مواضيع اليوم

وفي القاعدة رؤوس قد أينعت..

كلكامش العراقي

2010-11-05 19:53:28

0

 بالأمس شرعت بكتابة موضوع عن الجريمة الأرهابية النكراء لتنظيم الدولة الأسلامية بحق العراق وشعبه والتي جرت في كنيسة سيدة النجاة وضد أحد أكثر أطياف الشعب العراقي حبا للسلام..عندما شرعت بالكتابة خانتني التعابير وصراحة لم أجد كلمات تلائم هذا الحدث..فلا العزاء يجدي ولا اللعن يرد بريئا أزهقت روحه الطاهرة على يد ظلاميي القرون الوسطى  ولا حتى اللوم يجدي نفعا..آثرت أن أستكمل الموضوع في اليوم التالي خاصة بعد أن شاهدت على عدد من المواقع صور لشهداء هذه الجريمة..وأملت في نفس الوقت أن تتضح الصورة أكثر لكي نكون منصفيين في حكمنا على ماجرى وبالطبع كلمح البصر مرت الساعات لأفاجئ وأنا أطالع الأخبار بسلسلة مرعبة من الأنفجارات التي طالت بغداد طولا وعرضا..

إذن أنها المعركة الحاسمة فأما أن نكون أو أن نكون ولاخيار آخر لدينا..

فالهجمات الدامية المتتالية التي طالت بغداد كانت ذات رسالة واضحة لا لبس فيها..

معركة تلقى القاعدة فيها بكل ثقل فلولها المتبقي من أجل أفشال كل ما تحقق في السنوات الماضية.ثقل ما كان أن يكون ذو أهمية لولا لافراغ السياسي الناتج عن النرجسية والبحث عن المصالح التي أعمت بصر الساسة العراقيين وبصيرتهم (ولا أستثني منهم أحدا) فصار الحفاظ على الكرسي أهم بمليارات المرات من الحفاظ على أرواح أبناء شعب أبرياء تفتك بهم شراذم الشعوب..

ما حصل بالأمس في بغداد من تفجيرات وما سبقه من أحتجاز رهائن يدعونا أولا الى مراجعة شاملة وجذرية لكل الأستراتيجيات الأمنية وكلل الخطط العسكرية الموضوعة لأدارة أمن المدن العراقية،فالعدو بدء الآن بتغيير أساليبه وبعد أن ركز في الفترة الأولى لنشاطه على الكم تحول الى النوعية في الهجمات والتي تمثلت بضرب أهداف ذات قيمة أمنية وأعلامية عالية كوزارة الخارجية والمالية ومبنى محافظة بغداد ولكن التحول الخطير اليوم هو أن العدو أنتقل الى مرحلة المزاوجة بين الكم والنوع في عملياته وهو ما يشير الى ان الضغط الكبير الذي كان مسلطا سابقا على التنظيم قد تراجع اليوم حتى أنه أستطاع أن يفجر أكثر من أثنتي عشر سيارة ملغة في وقت واحد وهو ما لم تشهده بغداد حتى في أسوء أيام عامي 2006 و2007.

إن نجاح أرهابيي القاعدة في أستهداف هذا الكم الهائل من الأهداف(رغم أنها جميعا أهداف هشة وغير محمية جيدا) لا يؤشر خرقا أمنيا بقدر ما يشير الى ضعف وتراخ يجب معالجته فورا..من الممكن أعتبار ما حدث في تفجيرات الأربعاء الدامي خرقا،ومن الممكن أن نعتبر ما جرى للبنك المركزي خرقا أيضا..وقد يكون للحكومة الحق في أعتبار ما جرى في الكرادة من أحتجاز لمصلين في الكنيسة خرقا حتى،أما أن تنجح أثنتي عشر عجلة في الوصول لأهدافها من دون أن تعترض عشرات السيطرات المنتشرة أحدها قهذا أمر يتجاوز وبشكل كبير مفهوم الخرق الأمني.أن ماجرى يشير الى ضرورة أجراء عملية أعادة هيكلة جذرية لقيادة عمليات بغداد التي أدت دورا هاما في السنوات السابقة إلا أن ظروف المعركة الحالية وتكتيكاتها تفرض علينا أن نغير نحن أيضا من أساليبنا وهو ما لم تنجح به عمليات بغداد حتى الآن فهي لازالت تتبع نفس الأستراتيجيات القديمة والتي أدت لتلك الخروق وستؤدي في حال الأستمرار بها الى مزيد من هذه الفواجع للأسف.

