(8)
الحكم
هل لديكِ أقوال أخرى؟
اجل , اعلم الكل يرى أني مذنبه واني متشبهة وهناك من يرى أني مسكينة,
والبعض الآخر لا يتوقف أصلا عند مشكلتي بل انه لا يراني أبدا ولا يأبه بما يحدث لي ,
ولكل من تم سجنهم معي وينتظرون تنفيذ الحكم به مثلي
اعتذر , لم أشأن ان تشاركوني في هذا المكان بعد ان تشاركنا أماكن أخرى
بعيدا عن أعين المتطفلين وفضول المتلهفين على التدخل في حياه الآخرين
وقف الكل وغاب الكل إلى الداخل
بعد يومين سيصدر الحكم من محكمه الإستئناف اما تأيد للحكم الأولى الصادر بحقي وهو السجن سنه لمخالفتي لقوانين الدين والدوله وتشبهي بالجنس الآخر وإفساد المجتمع وبث السموم به
او العفو واعتباري مريضه نفسيه لا تعرف تعاني من خلل في تحديد الهويه ,
او ربما وصفي بالجنون لتسقط كل التهم الموجه ضدي
هل انتظر السجن
ام البراءه
لو كنت قاضيا ما سيكون حكمك
او حكمكِ
صدر الحكم .... اجل صدر .... كنت في زنزانتي الضيقة اجلس بتمرد ...
اضع قدمي على الحائط ورأسي على الوساده الملقاه بالأرض ..
مناهي
صرخ ذلك الحارس البائس
لم أرد اكتفيت بالتفاته ازدراء مني له
فمنذو دخولي هنا في السجن ولحين صدور الحكم وضعوني في حبس انفرادي
خوفا من اختلاطي بالنساء
اذكر أن مأمور السجن عندما رآني شهق وقال ( مستحيل تكون بزنزانة عامه )
وكذا كنت بسجن انفرادي
مد لي الحارس ورقه قرأتها بهدوء
أنها صوره الحكم الصادر علي بالسجن سنتان
لم أكمل التفاصيل غبت عن الوعي
أردت ان يزورني الموت الذي دائما ما يهرب مني إذا أردته
أصبت بصدمه أفقدتني القدرة والرغبة في الكلام سيبدو أن سوء حالي جعل من مأمور السجن يعطف علي بعد ان عرضني على الأطباء بداخل السجن فسمح لي
بالخروج والاختلاط مع باقِ النسوة
ياااه بعد ان كنت حرة طليقه افعل ما أشاء وكيفما أشاء أكون هنا بين تلك الجدان
الرمادية الجالبة للكآبه
أين من انفقوا علي وأهدوني الهدايا الكل تنكر لي ورفض ان يعترف بأنه قد رآني يوما خوفا على مراكز اجتماعيه كانوا بها ,
امي اين امي لا اعلم
أخواتي بعد الخلافات المستمر التي كانت تدب بيننا ورفضي تعليقهن المستمر على شكلي
قمن بطردي من منازلهن او الاحتكاك بأبنائهن
من بقى
لي
لا احد
حتى انا
تخليت عني
وفضلت الهروب والصمت والسكن في أعماق الحزن
ي..ت..ب..ع
(9 )
ميراث ميت
احد الطرق الموصلة للجنون , إيقاف إدراك الشخص بالوقت أو الأيام
فالأمس مثل اليوم واليوم سيشبه الغد .
وتوقيت الساعة لا يهم فمهما جرت عقاربها لن يحدث جديد هنا .
بعد شهرين من صمتي التام وتعرضي للكثير من المضايقات من قبل السجينات
فضلت ان ألجأ لمكان بعيد عنهن . فوجدت ان المكتبة في ذك الوقت كان خير ملاذ لي
بجانب المكتبة مصلى لم ادخله أبدا منذو ان وصلت هنا .
اجلس بالمكتبة ليس لأني أريد ان اقرأ ولا
لأني استمتع بسرد الموظفة هناك لقصه حياتها علي فهي تعلم أنها مهما
أخبرتي من أسرار لن أبوح بها لأحد .
لذلك هي تخبرني أنا وان لم أكن هنا وتبوح لي ستشعر بأن
كره المشاكل التي تتدحرج
في حياتها ستقتلها قريبا .
لذلك كان البوح وكان ادعاء الإصغاء
في أحد الأيام لا اعرف ايها ولكنه يوم , ذهبت كعادتي للمكتبة ووجدتها مغلقه ,
قيل ان الموظفة مريضه وستتغيب عن العمل اليوم والأيام المقبلة .
لا شعوريا دخلت في المصلى لست بحاجه إلى ارهاق نفسي اكثر
والتواصل مع من بالخارج بلغه الإشارة.
كان المصلى بارد , هادئ لا يوجد به أحد ... يبدو ان توقيت دخولي لم يكن توقيت صلاة ... جلست أتأمل بتلك السجادة الزرقاء التي أجلس عليها والتي بها خطوط اقل زرقة ليقف عليها المصلون .. وهناك رف وضعت عليه مصاحف ..
وهناك مكتبه كبيره كتب عليها ركن خالد...
وقفت واقتربت أتأمل المكتبة .. من خالد ؟
يؤؤؤؤؤؤؤؤه كتب ما احب اقرأ
قلت في نفسي
حسنا ما الذي سأفعله لتمر الساعات القادمة , فلا يوجد احد يتحدث وادعي الاصغاء له والاهتمام وانا اتأمل في لون شعره او تسريحته , كما كنت افعل مع موظفه المكتبه .
