ولادة حزب الله –الجزء الثالث- وهنا أدركت إيران أن الخلاف السياسي والثقافي يظهر بين ما نشأت عليه حركة أمل والطائفة الشيعية اللبنانية من ثقافة وسياسة قائمتين على الارتباط بالمحيط العربي، انسجاماً مع أصولهم العربية والتمسك بمشروع الدولة اللبنانية الواحدة والعيش المشترك الذي قام عليه لبنان، وبين ثقافة ايرانية جديدة قائمة على رفض الأنظمة والدول التي لا تقوم على أساس ديني، وخصوصا النظام اللبناني الذي وصفه الإمام الخميني في ذلك الوقت بالنظام الفاسد والمجرم، وبدأت بعض المجموعات المحسوبة على ايران والمرتبطة بسفارتيها في بيروت والشام يرفعون شعار الجمهورية الإسلامية في لبنان، وهذا ما رفضته الطائفة الشيعية وقيادتها السياسية والدينية بشكل قاطع وحاسم واعتبروه أمراً غريباً عن حياتهم السياسية والدينية، التي مضى عليها قرون من العيش المشترك مع الطوائف المتعددة، وهو أمر لم يسمعوا به من علماء الدين ومراجع الفقه في جبل عامل والعراق. ولذلك وقفت حركة أمل لا يمكن أن تكون أداة لها في مشروع تصدير الثورة خارج ايران». هذه الملابسات المعقدة هي التي جعلت الكثيرين في إيران ولبنان لا يرون في أمل القدرة أو الرغبة في حمل المشروع الإيراني. وبعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان والدور الذي قام به الحرس الثوري الإيراني مع عناصر لبنانية دربها الحرس، بدأت ملامح اخرى لمشروع المقاومة المفترض تتشكل تدريجيا على أرض الواقع. لم تظهر ملامح مشروع المقاومة المفترض هذا فقط بفعل الدور الذي لعبته إيران، بل أيضا لأن حركة أمل لم «تبلور مشروعا سياسيا دينيا بسبب انتباه الامام موسى الصدر»، وعندما غيب موسى الصدر وعندما شعر الكثيرون بصعوبة بناء «مشروع سياسي ديني حزبي» داخل أمل، فكروا في بديل تحت عنوان «حزب الله»، ودعم هذا أن قيادات من داخل حركة أمل مثل السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي ورجال الدين داخل الحركة وناشطين كانوا على علاقة بحزب الدعوة العراقي، الذي نشأ برعاية إيران مالوا مع المد الإيراني ورأوا ضرورة انشاء مشروع حزبي ديني سياسي وحتى مسلح. ولكن هذا التيار مع الثورة الايرانية وغياب الامام الصدر، أصبح أكثر قناعة بالمشروع السياسي الديني، وعندما لم يجد في حركة أمل مجالا لتنفيذ رؤيته شرع في توثيق علاقته بايران والتفاهم العميق معها على علاقة عفوية. وقد تجلى ذلك في حركة سفر الى طهران وبيروت، وفي سعي ايران الى احتضان الحوزات الدينية التي نشأت في لبنان بعد زعزعة النجف، وبدعم من المرجع الايراني السيد الكلبياكاني والسيد الخوئي، وقد تم لايران ذلك بعد جهد كبير وتحول السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي ورفاقهما من المشايخ في حركة أمل والمستقلين، خاصة من كان منهم على علاقة بحزب الدعوة الى السياق الايراني، وان بقي عدد منهم فاعلين في تنظيم حركة أمل كالشيخ نعيم قاسم». وكما ان علاقات إيران مع أمل تأثرت بسبب اختلاف الضرورات السياسية لدى كل منهما، وهو ما فتح الباب لإنشاء حزب الله، فإن نفس سوء التفاهم حدث بين إيران الثورة وحركة فتح، إذ ظهرت تدريجيا تباينات بين الثورة الفلسطينية ودولة الثورة في إيران التي كانت ترى الثورة الفلسطينية وفتح ورقة في مشروعها النضالي ضد الغرب، بينما كانت حركة فتح تنظر لعلاقاتها مع إيران كطريقة لتعزيز قوتها في نضالها القومي من أجل استعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكما أدت التباينات بين طهران وأمل الى ولادة حزب الله، ادت التباينات بين طهران وفتح الى ولادة حماس والجهاد الإسلامي لاحقا ..ان التباينات واختلاف الاراء بين قادة حركة امل ادت الى ان قسم كبير منهم ينظم للمشروع الايراني وياخذ بمبدأ تصدير الثوره وتطبيق مبدأ السياسي الديني .وبهذا قد تشكلت جبهه جديده شيعيه مواليه لايران اطلق عليها تنظيم حزب الله
التعليقات (0)