أحسن عادة ، ولا يساعد في الله عباده ، ولا يشارك القومَ مُرَّهم ولا زاده ، ولا يُصفي لأحد وِداده ، ولا يَخجل أن يُشهر فساده ، ويختطف من الحريص مُراده ، ولشدة نتنه ، تقرف منه الوسادة ، فيا له من امرئ كأنه الجرادة ، حتى سَرَق من الكحل سوادَه ..

 

 

 وبعضهم ، صادق حتى " هذه اللحظة " ، لكنه لا يضمن نفسه من التراجع عن صدقه ، بمرور بضع ثوان .. 

 

 وبعضهم ، لا يصدقون أنفسَهم أنك تفضّلهم على نفسك في الدخول قبلك ، أو في الشروع في طعام ، أو للجلوس في صدر المكان ، فيُهرعون إلى ما ليس لهم به حق ، ويظنون أنك تبجّلهم لذاتهم ، لشعورك بواجبٍ تجاه سلطتهم الباهتة ، أو لاعتقادهم بوجود دالة أزلية لهم عليك ..

 ولعجرفتهم ، وعماء بصيرتهم ، وسوء تقديرهم ، يستحيل عليهم فهمُ تصرفك لباقة اجتماعية ، ولطفا ودماثة وتواضعا ..

 

 وبعضهم ، يعيش ليأكل ..

فيأكل الأخضر واليابس ، والتبن والتبان ، و" الديكة والدركوش " ..

 

 وبعضهم ليسوا حتى كالعاشق الولهان ، الذي يختبئ وراء إصبعه متوهما أن أحدا لا يراه ، بل هم أضل سبيلا ..

 

 وبعضهم ، من المتثاقفين القياديين المرحليين " يفنّص " بكلام ، لو سمعناه من غيره ، لكان الرد المناسب عليه صفعاتٍ على محياه المتبلد ، ثم يُساط على مؤخرته المشمخرة ، كمؤخرة القردة ..

 

 وبعضهم يعتقد أن الكائنات خُلقت من أجله ، وأنه هو  ضمانة استمرار الدنيا ، وأن الحياة ستكون خرابا لولاه ، وأنه العبقرية التي لو استمع الناس لنظرياته وطبقوها ، لعاشوا في ( سبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات ) ...

 

 وبعضهم ، يشعرك أنه ( كابوس الكتروني ) عليك ، لا يقل ترويعا ورعبا عن الكوابيس المتعددة الأخرى ، وذلك من خلال برامج الدردشة الكومبيوترية أو الهاتفية ، فيجعلك تكره الساعة التي عرفتَه فيها أو أضفتَ رقمه أو اسمه المبجل عندك ، ولولا أن شيئا هاما وعظيما ومفيدا ومطلوبا وضروريا اسمه ( الحظر "من الحظيرة" ) لانتهى الأمر بكثير من الناس إلى مشفى الأمراض ( الالكترونية )....

 

 وبعضهم ، يحرّضك ـ بمكر وخبث ودهاء ـ على أن تحرق بيدرَكَ ، كي تطرد العصافير عنه ، وتمنعها من التقاط بعض حبيباته ، وذلك حين يفشلون في السطو عليه ..

 

 وبعضهم ، يحوزون معارف الأرض والسماء ، وعندهم من علم الغيب والساعة أكثر من هدهد سليمان ، وقد رضعوه في المهد ، وتراهم يشرشر العلم من أردانهم ، وتنز المعرفة من ثقوب جلودهم ، وما كانوا يوما بحاجة للدراسة والتعلم ، ولا لوجع الدماغ في زواريب المدارس والجامعات ، ونظائرها السقيمة ..

 

 

 وبعضهم :

لا يعجبه عَجب

ولا صيام في رجب

ولا صلاة بلا عتب 

ولا انتقاد من ذهب

ولا انقياد إلا لذنب

ولا استنجاد إلا بمن نهب

ولا انتقال إلا خبب

ولا حنطة إلا جلب

 

 وبعضهم ، لا يتنازل عن ملليمتر واحد مما يعده حقا من حقوقه ، مهما كان صغيرا أو تافها بالنسبة لواقع الحال ، ودونما اكتراث بصعوبة المرحلة ، أو حراجة الظروف ، أو حساسية المواقف ، أو حتى ، مشاعر الآخرين ..   