القصور الأمني يتركز أساسا في الجانب الأستخباري الذي يشكل الخط الدفاعي الأول والأقوى في الحروب مع التنظيمات الأرهابية ومع غياب المعلومة الأستخبارية الدقيقة يصبح الأنتشار العسكري على الأرض غير ذي جدوى خاصة مع عدم توفر المعدات اللازمة لكشف المتفجرات واعتماد كثير من النقاط والسيطرات على جهاز كشف المتفجرات الذي أثبتت الحكومة البريطانية نفسها فشله وفتحت تحقيقا مع الشركة المصنعة له متهمة أياها بالأحتيال،الى جانب الأستخبارات يمثل غياب الأنضباط سببا آخرا للفجوات والأختراقات ففي معظم السيطرات تجد الجنود وعناصر الشرطة وهم غير متأهبين (ترك أبراج العجلات العسكرية من دون وجود أحد فيها،يد الجندي ليست على الزناد هذا أن لم يترك السلاح جانبا،عدم أرتداء الخوذ والسترات الواقية من الرصاص خاصة في الأيام الحارة،الدخول مع رفاقه في أحاديث جانبية،أستخدام الهواتف النقالة أثناء الواجب...الخ) وهنا يأتي دور الأنضباط العسكري وأمراء الوحدات الذين يجب أن يحاسبوا في حال لم يلتزم جنودهم بالأوامر العسكرية.

لقد فشلت الحكومة في أدامة الضغط على عنصار القاعدة وأعطتهم للأسف مجالا لتنظيم أنفسهم مجددا وكان من المفترض أن تتهيأ الأجهزة الأمنية لمثل هذه التطورات منذ أن حدثت معركة النخيل قبل شهرين والتي أثبتت أن هناك معسكرات للقاعدة في الأماكن النائية ولا بد من سحق هذه التجمعات لكي نبقي عناصر التنظيم منشغلين بالهرب بدلا من أعطائهم متسع لألتقاط الأنفاس والتخطيط لعمليات جديدة،لقد نالت الحكومة فرصة ذهبية لسحق القاعدة بشكل نهائي حين تمكنت من تصفية رؤوسها مطلع الصيف الماضي لكن التركيز على هذا المنجز وعدم أدامته أدى الى أن تأخذ القاعدة فرصة جديدة تحاول فيها أن تلملم بقاياها وهو ما يجب التركيز الآن على عدم السماح به خاصة بعد عملية سيدة النجاة التي أرى فيها ناقوس خطر تدقه القاعدة لنا ولها،فهذه العملية تؤكد أن التنظيم يعاني من نقص في الكوادر الأجنبية فيه وهو بمثل هذه العمليات يحاول كسب مزيد من المناصرين له مستغلا الأحتقان الطائفي في المنطقة بأسرها ومن غير المستغرب أن يحاول التنظيم في المرحلة المقبلة العزف على أوتار أخرى عله ينجح في جذب المزيد من المناصرين ولذلك بالأمكان القول أن هذه العملية بقدر ما تمثل دليلا على أنتقال عمليات القاعدة الى مستوى جديد فهي في الوقت ذاته تؤشر محاولة للتنظيم للتذكير بوجوده خاصة بعد أن غطى عليه الدور المتنامي لأجنحة القاعدة في مناطق الجزيرة العربية وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي أضافة الى منطقة القبائل في باكستان وهو ما سيعني تحول التمويل الخارجي الى هذه الفروع والذي سيؤدي بدوره الى عملية موت بطئ للتنظيم في العراق.لذلك أراد التنظيم العودة الى الواجهة بهذه الجريمة وما تبعها من تهديد فارغ لأقباط مصر خاصة ومسيحيي المشرق عامة بالأبادة والدليل على كلامنا أن ما تبع ذلك من أعتداءات طالت معظم أحياء بغداد نفذت جميعها بدون أنتحاريين بل بسيارات مركونة في الأحياء المستهدفة رغم أن عدد الضحايا سيرتفع أكثر بوجود الأنتحاريين (وهو أمر يهم القاعدة كثيرا) مما هو في التفجير بالمؤقتات لكن نقص الأنتحاريين وعدم المقدرة على توفير هذا العدد منهم حال دون أستخدام هذا الأسلوب.

هذا الأمر يجب الأنتباه عليه ويجب أيضا الحرص على التعتيم على أي أنشطة للقاعدة من أجل خنقها أعلاميا وماديا مما سيسهل من عملية القضاء عليها.بالطبع هذا لايعني عدم مصارحة الشعب بأعداد شهدائه وجرحاه أو محاولة التقليل من خطورة الحدث كما تقوم بذلك للأسف قناة العراقية التي حاولت التغطية على الحدث من خلال الأستمرار بتقديم برامجها اليومية المعتادة حتى الساعة الحادية عشرة حين بدأت بالأتصال بالمسؤولين الذين طمأنوا المواطنين الى أن كل شئ تحت السيطرة! وأن أعداد الضحايا قد بولغ بها وليؤكد وزير الصحة أن عدد الجرحى الذين بقوا في المستشفيات بسبب حالاتهم الخطرة هو مئة وثلاثون جريح (فقط) فيما يعلن اللواء قاسم عطا بأن الوضع تحت السيطرة والأجراءات الأمنية حالت دون تفجير سيارتين أخريين (وكأن مافجر من سيارات كان قليلا!) مما دفع الكثيرين بعد أن يئسوا من الحصول على أي معلومة منها للأتجاه لقنوات كالشرقية التي أستغلت الموقف بأبشع صورة من خلال بث مباشر وتقارير مبالغ بها عن أعداد الضحايا أضافة الى تحليل أمني وسياسي جعل ما جرى اليوم الأخير في تاريخ العراق.

