مواضيع اليوم

وعد ارثور بلفور

بندر العتيبي

2010-11-24 12:21:01

0

 وعد آرثور بلفور " وعد إسرائيل "

 

       كثيراً ما نستخدم كلمة مؤامرة للتعبير عن بعض الانحراف في مسيرة أُمتنا أو إعتداء خصومها عليها, ولكننا عندما نتحدث عن فلسطين فإننا نتحدث عن مؤامرة كُبرى تُخطط بمكر ودهاء وتحالف القوى الصليبية في العالم وتتخذ جميع الاسباب التي هيأت لها في النهاية, تحقيق حُلم اليهودية.

      فالحرب العالمية الأولى "جاءت متزامنة مع مقتل ولي عهد النمسا" وبتحريض اليهود لتحطيم الدولة العثمانية والاستفراد بفلسطين. والحرب العالمية الثانية كانت بتحريض من اليهود أيضاً لإقامة الوطن القومي اليهودي بصورته النهائية في فلسطين (1).

      كان وعد بلفور إحدى وثيقتين أساسيتين, كان لهما دورهما في تشكيل التاريخ الحديث للشرق الأوسط أما الوثيقة الاخرى فهي إتفاقية "مارك سايكس وجورج بيكو" المسماة بـِ سايكس بيكو (2) المعقودة عام 1916م, وإذا تصريح بلفور قد نتج عن إتفاق سايكس بيكو,  فإنه بالرجوع الى الوراء نجد أنه يفوقه أهمية بكثير, والواقع أننا لا نجد بديلاً في احداث هذا التغيير التعسفي لمجرى التاريخ, وإن كل ما حدث إنما هو ذلك الخطاب, الموجز, البريئ, في مظهره, والموجه من وزير خارجية

(1) مصطفى الطحان, فلسطين والمؤامرة الكبرى, المركز العالمي للكتاب الاسلامي, الكويت, ط1, 1994م, ص7-8.

(2) لم يكن "مارك سايكس", يهودياً وإنما كان كاثوليكياً, وكان إضافة الى ذلك صهيونياً, ويمكن أن يُقال إضافة الى ذلك إن التأثيرات اليهودية عليه كانت غالبة, فوالدته "هنريتا سايكس" كانت لسنوات طويله, عشيقة للسياسي البريطاني الشهير بنجامين دزرائيلي, أول وآخر يهودي يتولى رآسة الوزراء في بريطانيا, وكان مارك سايكس ابن هنريتا موضع اهتمام دزرائيلي, الذي ظل في رآسة الوزراء أو خارجها سياسياً واسع النفوذ شديد الارتباط بالفكرة الصهيونية, مؤمناً وعاملاً من أجل توطين اليهود في فلسطين. أُنظر المفاوضات السرية بين العرب واسرائيل, محمد هيكل, ص 96.

 بريطانيا "آرثور بلفور" والذي يتألف من 17 كلمة (1), كانت تلك الظروف التي صدر فيها ذلك الوعد الشهير (2) موجهاً الى اللورد "جيمس روتشلد" زعيم اليهود الانجليز وراعي المنظمة الصهيونية (3). كما أخذت الاحداث في النصف الثاني من عام 1917م تتوالى بسرعة, ففي العشرين من شهر أكتوبر إقتحمت القوات البريطانية حدود فلسطين الجنوبية بهجوم على غزة, أتبعته بهجوم آخر على منطقة بئر السبع, وفي التاسع من ديسمبر دخلت القوات البريطانية مدينة القدس "دون قتال" لتُمهد الطريق بعد يومين لدخول الجنرال "اللنبي" قائد القوات البريطانية العاصمة الفلسطينية في الوقت الذي كانت فيه القوات تقتحم فلسطين (4).

      الوطن القومي اليهودي على أرض فلسطين, ليس وليد مؤتمر بال – بسويسرا الذي عقده الصحفي "ثيودو هيرتزل".

(1) عبد العظيم مناف, الافتراء على التاريخ, دار الموقف العربي للصحافة والنشر والتوزيع, ط1, القاهرة, 1982م, ص15.

(2) نص الرسالة الموجهه من آرثور بلفور الى اللورد روتشيلد: إنه لمن دواعي سروري أن أنقل لكم بإسم حكومة صاحب الجلالة الإعلان التالي عن التعاطف مع الأماني اليهودية والصهيونية الذي تم عرضه واقراره بواسطة مجلس الوزراء البريطاني, ونصه كما يلي: إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بالعطف الى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وسوف نبذل قُصارى جهدنا لتسهيل هذا الهدف ومن المفهوم أن هذا الاعلان لا يُمثل تحيزاً ضد الحقوق المدنية, وسأكون شاكراً لكم إذا تفضلتم وأبلغتم هذا الاعلان بعلم الاتحاد الصهيوني. أُنظر محمد حسنين هيكل, المفاوضات, ص 113.