 

 وبعضهم ، يصوّر للناس تعلق الآخرين به ، ويوحي بأنهم لا يستطيعون التنفس والعيش إلا في فضائه ، لكن الماء تكذب الغطاس !!..

 

 وبعضهم ، يعانون من أمراض مزمنة ، أهم أعراضها :

الألقاب والكراسي والوجاهة والزعامة ولو كانت على نقرزان الخازوق ..

 

وبعضهم ، لا يختلف عن بعضهم ..

فهم لا يثقون بغير عصاراتهم ، ولا يؤمنون بغير أربابهم ، ولا يعتقدون بغير سرابهم ، ولا يرون غير ذؤاباتهم ، ولا تبهرهم غير أنانياتهم ..

 

 وبعضهم ، "يستعير " منك ، خِلسة ، رأيا أو موقفا ، أو تعبيرًا ما ، عن شعور خاص ، أو إحساس ذاتي ، وينسى أن " الثوب المستعار ، لا ينفع الجسد المقرور " .. 

 

 وبعضهم ، لا تجد في تعليله تعليلا ، ولا في تفسيره تفسيرا ، ولا في فصاحته فصيحا ، ولا في تلاوته خشوعا ، ولا في شرحه شرحا ، ولا في توضيحه وضوحا ، ولا في جوابه جوابا ، ولا في قوله صوابا ، ولا في تلطفه لطفا ، ولا في جده جدا ، ولا في مجاملته صدقا ، ولا في يقينه رشدا ، ولا في ماضيه أنسا ، ولا في حاضره ودا ، ولا .....

 

وبعضهن ، لا يهنأن عيشا ، إذا لم يكن ثمة شيء مفقود لهن على الدوام ، بحيث يدأبن في البحث عنه ، لا ليجدنه فحسب ، ولكن لاستمرار شعورهن بمتعة البحث عن ضائع ما ، وقد لا يرغبن كثيرا بالعثور عليه ، كي لا يصلن للحائط المسدود ...

 

  وبعضهن ، خلقهن الله تعالى من ضلع هش متغرغر منخور متآكل لا مشاش فيه ، ومع ذلك تراهن مشمخرات الأنوف أكثر من الملكة زنوبيا ، حتى ليصدق فيهن المثل الشعبي : بيلبق للشوحا مرجوحة وللعرجا قبقاب ....

 

 وبعضهم ، ينسى أن أقداره كانت في مهب الريح لولا أنْ ساق له الله من ينقذونه من الظلمات دون أن يكلفوه شيئا ، وربما دون أن يدري ، فيكون الجحود أسرع إلى أفئدتهم وعقولهم ..

 

 وبعضهم ، يرى نفسه بعيني جمل ، والأنكى ، انهم يعرفون خديعة ما تريهم عيناهم ، ويصدقونها ، ويتجاهلون واقع الحال ..

 

 وبعضهم ، يتعامل مع العبادات المفروضة باللامبالاة والنكران والجحود وكأن لهم حقا طبيعيا وشيكا مفتوحا ، وبوليصة تأمين أبدية ، دون أن يتعظوا من رسائل إنذارية وتحذيرية كادت تجعلهم هباء منثورا ...

حسبي الله ونعم الوكيل ...

 

 ويعضهم ، كـ " بغل الغراف " لا يستطيع أن يرى أبعد من أنفه ، ويدور ويدور ويدور ، وهو في مكانه .. فـ ((لا ظهرا أبقى ، ولا أرضا قطع )) ..

 

 وبعضهم ، لا للسيف ، ولا للضيف ، ولا لغدرات الزمن ..

