ابريل 2011
16
وكأنها تعرى نفسها!
المصدر: الأهرام العربى
بقلم: دينا توفيق
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=480642&eid=2862
أعتقد أن الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل هو المسئول الوحيد عن الترويج لفكرة الثورة المضادة، فقد كان أول من استخدم هذا المصطلح فى أحاديثه «رغم قدمه» مما أدى إلى شيوعه على نطاق واسع لتوصيف الطبقة المستفيدة من حاشية ورجال نظام الرئيس السابق محمد حسنى مبارك الذين حاولوا ومازالوا يحاولون إجهاض ثورة الشعب فى الخامس والعشرين من يناير، فيما يمكن وصفهم بحزب الثورة المضادة؟ والمشكلة الحقيقة فى مصر الآن هو أن هذا المصطلح أصبح يستخدم عن قصد بشكل فضفاض لتجهيل وإخفاء رموز وأشخاص بعينهم يقودون ويحركون بحرية هذه الثورة المضادة على أرض الواقع، فإذا كان الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء لا يستطيع تحقيق مطالب حقيقية للسيطرة على المظاهرات الفئوية التى اندلعت على مدى الست سنوات الماضية وزادت مع الثورة لمطالبة موظفين وعمال بحقوقهم وعدم ربط أو أدنى اهتمام من النظام السابق بحد أدنى من تقليص الفجوة بين الأجور وارتفاع الأسعار والتضخم، فإن رئيس الوزراء يلجأ ويتفرغ بدلا من ذلك إلى سن مرسوم قوانين ضد الحريات العامة لمنع وإسكات المظاهرات والاعتصامات الفئوية واتهامها بكل سهولة وظنياً بأنها من أفعال القوى، الثورة المضادة بدلا من النزول إليهم والاستماع لهم وتهدئة العمال والموظفين والتشاور معهم لجدولة مطالبهم ووضع خطة تطوير الإدارة وحثهم على العمل وزيادة الإنتاج وتغيير القيادات الفاسدة فى مؤسساتهم الذين عانوا من ظلمهم وجبروتهم وانفرادهم بالتمتع برواتب خرافية، إضافة إلى مزايا وحوافز ومكافآت وإغراقهم بالمال السايب على أنفسهم وعلى حاشيتهم الخاصة دون رقيب أو حسيب فإذا كانت الثورة المضادة بالفعل وراء المظاهرات الفئوية فلماذا لا يسلط رئيس الوزراء الأجهزة الأمنية والرقابية على رؤوس الفتنة وأقطابها لاستئصالهم بدلا من القبض على عامل وموظف فقير ومحتاج لا حول له ولاقوة ويستحق الرثاء على حاله بل وفرض عقوبات صارمة عليه تصل إلى الحبس سنة وغرامة نصف مليون جنيه؟
لقد كانت ترسانة القوانين المقيدة للحريات موجودة ومفعلة مع غيرها من القوانين الاستثنائية ولم تمنع الشعب من أن يثور فى 25 يناير، فلماذا لا يستغل رئيس الوزراء شرعية الثورة لسن مرسوم قوانين لمصادرة ثروة الفاسدين بدلا من تصالح النائب العام معهم لسداد تهربهم الضرائبى أو لاسترداد قطعة أرض هنا أو هناك لعجز القوانين العادية عن ملاحقة ما اغترفوه واغتصبوه واكتنزوه من نهب منظم ومخطط.
إن الفساد المؤسسى الاستثنائى الذى عاشته مصر فى نظام دولة مبارك لا يمكن أن يواجه إلا بقوانين استثنائية ضد الفاسدين وليس فى اتجاه معاكس ضد الفقراء. فالأموال التى سلبها من الشعب أباطرة لصوص رجال الأعمال لابد أن تعود للشعب بدلا من استغلالها فى بقاء منظومة الفساد وعودة الحزب الوطنى ومحاولة إعادة ميت إكلينكيا للحياة السياسية فى لجنة الحوار الوطنى عبر نغمة رفض الإقصاء والاستبداد تحت مسمى زعم التصالح الذى تزعمه يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء والتطهر دون تطهير وعزل وتجميد بقايا أداة حزبية ظلت تأكل وتشرب وترتاع وتسبح وتصفق وتشجع وتنافق وتقول نعم للفساد بحب وبحرارة وشوق طوال 30 عاما ولم تتورع بأن تجمع كل قواها وتراهن وتبشر وتستمرئ وتدشن مشروعها القومى فى تمرير امتداد الفساد من الأب وتوريثه للابن الذى أثبت كفاءة ولياقة وجاهزية واستعدادا فى أن يبتكر ويتقاسم ويتشارك مع كل منهج ومنحى فاسد ومفسد فى مصر. إن الشعب الذى خرج فى يوم الجمعة ليعلن استمرار الثورة ويعلن رفضه التصالح مع الفاسدين حتى يسقط ويقصى بقايا نظام مبارك من أمثال صفوت الشريف وفتحى سرور وزكريا عزمى وغيرهم من المتسللين أقطاب الثورة المضادة، أعلن بوضوح أنه لن يرضى أن يسقط القناع ويبقى الجسد من عصابة الحزب الوطنى وباقى اللاعبين فى الكواليس من الخلايا النائمة فى النظام حتى يشعر المواطن بأن هناك تغييرا ما ملموساً فى الفكر والعقيدة والأساليب على أرض الواقع حققته ثورته وشهداؤه لوطن يريد أن يتنفس الحرية. وسيموت ولن يتنفس أو يشارك بالصمت أو الغفلة وكل قوى الثورة المضادة طليقة تعمل وتحوك مؤامرات للالتفاف على ثورة الشعب من نوعية تهديد الاستقرار بالفتنة الطائفية أو بشغب فوضى الملاعب والحرمان من ممارسة النشاط الرياضى أو بزعزعة الثقة عبر اختبارات تطوعية لكشف العذرية للإيقاع بين الشعب والجيش. وتارة أخرى تسن قوانين مسلوقة لفلول مذعورة تجرم الاعتصام والتجمهر والمظاهرات أثناء العمل لتستخدمها وفق أغراضها للقمع والقهر وضد حقوق الإنسان وتنسى فى زحام الفوضى ولوثها العقلى أن تجرم الإضراب عن العمل وكأنها تعرى نفسها بنفسها وتفضح أغراضها المعلنة المشبوهة. إن الشعب اليوم يعلم ويعى من هم أعداؤه من زعماء الثورة المضادة وأعوانهم الذين يهددون استقرار الأمة حتى يعودوا إلى مواقعهم للاستمرار فى النهب المنظم. وهم من أصروا على مكافأة وتعيين نادية حليم وعبداللطيف المناوى وانتصار شلبى مستشارين لرئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون وأبقوا على هالة حشيش رئيسة قطاع القنوات المتخصصة تكريما لهم جميعا لدورهم فى العداء للثورة.
فهل يعلم القائمون فى السلطة والحكومة والنيابة العامة الذين يمثلون الشعب ما يعلمه ويريده الشعب وثورته بدلا من سياسة التقطير فى مساء كل يوم خميس لتهدئة مفقودة لصباح كل جمعة؟!
وأخيراً. لا تنسوا ففى كل أسبوع يوم جمعة.
التعليقات (0)