لم آت بشيء من عندي ، فهذان نموذجان لما أقول ، والله على
ما أقول شيد ..
يقول الشيخ الذي لا يبدو أنه يعلم شيئا عن عشرات بل مئات الآلاف من الأسر الفقيرة التي تنظر لأبنائها وبناتها بعين الأمل ، فتفرح كل أسرة أن وجد أحد أبنائها أو بناتها وظيفة في أي قطاع حكومي أو خاص طالما كان عملا لا يخالف ثوابت الدين ليعود عليها بدخل بسيط يمكن بواسطته بعد الله تخفيف الضغط الهائل على دخلها المحدود أو المعدوم والناتج – أي الضغط - عن انفلات " الجشع " خارج إدارة الأزمات والحماية والرقابة وحلول التطوير والتنمية الواقية ..
يقول الشيخ جزاه الله خيرا :
" أن ما قامت به سلسلة أسواق "بندة" المنتشرة في السعودية من توظيف نساء بمهنة كاشيرات لأمر محرم ، وهو من وسائل تطبيع المشروع التغريبي وفرضه على المجتمع ، وأنه من "مشاريع المنافقين"، وأنه يجب التصدي العاجل له ومنعه في ضوء ما وصفه بـ"رفض المجتمع"، متسائلاً "هل هو دعم أمريكي صريح أو مخفي ؟ .
وهنا لن أدخل في متاهات سياقات العقل التآمري ، والأحكام القطعية ، وفرض الوصاية على المجتمع ومحاصرته داخل بوتقة الرأي الواحد وتسيير حياته وفقا لنتاج الآراء الشخصية باسم الدين ولكنني سأطرح سؤالا محددا حول نقطة محددة ، وهو :
كيف وصل إلى علم هذا الشيخ الجليل رفض المجتمع لمثل هذا
" المشروع " الذي لن يستفيد منه إلا الأسر الفقيرة ؟ وهي الأسر التي دفعت ببناتها للعمل كممرضات في المستشفيات العامة والخاصة رغم تحريم الشيخ عمل الفتيات كاشيرات في سوق عام استنادا إلى مفهومه وهو " الاختلاط " !
هل ظهر الفقراء في الشوارع يعبرون عن احتجاجهم ورفضهم
مثل هذا " المشروع " ، أو اعتصموا أمام أي من تلك الأسواق ،
أو عبروا عن رفضهم عبر أي وسيلة إعلامية .. ؟؟؟
اعتقد أن لكل شخص أن يعبر عن رأيه الشخصي ولكن دون أن يقحم الآخرين في رأيه ليضفي عليه طابعا عاما .. وأنا هنا لا أتكلم نيابة عن المحتاجين لمثل هذه الوظائف ولكنه رأي قد يكون مصيبا وقد يكون خاطئا ...
أنموذجنا الثاني :
يقول الكاتب الذي طرح مقترحاته لحل أزمة السكن منتقدا وزارة التخطيط والخطة الخمسية التاسعة دون أن يتخلى عن عاداتنا وتقاليدنا في المجاملة !:
أن خطط تمليك 80% من المواطنين منازل لائقة بحلول عام 1448هـ , بسبب وجود احتياج إلى مليون وحدة سكنية في مختلف أنحاء المملكة هو توجه في التخطيط السليم تشكر عليه وزارة التخطيط .
ولا اعتقد أن الكاتب الكريم قد نسي أن عدد السكان يتضاعف كل
عشر سنوات وأن نسبة المواطنين الذي لا يملكون منازل خاصة بهم 80 % من إجمالي عدد السكان حاليا ومعنى ذلك أنه حينما ينتهي العمل من بناء مليون وحدة سكنية في العام 1448 هـ سيكون عدد سكان المملكة أكثر من أربعين مليون مواطنا وسيصبح عدد المحتاجين للسكن أكثر من 80 % من إجمالي عدد السكان في ذلك الوقت !!
فأي تخطيط سليم يسير في هذا الاتجاه .. ؟!
ألم يكن ذلك تكريسا لواقع التخطيط لدينا واستمرارا لنهج
( صرف المسكنات ورش ( بعض ) الحبر على الورق ) ؟!
ثم يشير الكاتب لبعض العوامل الحقيقية بقوله ( قد تكون ) من أسباب أزمة السكن في المملكة ! مثل :
- ارتفاع تكلفة تملك الأراضي .
- ارتفاع تكاليف البناء نظراً لارتفاع تكلفة المكونات الأساسية للبناء - انعدام البنية الأساسية لبعض مواقع البناء.
- تأخر نظام الرهن العقاري والتمويل العقاري .
- تقاعس البنوك السعودية من تمويل المشاريع العقارية الفردية .
- عجز البنك العقاري في تلبية طلبات المواطنين .
- روتينية العمل ومعوقات بعض الأنظمة واللوائح وتأخير صدور بعض الأنظمة المهمة للتطوير العقاري ..
وجميعها مما أسهم في تفاقم أزمة السكن في المملكة لترتفع نسبة الاحتياج إلى أكثر من مليون وحدة سكنية !!
والسؤال : هل المليون وحدة سكنية هي الحاجة الفعلية الآن لحل الأزمة .. ؟!!
ورغم حق الكاتب بأن نشكره على جهوده في سرد هذه العوامل إلا أن من المهم القول أنه وكعادة كتاب ( العافية ) التقليديون فضل التغاضي عن ذكر الدوافع والأسباب الحقيقية وراء هذه العوامل التي خلقت أزمة السكن في السعودية .!!
هنا استطيع القول لهؤلاء وأولئك : أهبطوا مصرا " ولا تقولوا :
" أجعل بيننا وبينهم سدا " .. !!
ومع كل ذلك نقول لفضيلة الشيخ الجليل وللكاتب القدير شكرا لحرصكم على قول ما ترونه مناسبا من وجهة نظركم الشخصية ..
تركي سليم الأكلبي
Turki2a@yahoo.com
التعليقات (0)