(3) محمد هيكل, المفاوضات السرية بين العرب واسرائيل, الجزء الاول, دار الشرق, القاهرة, 1996م, ص 113.

(4) أمين عبد الله.

 

      عندما تناول المؤرخون تعاون اليهود مع " نابليون بونابرت" في غزوهِ لمصر 1778م كمقدمه لاقامة دولة تابعة لفرنسا في المشرق, تأخذ طريقها فيما بعد الى إستانبول عاصمة الخلافة الاسلامية آنذاك. عندما تناولوا هذه القضية, صوروها على أنها تبادُل مصالح بين فرنسا التي ستستفيد من أحوال اليهود, واليهود الذين وعدهم نابليون بإقامة دولة لهم في فلسطين. ففي عام 1778م أصدر قادة الثورة الفرنسية قوانيناً تنُص على مساواة اليهود بالفرنسيين, كما أصدر اليهود خطاباً بعد ذلك بحوالي سبعة سنوات إقترحوا فيه إنشاء مجلس يهودي من كل يهود العالم من أجل الملجأ والمطالبة بإعادة الدولة اليهودية الى شعبها التقليدي (1).

     وتعتبر هذه الرسالة دستوراً يهودياً سبق مقررات حكماء صهيون (2). وعلى أثر ذلك الوعد المشؤوم اجتمع الدكتور "حاييم وايزمان" مع " آرثور بلفور" الذي سافر الى الولايات المتحدة للاجتماع بزُعماء اليهود هناك لإستكمال المفاوضات معهم, وقد وجد منهم تأييداً لكافة مطالب ووعود الدكتور وايزمان  فعاد آرثور الى بريطانيا وعرض نتائج مباحثاته على المستر "لويد جورج" رئيس حكومة بريطانيا, وإتفق على أن يوجه آرثور بلفور "رسالته المعهوده – المشهورة الى اللورد روتشيلد, الذي كان حتى ذلك الحين زعيم الصهيونية في لندن والذي كان سبب اجتماع بلفور مع وايزمان.

       وفي تلك الرسالة أعطى بلفور وعده لليهود لإقامة وطن قومي لهم في فلسطين (3). وبهذه الرسالة دخلت الحرب العالمية الاولى في مراحلها الحاسمة لأن القوى الصهيونية في الولايات المتحدة

(1) إيلي ليفي أبو عسل, يقظة العالم اليهودي, ص 16.

(2) مصطفى طحان, مصدر سابق, ص 43.

(3) عرفان حجازي, بلفور والمؤامرة الكبرى, ط2, بيروت, 1966م, ص 32.

 الى جانب الحلفاء. كما دخلت مع هذه الرسالة المشؤومة – القضية الفلسطينية في مرحلة جديدة جعلت القوى الصهيونية تتخلى عن وعود الله والحق التاريخي, الذي كان حُجتهم حتى ذلك الحين, ليتمسكوا بحُجةٍ أخرى جديدة بحقهم في فلسطين تلك هي الاستناد الى وعد بلفور المشؤوم وزير خارجية الانجليز (1).

      لم يتوقف اليهود عن خططهم في الاستيلاء على فلسطين وإقامة دولتهم على أنقاض شعبها منذ القدم, ودولة اسرائيل في نظرهم كبيرة وممتده, وما دولتهم الحالية الا جسراً يُثبتون فيه انفسهم ليمتدوا بعد ذلك نحو أرضهم التي حددها لهم كتاب التوراة المحدث من دجلة الى النيل.

      فقد وُجدت في خزانة "روتشيلد" خارطة كتب عليها "مملكة اسرائيل", وتضُم هذه الخارطة فلسطين, والاردن, ولبنان, وسوريا, والعراق, وسينا, والمدينة المنورة (2). كما في خطاب لإبن غوريون ذكر أن خريطة فلسطين الحالية, إنما هي خريطة "الانتداب" وللشعب اليهودي خريطة أخرى يجب على شباب اليهود أن يحققوها – هي خريطة التوراة التي جاء فيها – وهبتُكِ يا اسرائيل ما بين دجلة والفرات (3).

 

(1) المصدر السابق, ص 33.

(2) قسطنطين خمار, الموجز في تاريخ القضية الفلسطينية, ص 27.

(3) مصطفى طحان, مصدر سابق, ص 57.

 00972592838491

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !