لم يكن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح موفقا في استحضاره بعض التقاليد العتيقة الاقرب الى قطع رأس القط في ليلة الدخلة استجداء لرجولة زائفة..ولم يكن اقل خيبة ولا خطلا من ياسين بقوش الذي تذكر هذه التقنية بعد سنوات طوال من امتهان كرامته على يد زوجته المتنمرة الشرسة..
متأخرة كثيرا..وخارج اشتراطات الواقع..كانت تلك المحاولة البائسة التي اقترفها الرئيس نصف المحروق بادخال اليمن في مرحلة التراشق بالفتاوى عن طريق رص علماء السلطة خلف بيان يحرم التظاهر والاحتجاج على اعتبارها "خروجاً على ولي الأمر"..ولن يكون الغطاء الذي منحوه اياه كافيا لكي يمد اقدامه الى حيث المزيد من القمع للجماهير الغاضبة التي تطالبه بالرحيل داعية الى محاكمته والمتورطين من نظامه المتهالك عن الجرائم التي اثخنت في جسد وكرامة ومقدرات الشعب اليمني لعقود طوال عجاف..ولن تقوى على ترقيع وجه نظامه كل استنهاضات فقهاء الثريد له لـ"الجهاد في سبيل الله" عن طريق التنكيل بالاحتجاجات الشعبية باعتبارها" محرمة شرعاً وقانوناً لما يترتب عليها من مفاسد ولما تحمل من شعارات مخالفة للشرع"..ولا دعواتهم السقيمة للشعب بـ" الالتزام بالبيعة المنعقدة في ذمتهم والوفاء بها"بعد ان اسقط الرئيس -الذي تقول الانباء بانه فر خلسة من مرتهنه السعودي- بممارساته القمعية الهوجاء منفلتة العقال اي التزام اخلاقي او ادبي للشعب تجاه نظامه المعتل..
إن مثل هذه الفتاوى تذهل بتواطؤ اقرب الى التآمر عن حقيقة الصراع على الارض اليمنية والذي هو تدافع سياسي وحقوقي وابعد من ان يكون دينيا لكي يدس فيه العلماء الاجلاء انوفهم مستدرين شرعية دينية للنظام يتخندق بها بعد ان سقطت واصفرت ورقة الشرعية الدستورية التي تشبث بها الرئيس طويلا معتمدا على انتخابات مزيفة اسقطها الشارع بصموده وثباته خلف شعاراته الثورية الوطنية..
كما انه لن يكون من المبالغة لو توصلنا الى ان من اهم اهداف الثورات العربية بعد اسقاط الانظمة القمعية المستبدة وادخال الاوطان الى فضاء الحرية والتداولية السلمية ..هو القضاء على التحالف المدنس المعادي للشعوب ما بين الحكم العائلي والمؤسسة الدينية الداعمة للاستبداد..وان اول ما داسته اقدام الشعوب الثائرة هو فتاوى تحريم الخروج على الحاكم الجائر ومن ينادي بها..
ان الحكم اليمني فشل في تحقيق المقاصد الشرعية لولاية الأمر..وتجاوز على الدماء والأرواح واستأثر وازلامه بالمال العام ..واستباح مقدرات البلاد ..واستخدم موارد البلاد وقواها المسلحة كسلاح ضد الشعب الاعزل المسالم..ووضع البلاد على حافة الحرب الاهلية وفتح المجال امام التدخل الخارجي..مما يجعل الحديث عن شرعيته كولي امر للبلاد اقرب الى الدعابة السمجة وان محاولة تنزيل النصوص الشرعية الواردة في ولاة الأمر على هذه الأنظمة لا تعد الا كذباً صريحا وبهتانا عظيما..ولن يكون سوى محاولة رخيصة من مسترزقي التفقه لتحريف الكلم عن مواضعه ارضاءً لهوى الحكم واستدرارا لرضاه..وهو بالتأكيد ولوغا في دم الشهداء الطاهر ومشاركة للحكم في جرائمه..ان لم نقل انه الكفر البواح الذي لم يتحسسه السادة العلماء الافاضل في نظام صالح حتى الان..
ان الثورات العربية قامت جميعها من اجل انشاء الدولة الحديثة الديمقراطية المدنية التي تقوم على العدل والمساواة وحقوق الانسان وتعلي من القيم الاخلاقية السامية والاهم تحرير العقول من الابتزاز الاخروي الذي اسف به فقهاء السوء حد طرد الناس من ظل الله ورحمته التي اختصوا بها السلطان تاركين العباد في عراء التكفير والادانة المستمرة بنكث عهود لم يأخذها عليهم احد.
ان اهل اليمن الكرام ثاروا..كما بقية العرب..من اجل الحرية..والعدالة..واقرارالمبادئ الانسانية..واولها حرية الاديان والحق بالاعتقاد بعيدا عن السلطة الكهنوتية وميليشياتها وشبيحتها من رجال الدين المدعين احتكار كلمة السماء..ولم ينتفضوا الا خروجا على القيود الفقهية الزائفة التي كبل بها المجتمع الاسلامي لقرون من القهر والاستعباد وشكلت رخصة للحاكم المستبد لقتل شعبه وامتهان كرامتهم..واول هذه القيود هي ما افتى به علماء اليمن من حرمة الخروج على من انتحل ولاية امره بقوة التضليل والسلاح والاستقواء بالخارج على الشعب..فلا حبا ولا كرامة ولا طاعة..بل جرم وخطأ وسنة سيئة سيبقى وزرها ووزر من عمل بها في عنق علماء صالح حتى يرث الله الارض وما عليها..
التعليقات (0)