 

 وبعضهم ، يرتكبون الحماقات والخياسات عمدا ، وعن سابق إصرار وتصميم ، ويقطعون كثيرا من الوشائج ، ويريقون كثيرا من دموع التماسيح ، فتغدو دماء وجوههم مياها آسنة ، لا تصلح لإعادة التكرير ..

 

  وبعضهم ، يبحثون ويفتشون عن طواحين دون كيخوت الهوائية ، ليحاربوها ، ويستعرضوا عضلاتهم الطاووسية البهلوانية ، وكأنهم في معركة المصير ،

بينما هم مجرد أشخاص مسلوبي الارادة ، والضمير ، غالبا ..

 

 وبعضهم ، يخترع له ولأتباعه الإمعات ، راية خلبية ، ويوهمهم بقداستها وأهميتها ، ويدفعهم للعمل على أساسها ، بعد ان يبتكر لها نياشين وأوسمة وألقابا ، ما أنزل الله بها من سلطان ..

 

 وبعضهم ، يسعى في مناكبها ، كمن ضيّع حمارة خاله :

" إن وجدها بغني وإن ضيعها بغني " ..

 

 وبعضهم ، متل شجر العليق ، ما بيهنالن العيش إلا متطفلين فضوليين أكّالين نكّارين ..

 

 وبعضهم ، أحلس أملس بلهموطي ..

 

 وبعضهم ، نفعي ، مصلحي ، استغلالي ، يعرف من أين تؤكل الكتف ..

 

 وبعضهم ، كذاب أشِر ، يقترف كل الموبقات ، من أجل المحافظة على مكتسباته التي نهبها من هنا وهناك ..

 

 وبعضهم ، يتحالف مع الشيطان ضد الرحمن ، كي يبقى " متقنزعا " على كرسيه الذي هو عبارة عن مزراب من الذهب الخبيث النجس القذر ..

 

 وبعضهم ، يرتكب السبعة وذمتها ، وينام مستريحا خالي البال ، ويشعرك أن القطة تأكل عشاءه ..

 

 وبعضهم ، يستخدم كل أدوات النصب " الشرعية " ، كالمسبحة الطويلة ، واللحية الطويلة ، والدشداشة القصيرة ، والصلاة خلف الإمام ، ويتعاطى البسملة والهمهمة والنمنمة والغمغمة والنحنحة ، بما يوحي أنه غارق في الملكوت ..

 

 وبعضهم ، يعاني من مزاجيةٍ ، هي أكثر من مجرد ازدواج في الشخصية ..

هي مشروع تكاملي من العُقد المتأصلة ،  والتحجر النوعي ،  والانغلاق الكلي ،  والكبت والتخلف والسوداوية والتشاؤمية وانسداد الآفاق ..

فتهيء له مزاجيته ، سيناريوهات هجينة ، لا تنتمي إلى أي نوع من أنواع الأمراض العصبية أو العصابية او العاطفية أو النفسية أو الاجتماعية ، أو حتى البوهيمية الجديدة المتجددة المجدولة على أنغام الأوتار المهلوسة بسبب تعشقها بنعيق البوم والغربان ..

 

 وبعضهم ، " وبكل تواضع " يَصِف نفسَه في معرض ثرثرته وهرجه ، وحسب مقتضيات الموقف والزمان والمكان والمستمعين :

أنا كريم ،  صادق ، شهم ، وفي ، جريء ، وطني ، غيور ، أمين ، مضياف ، لبق ، مقدام ، تقي ، ورع ، أنيق ، لبّيس ، ودود ، أصِلُ الرحم ، أعرف حدّي فألزمه ، ولا أتنازل عن حقي ، ولا أحشر نفسي فيما لا يعنيني ، ولا أتوانى عن خدمةٍ ومساعدةٍ ، ذو نخوة ومروءة ، و ، و ، و ....

ويستمر التواضع !!..

 

 وبعضهم ، يَمُنُّ على الله والناس ، بأنه يقوم بأعمال ، وينهض بأعباء ، تنوء تحتها الجبال ، وتنحني لها هامات الرجال ..

فلماذا لا يرتاح ويريح ، فيفلت من أصابعه الكراكوظية بعض الخيوط ، بعدما صار الناس يترحمون على النباش الأول ؟! ..