اقتربت اكثر وقرأت عناوين الكتب . شدني عنوان
سحبت الكتاب
قرأته ...
كأنه يتكلم عني
هل يراني الكتاب الآن
هل الكتاب كائن هي
قرأت العناوين مره أخرى
1/ يا الله
2/ فكر واشكر
3/ما مضى فات
4/ أترك المستقبل حتى يأتي
لا تحزن كان اسم الكتاب لمؤلفه الدكتور عائض القرني
على هامش صفحات الكتاب تعليقات كتبت بالقلم الرصاص.
(هذه الجملة أصابت كبد الحقيقة )
( هنا أتذكر موقفي مع عادل .. وسأسامحه لله )
( سأفعل أنا قادر على ان افعل )
لم اعرف من كتب تلك العبارات كل ما اعرفه أني اندمجت بالقراءة وشعرت أني أغوص في أعماق ذاتي حتى فاجئتني الشرطية التي تقف على الباب وهي تصرخ
( يالله كل وحده على عنبرها موعد النوم )
لم انم تلك الليلة كنت افكر بكل جمله قرأتها في ذك الكتاب
وكل تعليق كتب ع الهامش خطه أحدهم .
ظلت المكتبة مغلقه لثلاث أيام هل اقول من سوء حظي ام انه كان من حسن حظي
فلقد اتخذت من المكتبة متكئا لظهري وفرشت الكتب على الأرض واصبحت أقرأ
هناك كتب لم افهمها فأجلت قراءتها لوقت آخر . لكني قرأت الروح لأن القيم , المسند لاحمد بن حنبل, عجائب الدعاء لخالد الربيعي , الشمائل المحمدية . وبعض كتب التفسير
كنت اقرأ (قوله جل جلاله )
(إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا ،لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ
مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ،وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ
وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ
وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا)
شعرت أنها تخاطبني
حينها ا لم أقاوم رغبه إجتاحتي بالبكاء والنحيب ... لم أتوقف .... شعرت بصداع برأسي ...
ولم أتوقف....لازلت ابكي....
أخبرتني إحدى السجينات ان الكتب التي في المكتبة هي لخالد شقيق إحدى الموظفات في أداره السجون وان خالد هذا كان طالب علم أصيب بمرض مات من جراءه وقبيل موته كتب وصيه وأوصى بان تعتبر كتبه وقف
يا الله ميراث ميت يشعل الحياة فيني
في السجن كان يزورنا أحيانا أخوات فاضلات من بعض اللجان الإسلامية يحملن في قلوبهن هم الدعوة لله تاركات الدنيا وما فيها خلف أظهرهن .
لم أحبهن يوما ولم احضر أيا من محاضراتهن او السمر والمسابقات الاتي كن يقمن بها للمسجونات ,
ولا حتى كنت اقبل الهدايا التي كن في كل زيارة يحملنها لنا .
حتى اني كنت اضحك واهزأ بهن وانا أرى المضايقات لهن من بعض السجينات
هذا اليوم وقفت بإرهاق وبعيني متورمتان من اثر بكاء الأمس بالقرب
من قاعه المحاضرات التابعة للسجن
نظرت لي وابتسمت .... سيده بالعقد الرابع من عمرها ... هي من الأخوات الداعيات او الباحثات لا اعلم ما الذي اطلقهن عليهن ..
فكرت بأن الصابرات المحتسبات سيكون اسما جميلا يليق بهن
اقتربت مني وهي لا تزال تبتسم .. هل لي توبة .. سألتها حتى قبل ان اسلم عليها او اترك لها مجال لتطرح السلام علي..
بل حتى أني لم أدرك ان صوتي قد خرج بعد غياب شهور
قرأت دون ان تعاتبني بصوت خاطب قلبي قبل ان يخاطب عقلي
قوله تعالى: { إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب } (النساء:17)
و قوله سبحانه: { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا } (الزمر:53)
وا قوله عز من قائل: { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات } (الشورى:25)
وقوله جلَّ علاه: { ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده } (التوبة:104)
احتضنتني ... تمتمت بأدعية .. مسحت على شعري وهي تكرر آيات ...
مسحت على قلبي وهي تبكي ...
لم تتركني ام عبد العزيز بعدها ...
شرحت لي هي والأخوات الآتي كن معها كل الكتب التي لم افهمها
.. حتى انني تعلمت الصلاة التي كنت قد نسيت شروطها وأركانها ...
طال شعري ...و أصبحت أتقبل الهدايا منها
فبعد مصحف مجود مفسر
هي الآن تهديني شريط أناشيد به نشيده تحكي عني الآن وما اشعر به ..
اقرؤوا كلماتها
بـك أستـجـــيـــر
بك أستجير ومن يجير سواكا فأجر ضعيفا يحتمي بحماك
إني ضعيف أستعين على قوى ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا
أذنبت ياربي وآذتني ذنوب مالها من غافر إلا كا
دنياي غرتني وعفوك غرني ماحيلتي في هذه أو ذا كا
لو أن قلبي شك لم يك مؤمنا بكريم عفوك ما غوى وعصاكا
مضت سنة وبضعه شهور وانا في هذا المكان ... لن أكمل ما الذي حدث معي .....
فبعد موت مناهي ... مات غادي .. وولدت .....
فليت الذي بيني وبينك عامر ....... وبيني وبين العالمين خـراب
ملاحظه : هنا نتوقف عن المتابعة ونكتفي فقط بالدعااء
التعليقات (0)