تعتبر دراسة الأوضاع الأمنية والسياسية لولاية النيل الأزرق دراسة للحالة السودانية ،وذلك للمتغيرات التي مرت بها المنطقة والتي يمكن اعتمادها كأداة للقياس وذلك لما تمثلة الولاية من أهمية كجزء من الكل السوداني ، و هي بذلك مؤشر للاستقراء والبحث ومؤشر لرصد ديمومة السلام أو انجراف البلاد في هوة (الحرب القادمة) التي تشير إليها الأوضاع الحالية والتي لم تظهر ولكن تتبدي أثارها بوضوح ، فالبلاد كلها (السودان) شأنه وشان دولة ما بعد الاستقلال الأفريقية التي تشهد حالة من السيولة السياسية التي لم تتشكل بعد في صورتها النهائية.
ولئن كان الباحث يرجو أن تقود أفكاره إلي ديمومة السلام والاستقرار لذلك أخذ الباحث ولاية النيل الأزرق كحالة وعينة يمكن أن تشخص بها الحالة العامة للبلاد ولئن اتكأت علي التاريخ في لمحة عابرة لكي أوضح به حقائق تعيد صياغة نفسها في دورات يمكن أن تفيد في التحليل والاستقراء السليم المؤسس علي معلومات وبيانات مأخوذة من ارض الواقع
1- الموقع والمساحة والسكان المدن
ولاية النيل الأزرق احدي الولايات التي ظهرت بعد قيام ثورة الإنقاذ الوطني في العام 1989م وتبني قادة الثورة مفهوم الحكم المحلي وتقصير الظل الإداري بعد أن كانت البلاد بها تسعة أقاليم كان نصيب النيل الأزرق أن يكون جزء من الولاية الوسطي سابقا والتي كانت عاصمتها ود مدني ،في يوم 14 فبراير 1994م أصدر السيد رئيس الجمهورية المرسوم الدستوري العاشر والذي بموجبة ظهرت منطقة النيل الأزرق كولاية ضمن ولايات السودان ال26 وكان ذلك المرسوم تعديل للمرسوم الدستوري الرابع والخاص بتأسيس الحكم المحلي لسنة1991م .تمتد ولاية النيل الزرق في مساحة قدرها38500 كليومتر أي حوالي 808 مليون فدان، وتقع بين خطي عرض 9,30 و12.34شمالا وخط طول33.5 و35.5 شرقا.
تقع ولاية النيل الأزرق في وسط جنوب شرق السودان وبهذا تمتد حدودها الشرقية مع ولاية القضارف وحدودها الشمالية مع ولاية سنار وجنوبها وغربها تقع ولاية أعالي النيل أما الحدود الدولية مع إثيوبيا تمتد شرقا وجنوبا بطول 388 كيلومتر ، وبهذا تكون الولاية شمالية الهوي بالتاريخ او ما وثقتة اتفاقية السلام الشامل CPA.
جغرافيا تأخذ الولاية شكل مثلث يضيق في الجهة الجنوبية من محلية الكرمك ويتسع في شمال الولاية في حدودها مع ولاية سنار في محلية الروصيرص.تاريخيا عرفت بإقليم جنوب الفونج وتضم ألان محليات الدمازين والروصيرص وكرمك وقيسان والتضامن و باو وهي تمثل مدن كبري في الولاية.
اعتبرت المنطقة هي منطقة تداخل وتلاقح سكاني وتضم قبائل افريقية أصيلة في المنطقة ومجموعات عربية مهاجرة تلاقحت مع السكان المحليين وهجرات من غرب السودان ومجموعات وافدة من غرب أفريقيا. المنطقة تاريخيا عرفت بأنها المكون المهم في السلطنة الزرقاء وكانت احدي مناطق الإشعاع الديني في السودان. وفيها عرف اقوي أنظمة الإدارة الأهلية القائم علي تدرج المستويات لينتهي بناظر عموم قبائل النيل الأزرق في القمة.
2- التحليل الجغرافي كمدخل لدراسة الإقليم
عند ترسيم الحدود السودانية الإثيوبية إبان فترة الحكم الثنائي1902م اعتبر المستر جوين الذي فوض من الملك منليك ومن وزارة شئون المستعمرات البريطانية ان حافة الهضبة الإثيوبية هي الحد الطبيعي لامتداد الأراضي الحدودية بين البلدين فكل سهل اعتبر جزء من الأراضي السودانية والجبال في الشريط الحدودي بقمقمها هي ما تبع للإثيوبيين، علية فان جغرافيا النيل الأزرق امتزت بسهولها الطينية والحجرية الخصبة التي تتخللها العديد من المرتفعات (الجبال)وتشقها العديد من المجاري المائية (الخيران والأودية ) واعتبر نهر النيل الأزرق هبتها وسر وجودها والرمز الذي أخذت منه اسمها وتاريخها لالتفاف الإنسان في هذه المنطقة منذ فجر تاريخة وارتباطه بالنيل الأزرق.
تنحدر الأرض من الجنوب الي الشمال لتتيح للخيران الموسمية الكثيرة الفرصة التاريخية لمعانقة النيل والتوجه شمالا ، وتصل معدلات الأمطار السنوية الي ما بين 400 الي 1000 ملم لتوفر الري المطري الي حوالي 8.500.000 فدان صالحة للزراعة بل تتميز بنسب خصوبة عالية متجددة سنويا.
أما ناحية الغطاء النباتي فأنة يغطي مساحة عظيمة من أراضي الولاية بل اعتبرت بعض غاباتها مناطق بكر خصوصا في جنوب من الكرمك وشرق الروصيرص في حظيرة الدندر وان تعرضت للقطع الجائر في فترات الحرب في النيل الأزرق، وغطائها النباتي متنوع وموزع علي اغلب المناطق، أما التربة فأنها تتوزع ما بين رملية علي ضفاف النيل الأزرق والخيران والمجاري المائية وطينية خصبة في المساحات المفتوحة والغابات وأراضي سبخة ورملية في ما يعرف الولاية (العزازة) وهي القيزان
3- الأهمية الاستراتيجية للمنطقة
تسيطر الولاية علي حوالي 70% من موارد نهر النيل المائية التي تمر عبر النيل الأزرق ورافده وبالتالي تضم مشروعات مائية ذات أهمية استراتيجية في الأمن القومي السوداني بل تتعداه إلي الأمن القومي المصري ، كما لموقع الولاية الجيوبولتيكي يعطيها أهمية لكونها تشرف علي شمال وجنوب السودان عبر ما عرف بحدود 1/1/1956م في جنوب يابوس،
تعتبر ولاية النيل الأزرق بموقعها لمتفرد وغناها بالموارد الطبيعية وإمكانياتها الاستثمارية ذات أهمية عظيمة من الناحية الاقتصادية والتي إذا ما تم توجية الاستثمار فيها يمكن أن تصبح من أكثر الولايات تقدما ورخاء وتضم الولاية في أراضيها أخصب الأراضي الزراعية ذات الإنتاجية العالية التي تستخدم مياه الأمطار كوسيلة للري وتزرع فيها العديد من المحاصيل النقدية والزراعات الاخري .
التعليقات (0)