أخيرا وجدت روسيا العجوز لنفسها (بقعة ضوء) تنزوي تحتها، بعدما أضحت حديث الساعة بمواقفها المتصلبة حدّ التجمّد تجاه مختلف القضايا العالمية الرّاهنة، ما يثير حفيظة الرأي العام الدّولي تجاهها !..
المشهد الأول :
وزير الخارجية الروسي كان (ضيف شرف) على إجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير بالقاهرة .. ضيفا أُحتفي به أيّما إحتفاء، كيف لا والعرب هم رمز الكرم مع العدو قبل الصديق، لذلك إحتفوا بالوزير الروسي رغم حنقهم وامتعاضهم من التصلب والتشنج الدبلوماسي لحكومته، وهم في ذلك يغفلون أن روسيا عاشت على الهامش عقودا، وانطفأت الأضواء التي كانت مُسلطة عليها منذ إنهيار الإتحاد السوفيتي، لذا أصبحت لاتفوت أي فرصة للظهور من جديد، حتى ولو واقفة بتعنّت على أشلاء الشعب السوري الذي يقتل بعضه بعضا !.. ففي النهاية لايهمها لا بشارالأسد ولا شعبه إن ذهبوا جميعا إلى الجحيم !..
وحتى أولئك العرب الذين يواصلون تملقها، بدعوتها لحضور إجتماعاتهم فقط ليلين جانبها وتغير مواقفها، ليس لديهم ما يستطيعون إغراءها به، فروسيا ليست أمريكا أو دول الإتحاد الأروبي، وهي بالكاد تحتاج من العرب شيئا لكنها رغم ذلك تواصل إذلالهم، وكأنها تخاطبهم في نفسها :(هيا يا أعراب .. قدّموا لي عروضا أفضل بمستوى صيتكم الذائع في التبذير والإسراف) !..
المشهد الثاني :
وزير الخارجية السوري يستقبل مبعوث الأمم المتحدة كوفي عنان بالأحضان، ويُقيم على شرفه وليمة فاخرة !.. ورغم أن الوزير السوري كان حريصا على إيصال لقطات من تلك الوليمة ومن حفاوة إستقباله للموفد الأممي إلى العالم، إلا أن تلك المشاهد لم تكن توحي بالكرم، بقدر ما كانت باعثة على الإشمئزاز !..
إذ كيف يُعقل أن يتأتّى لمسؤول سوري اليوم ومهما كان، وفي ظل الظروف الراهنة التي تعيشها سوريا أن يعرض شهيته المفتوحة على العالم !.. تلك الشهية التي لاتسدّها لا روائح الدماء المنبعثة ولا الأشلاء المُتطايرة، ولا شبح الخراب والدمار المُخيّم على أجواء سوريا، هي الدليل القاطع على أن الحكومة تتعامل مع الوضع هناك بدم بارد !..
أما كوفي عنان ـ الذي حُشر في ذلك الموقف (البارد)، فلم يكن أمامه سوى مجاراة المسؤولين الذين تعلموا البرود والجفاء والتعنت على يد الروس ـ فقد عاد أدراجه من سوريا خاويا خائبا كما دخل إليها !..
وما بين كرم العرب الحقيقي والزائف، يبقى الشعب السوري محروما من كليهما، ومن أبسط حقوقه في الحياة، بل وتقام تلك الولائم فوق أشلاء ضحاياه ؟! .
13 . 03 . 2012
التعليقات (0)