على الحكومة التهيؤ لمثل هذه العمليات مستقبلا من خلال أعداد قوة خاصة بتنفيذ مهام الأقتحام السريع وأنقاذ الرهائن وبالطبع هذا الأعداد يجب أن يتم بالأستعانة بدول ذات خبرة في هذا المجال كالولايات المتحدة وروسيا وحتى أسرائيل التي لها باع طويل في هذا المجال من خلال العديد من عمليات تحرير الرهائن التي نفذتها قوات الكوماندوز داخل أسرائيل وخارجها ولنترك العواطف والمجاملات السخيفة جانبا فهي لن تحمي العراقيين ودماءهم من عهر الأرهابيين.

حديثنا عما جرى من جرائم يجرنا أيضا للدخول للجانب السياسي.فالمسبب الأكبر لهذه الهجمات هو الفراغ السياسي الذي هيأ الأجواء للقاعدة لتلتقط أنفاسها بعد ثمانية أشهر كاملة من أنتخابات أراد العراقيون أن يبنوا من خلالها بلدهم لكن الساسة شاؤوا أن يستخدموها لتعطيل البلد بأسره.فالتقاتل على الكراسي بين مختلف الكتل السياسية جعل كل القضايا الأخرى غير ذات أهمية،للأسف صار المهم بالنسبة للسياسي العراقي أن ينال كرسي الحكم ولو أدى صراع الساسة هذا في النهاية الى أهلاك الشعب بأكمله...المهم أن يتزعم السيد فلان البلد ولو كان خاليا من أهله تماما.

للأسف قابل السياسيون تضحياتنا كشعب بنكران الجميل..وبدلا من أن يثمنوا للعراقيين تحديهم للموت وزحفهم نحو صناديق الأقتراع رغم التفجيرات وتساقط القذائف نراهم يهزؤون بنا المرة تلو الأخرى من خلال أنتظار موافقات من دول لم يعرف تاريخها الطويل مع العراق غير العداوة والبغضاء..أ فبهذا تردون لشعبكم الجميل؟؟

بالجلوس مع من فتح حدود بلاده لعبور البهائم المنتحرة ومصافحته أمام الكاميرات؟؟

بالتزلف لمن ملئت أسلحتهم مخازن المليشيات؟؟

أم بنيل المباركة ممن كانت جوامعهم تحرض ليل نهار ضد العراقيين وتدعو لأرسال الزكاة لتمويل العهر(وعذرا لكل مومس شبهنا مهنتها بمهنة المجاهدين) المسمى بالجهاد؟؟

أما خجلتم وأنتم تعلنون أن فلانا قد أجمعت عليه دول المنطق كمرشح لمنصب رئاسة الحكومة فيما يرد الآخر بأن هذا محض هراء وأنه هذا الفلان لاترضى به أي دولة أقليمية رئيسا للوزراء!!!

أي هراء وأي أنحطاط هذا؟؟

هل صوتت لكم بغداد والأنبار والبصرة وأربيل والنجف والموصل أم صوتت لكم القاهرة وطهران ودمشق والرياض....والدوحة!!!

توبوا الى شعبكم أيها الساسة من رجس الجوار..

وأرجوه الصفح..ولتقنعوه بعد ما شهدناه بأنكم وعيتم الدرس..

لقد خسرنا بسبب صراعاتكم أحباء كثير..وخسرنا كثيرا مما تحقق في السنوات الماضية..

الأرهابيين الذين أعتقلوا بعد عاثوا فسادا وقتلا في الأرض أطلق سراحهم مجاملة لأحزابهم وكتلهم بدلا من أن تعاقب تلك الكتل على دفاعها عن أوغاد مثل محمد الدايني وقيس الخزعلي وغيرهم العشرات ممن شملتهم الحكومة بعطفها الأبوي وأفرجت عنهم أو غضت بصرها عن أعتقالهم تاركة خلف ظهرها كل قطرة دم زكية سفكها هؤلاء القتلة..

حتى القاعدة المشتتة والمتخبطة أعطيتموها بكرمكم الكبير فرصة لأعادة تنظيم صفوفها..

أيها السادة المسؤولين هناك في القاعدة رؤوس جديدة قد أينعت ولا بد من قطفها..

فإن عجزتم عن ذلك فرجاءا أتركوا مواقعكم لمن هو قادر على ذلك..

وأرحموا شعبا يسفك دمه منذ سبعة وأربعون عاما..

المجد للعراق ولشعب العراق...والخزي للقتلة

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات