شتان بين" الفشوش" و الدلال
أصبح مصطلح ولد الفشوش يطل علينا كلما وقعت جريمة،اأو حادثة ،لمتهم فيها ابن أحد الأثرياء،أو أصحاب المراكز العليا،فتحولت إلى ظاهرة مقلقة اجتماعيا،ورمزا للتنصل من المحاسبة و تحمل المسؤولية،و تزكي الشعور بأن هنالك طبقة فوق القانون،لا يمكن محاسبتها أو سجنها.
خلفت جريمة قتل الطالب بدر،و دهسه بسيارة اودي قرب احدى مطاعم ماكدونالز ،استياء عارما لدى الرأي العام الوطني،خصوصا بعد تناقل فيديو يوثق للحادثة من كاميرات المراقبة،أظهرت معه بشاعة الجريمة،و أعادت إلى
الأذهان حوادث سابقة تبين الطريقة التي يتعامل بها بعض أولاد الفشوش مع المواطنين
ما عليك سوى البحث في أرشيف الحوادث التي ارتكبها هؤلاء حتى تعرف حجم الظاهرة و خطورتها،فلقد تم سحل دركي بالهرهورة قبل سنوات بعد أن طلب من صاحب سيارة فارهة التوقف جانبا إلا أنه رفض الامتثال، فأقدم على دهسه و سحله بالسيارة،في حادثة راح ضحيتها االدركي مخلفا صدمة لدى الرأي العام،وحكم على الجاني بعشرين سنة حبسا،و ما إن أغلقت هذه القضية،حتى تم دهس صحفي بحفل للزفاف بسيارة لأحد أبناء الفشوش ،مخلفا جروح خطيرة للصحفي ،وتوبع الجاني وحكم بسنتين سجنا،و هذا اخر تحرش بشرطية أثناء أدائها عملها، في تحد لها ،لكن الحادثة لم تمر سالمة لأن الشرطية تمسكت بحقها في المتابعة،
كل هؤلاء يقومون بهذه الأفعال بنية مسبقة،ودون خوف أو رادع ،و إذ تظهر أنها صبيانية،إلا أن منطلقها يأتي من أنهم فوق المحاسبة،و المتابعة،و أن الثراء في المغرب،يمكنك من تجنب العقوبات القاسية و قد تكيف قضيتك بما يتناسب و العقوبات المخففة،فتخرج منها سالما.،.
إنها رسائل يوجهها أولاد الفشوش و الدلال بطريقة مباشرة أو غير مباشرة تبين مغرب اخر غير الذي نحلم به ونعيش فيه،و نسعى إليه،مغرب الكل سواسية أمام القانون لا فرق بين ولد الفشوش و المواطن المغربي كيف ما كانت صفته أو وظيفته،.
الجميع سواسية و التمييز بين فئة و أخرى في التقاضي هو ما سيجعلنا نعيش مثل هذه الحوادث المتكررة،لذلك لابد من أحكام قاسية لمثل هذه الممارسات التي تتعنى بالسلطة أو الثراء، أو بالأب ومنصبه أو بالعائلة و مركزها،وعدم التساهل مع من يحسب نفسه فوق القانون،كما أن محاربة هذه الظاهرة ستمكننا من التخلص من لقب ولد الفشوش،الذي تحول إلى رمز للقوة و السيطرة،والهروب من المتابعة القانونية على أفعال إجرامية..
المغاربة يعرفون الفشوش،بالدلال وتوفير جميع ما يلزم لأبنائهم،لكن هذا لا يعني أنهم يعلمونهم أن يكونوا فوق القانون،أو يخرقونه لأن هناك من يحميهم،ويدعموهم،و يتستر عليهم فالدلال و الفشوش ارتبط سابقا بالحب و
الاهتمام الزائد،لكنه لم يعني ما أصبح متعارفا عليه اليوم ، التعني بالثراء و السلطة في مواجهة الجميع..
جريمة قتل الطالب بدر الذي كان يتابع دراسته بسلك الدكتوراة،كشفت عن جرائم أخرى ارتكبها ولد الفشوش لكنها لم تجد طريقها إلى القضاء،ما يبين أن التساهل مع مثل هذه الظواهر سيجعلنا نعيش حالات مماثلة كثيرة،فنصنع بذلك طبقتين في مغرب واحد،وجيلا كلما اقترب من السلطة كلما حاول أن يكون فوق القانون...
التعليقات (0)