 وهو ، ولشدة إعجابه " بحسن تدبيره وإدارته وقيادته وتوجيهاته " ، يظن أن العالم سيفنى لولا همته وعزيمته في تسيير الدفة ، متناسيا أن محمدا النبي الأكرم قد مات ولم تغير الشمس مجراها ، ولا اختل تعاقب الليل والنهار ، ولا زلزلت الأرض زلزالها  .. 

 

 وبعضهم ، يجد متعة أوقاته ونشوتها حين يكون مُضيفا ، وآخرون يتشهونها ضيوفا دائمين ..

 

 وبعضهم ، يشعرك دوما أن له " الضربة اللازمة " عليك ، وهي حقه الأبدي الذي لا يموت ، ولا يتقادم ، ولا ينقضي مهما بذلتَ في سبيله ، كأنه لقمة الزقوم ..

 

 وبعضهم ، أكبر من الكرسي وأسمى ، فيكون الكرسي تحت مقعدهم ..

وبعضهم  ، يبدون صغارا بجانبه ، كالفأر يجاور فيلا ..

 

 وبعضهم ، ومن أكثر الناس اجترارا للكلام هذه الأيام ، أولئك الذين عناهم الشاعر أبو تمام :

السيف أصدق أنباء من الكتب ...

وهم المتفيهقون المتبجحون الثرثارون الذين يسمونهم زورا وبهتانا : باحثين استراتيجيين  وعسكريين وسياسيين في الأمن المتعدد الجنسيات ، العابر للقارات ، وللأرضين والسماوات ..

فلقد كذب هؤلاء وكذبوا وكذبوا حتى صدّقوا كذبهم ، مثلما صدق فرعون أكاذيبه .. 

 

 وبعضهم ، ديمقراطي حبا وطواعية :

قل ماااا تشاء ، وسأفعل ما أريد ..

وبعضهم ، ديكتاتوري بالفطرة :

سأفعل ما أريد ، شئت أم شئت ..

 

 وبعضهم ، يعتصم بموقعه أو بعمله أو بمكانته أو بقلنسوته أو بكرسيه أو بمجده المزيف أو بعظمته الوهمية ، ليمارس على الناس فوقية غير مشروعة ، منزها نفسه عن الزلل والخطأ ، " متصنبعا " فوق كل واجب وحق ، فلا يضع لجموحه حدا ، ولا يرعوي ، ولا يتوقف عن المحاضرة بكل القيم والمكارم التي لا يعرف منها سوى أسمائها ..

 

 وبعضهم ، لا يطيب له العيش إلا في ماء عكر ، ولا التنفس إلا في ماء عكر ، ولا الاصطياد إلا في ماء عكر ، ولا التناسل إلا من ماء دافق آسن ..

 

 وبعضهم ، يصدق فيهم قول الفرزدق :

 

قوم ، إذا استنبح الأضياف كلبهم

قالوا لأمهم : بولي على النار

 

 وبعضهم ، يتكلم ، فتتناثر حروفه أريجا  يعبق في المكان ..

وآخرون ، تود أن تلقمه حجرا ، ولو بدينار ..

 

 وبعضهم ، ينعشون القلب العليل بوفائهم وصدقهم ومودتهم ولهفتهم وإيثارهم ومروءتهم ، فلا يغدرون ولا يطعنون ولا يلوكون ولا يغتابون ولا يتمظهرون ولا يتلونون ولا يتخاذلون ولا يتسلقون ولا يفشون ولا يقعدون ولا يتقاعسون ولا يتخلفون ولا ينهزمون .. ولا يتجاوزونك عند أول منعطف ..

فطوبى لمن كان له من هؤلاء نصيب ..

 

 

 

 وبعضهم وبعضهم وبعضهم ..

 

 وبعضهم ، بلسم يشفي الجرح والروح ، وهم أنتم صديقاتي وأصدقائي الأعزة ..

 

ولله في خلقه شؤون !!

 

 

14/09/2014 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !