موقع السودان من زيارة السيسي للرياض
مصعب المشرّف
25 أبريل 2017م
من بين ما رشح عن زيارة السيسي الحالية للرياض ، أنه جاء يحمل في يديه مستندات مزورة ومفبركة عن دعم سوداني للإرهاب في المنطقة .... وينسى السيسي في هذه الهوشة الأمنية التي تتعرض لها بلاده في سيناء والقاهرة والعديد من المدن القرى المصرية أن مصر كانت في الأصل هي المفرخة التي فقس منها الإرهاب على نطاق العالم .. وأن الإرهاب صناعة مصرية 100% منذ عهد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا وما يعرف بتنظيم الستار الحديدي ، المتخصص في الإغتيالات السياسية والتفجيرات ضد الأقباط .. ثم تشكيل ما يعرف بتنظيم التكفير والهجرة على يد المهندس شكري مصطفى .. ثم ومؤلفات سيد قطب .... وفتاوى وخطب الشيخ عمر عبد الرحمن فيلسوف ما يسمى بتنظيم الجهاد ... وواقع أن زعيم القاعدة الأصل هو الطبيب المصري أيمن الظواهري الذي كان سابقاً اليد اليمنى لأسامة بن لادن . وأن قيادة القاعدة اليوم معظمها تحت قبضة مصريين تقريبا .
وبالطبع فإن السيسي إنما يحاول هنا (بكل سذاجة) دق إسفين في العلاقة ما بين السعودية والسودان ؛ العلاقة التي أصبحت تخطو خطوات واسعة نحو تحالف إستراتيجي طويل المدى يتمثل بشكل أساسي في 3 محاور:
1)تحالف عسكري مستقر فاعل بين البلدين لمواجهة الأطماع الإيرانية في المنطقة ، ومحاولتها السيطرة على البحر الأحمر ، والحرمين الشريفين.
2)إستراتيجية شراكة عادلة لإنتاج غذائي مشترك واسع ؛ لضمان الأمن الغذائي للسعودية ودول الخليج العربي عامة في مواجهة المخططات الإيرانية لحرمان المنطقة من إمداداتها الغذائية القريبة المصدر.
3)إستراتيجية تبادل خبرات وقوى عاملة ومهنية تحافظ على صيانة وتماسك وتعبئة الجبهة الداخلية للسعودية ، لضمان القدرة على مواجهة طويلة المدى ضد إيران والعراق وسوريا وروسيا.
ومن بين كل الدول في الساحل الغربي للبحر الأحمر ..... ومن بين كافة شعوب هذه الدول ذات الموقع الإستراتيجي بالنسبة لشبه الجزيرة العربية . برز إسم السودان وشعبه مؤخراً كبلد متماسك ؛ لم تتمكن رياح ما يسمى بالربيع العربي من المساس بنسيجه الإجتماعي ووحدته وأمنه وإستقراره .. وهو ما يؤكد على أن هذا الشعب السوداني كان وسيظل على ما عهده عليه الناس من الحضارة والنزاهة ، والرزانة والرصانة ... والصبر على المكاره ... والقدرة على تلمس الطريق الوعر .. وحقيقة أنه يمتلك في عقله الباطن خارطة طريق واضحة المعالم ، حيث لم ينجرف الشعب إلى تخريب ما بيده من منجزات .. وإختار مد الحبل وإمساك شعرة معاوية ؛ قبل أن يستنفذ صبره على نظامه الوطني الحاكم.
ومن جانبه فقد كان تفهم نظام الرئيس عمر البشير الحاكم لضرورة وموضوعية التغيير والتطوير ، والإمتثال لرغبات وطموحات الشعب لجهة المشاركة والتنمية والحرية ومحاربة الفساد ...
وقد كان تفهم الرئيس البشير حكيما ؛ حين أعلن الدخول في حوار وطني سوداني. والتأكيد بحرصه على العمل بمخرجات هذا الحوار الذي من المتوقع أن يكون (لو جرى الإلتزام بمخرجاته) الحدث الأبرز في سنوات القرن الحالي على نطاق العالم.
إذن نستطيع القول بكل الثقة : أن السودان يقدم اليوم النموذج الأمثل لدولة أفريقية عربية مستقرة فاعلة بموارد وإمكانات وثروات طبيعية ومعدنية وغذائية ؛ تجعل منه الملاذ الأوفر أمناً لإستثمارات ورؤوس الأموال العربية.
وبالطبع فإن محاولات النظام المصري دق إسفين في العلاقة بين السودان والسعودية لن تجدي نفعا . وذلك للعديد من الأسباب أهمها الآتي:
1)أن النظام الحاكم في السعودية ليس وليد اليوم أو البارحة .. ولكنه يتمتع بخبرات طويلة عميقة على نحو يحول دون إنزلاقه في الأهواء والإنجرار وراء المكايدات الساذجة البائسة من هذا الطرف أو ذاك .. لاسيما حين يكون هذا الطرف مشغولاً بتحصيل المصالح لنفسه وحده .. يبخس الناس أشياءهم .. يعلي كثيراً من شأن نفسه ... أناني لا يهتم بحقوق غيره.
2)لقد حصل نظام الرئيس المصري السيسي من الدعم السعودي المالي والسياسي والمعنوي ما لم يحصل عليه نظام عربي من قبل ؛ سواء خلال عهد المغفور له بإذن الله الملك عبد الله بن عبد العزيز . أو خلال عهد خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز أيده الله وأطال عمره..... ولكن مع كل الأسف لم بحفظ نظام السيسي للسعودية هذا الجميل .. وكان آية خذلانه رفضه الصريح المشاركة في التحالف العربي الإسلامي لمواجهة التدخل الإيراني الطائفي في اليمن وإحتلاله للسلطة هناك تحت رايات الحوثي . رغم أن الكافة يعلمون جيداً أن طهران وجزء من حرسها الثوري هو الذي يحارب التحالف العربي الإسلامي هناك. وأن الحوثي ليس سوى خيال مآتـة ....... وأن علي عبد الله صالح ليس سوى عبد مصالح.
3)وبالطبع فإن السيسي حين حمل ولملم هذه المستندات المفبركة عن دعم سوداني للإرهاب في سيناء ومصر وضد قوات الفريق الليبي حفتر ... فإنه إنما رغب أن يأخذ معه "مبررات" رفضه الإنحياز للحق العربي والدخول في حلف عاصفة الحزم .... أو كأنه يقول بالبلدي الفصيح .. "أنا مش حأقدر أدخل في حرب ضد الجيش الثوري الإيراني في اليمن لأن الجيش بتاعي مش فاضي ؛ بسبب أن السودان مش عايز يسيبني في حالي . وبيدعم الإرهاب في سيناء وداخل القهرة والمدن المصرية .. وعلى الحدود الغربية ضد حفتر" ......... ونحن نقول للسيسي أنه إذا كان لديك مخابرات فإن لغيرك مخابرات أيضا ... ولدى هؤلاء القدرة على الإدراك والمعرفة والتمييز ما بين الطيب والخبيث.
4)على أية حال فإنه وبحسابات بسيطة . فلن تستطيع مصر أن تقدم شيئا للتحالف العربي الجديد ... فليس من المتوقع أن يوافق الجيش المصري الدخول في حرب بأرض اليمن مرة ثانية .... وذلك لمعطيات كثيرة أهمها الجانب النفسي السلبي الذي فرضه هزيمته في حرب اليمن على عهد الراحل جمال عبد الاصر ومقتل 20,000 ما بين ضابط وجندي مصري ذهبوا لدعم وتثبيت قوائم الإنقلاب العسكري الذي قاده المشير عبد الله السلال ضد النظام الملكي في صنعاء.
5)من جهة قدرات مصر على لعب دور إستراتيجي في الحفاظ على الأمن الغذائي العربي . فقد أصبح إحتمال أن تفقد مصر أية آمال معقودة عليها بهذا الشأن وشيكاً إن لم يكن ماثلاً ... وذلك بالوضع في عين الإعتبار ما سيفرضه سد النهضة الأثيوبي من حقائق على الأرض ؛ تجعل من مستقبل مصر المائي رهينا للغير ... وقد فشلت التجارب المصرية في إستخدام مياه الصرف الصحي لري المحاصيل الحقلية والأشجار اليستانية لديها . بعد أن ثبت عليما أن المزروعات الحقلية كالفول المصري والطماطم والفجل والكرات والبصل والثوم والخيار والخس والخضروات الورقية جميعها .. إلخ لا تستطيع أن تتخلص من السموم ومخلفات مياه الصرف الصحي .. وكذلك الحال بالنسبة للمنتجات البستانية كالفراولة والبرتقال والعنب ومثيلاتها ....
أخيراً فلربما يحتاح النظام المصري إلى بعض الوقت كي يدرك أن زمان حل المشاكل بينه وبين السودان من داخل قصر عابدين في القاهرة قد ولى إلى غير رجعة ..... فها هو اليوم يطير إلى السعودية كي يستجدي الحل لمشاكله مع السودان في عاصمتها الرياض ..... وغداً لن يكون أمامه من مناص سوى المجيء إلى الخرطوم ليطلب الرضا والسماح ... ويجد لنفسه الحلول.
الشعب السوداني يقف اليوم صفا واحدا للدفاع عن كرامته وصيانة حقوقه ؛ والعمل على إسترجاع الأجزاء المحتلة المنهوبة من أراضيه .... والشعب السوداني يدرك اليوم أن أكثر من 90% من أوراق اللعبة مع مصر في يده هو ....... ولكنه يؤثر عدم إستخدام جميع الكروت ..
التعليقات (0)