<p>... النخب السياسية، أصحاب الذوات المتمتعين بقدرة عالية من التأثير في المجتمعات بالرغم من وجودهم خارج أدوات الحكم ؛أي الشخصيات التي تحمل فكرا وإيديولوجية وخبرة في الحكم على الأمور ومقدرة على التأثير في المجتمع وان كانت خارج الحكم.</p> <p>والنخب السياسية والاجتماعية مبتعدة عن الساحة الأردنية منذ زمن ليس ببعيد ولذلك أسباب عدة:</p> <p>أولها: ابتعاد قصري بسبب الأسلاك الشائكة التي يضربها من هم في مطبخ صناعة القرار حولهم ليبقوا هم في المقدمة وفي كادر الصورة وبشكل أحادي. حتى انك لتقول في أحيان انه ليس هنالك نخب سياسيه أو اجتماعية إلا الموجود على الساحة ، وهذا أمر غير حقيقي أبدا بل وصل الأمر في مطبخ صنع القرار لإعدام الصف الثاني في الحكم ، أو انتحاره الطوعي في بعض الأحيان. كل ذلك أدى لضيق في الخيارات وتمتع مجموعة من الأشخاص المرتبطين ببعضهم بوشائج النسب والقرابة والمصلحة بمقاليد الحكم . مما أدى لظهور حالات ليست هينه من الفساد والإفساد بل أدى لاختلاط الحكم ما بين الدكتاتوري والبيروقراطي و الفوضوي فخرجنا من مؤسسية العمل إلى نظام أشبة بالمطاطة التي يصبح بها المنصب منوط بشخصية صاحبها تتسع قدرة مؤسسته بقوة شخصيته وفعله ضمن السياسة الواحدة دون النظر إلى حدود تلك المؤسسة ودورها وعلاقتها بمؤسسات المجتمع الأخرى.</p> <p>والسبب الثاني:</p> <p>هجرة قسرية فرضت عليهم أيضا بغير سبب إلا أنهم خالفوا سياسة ما أو كانوا على الطرف الأخر من أي معادلة سياسيه. والهجرة داخليا وخارجيا سيان حيث أن بعض نخبنا تم استثمارها عالميا وعربيا بسبب حاجة تلك المجتمعات لتلك الخبرات وحاجة تلك النخب لجهة ما تقدرها وحاجتها أيضا لذاك المقدار من الاحترام المالي والمعنوي في زمن لفظت الأرض به أبنائها.</p> <p>والسبب الثالث:</p> <p>استسلام بعض النخب لمبدأ الاستعلاء والجلوس في شرفة النظارة لان أقلية الحكم ليست جديرة بمشاركة تلك النخب . فتترك تلك الأقلية فريسة لأخطاء وليتم استثمار ذاك الخراب فيما بعد لإبراز مقدرة أصحاب الشرفات في اللوم المستتر والعلني لخيارات صاحب القرار.</p> <p>السبب الرابع:</p> <p>عدم استلهام رأي النخب المجاهدة بالنصح او حتى الالتفات لنصائحها إن كان عبر الرسائل المباشرة أو الرسائل الإعلامية يؤدي بطبيعة الحال بتلك النخب إلى الارتكان لمقولة -اللهم إني بلغت اللهم فأشهد- وبالتالي ضمورها وتغييبها مجددا ومجددا وما الاستنجاد بهم في الوقت الضائع بمجدٍ.</p> <p>غياب النخب السياسية المقصودة كان سببا مباشرا لأصطفافات وصلت حدا ليضيق ذرع جلالة الملك بها في أكثر من مناسبة ظاهرة. ووجود تلك النخب الحقيقية المغيبة كان الحامي دوما للوطن تحرث أرضه تاركة مسارات مستقيمة يختطه أبناء الوطن لرفعته و السير على هداه بناءً وتعميرا لا يشوبه مصلحة ذاتية أو شخصنه في التعاطي مع الشأن العام كل ذلك كان إلى وقت توقيع المعاهدة وما نتج عنها من إبعاد لأصحاب الرأي المخالف دون النظر إلى كفاءتهم في شتى الاختصاصات المطلوبة في الدولة لتسير حسب المأمول منها أما النخب الاجتماعية فقد جرى تغييبها قسرا وكان قانون الصوت الواحد سببا في تنامي ظاهرة ذبول تلك النخب وتلاشيها حيث أن الناس تخلت عن احترام النخب الاجتماعية مابين العشائر لتقع فريسة المشاحنات الفردية حتى بداخل العشيرة الواحدة والتي أصبحت عقيمة عن ولادة نخب حقيقية يستطيع الأبناء الإيمان بها والركون لخياراتها التي تصبح دستورا تسير بموجبه الأمور مصداقا لمقولة قديمة (قوم بلا جهال راحت قطايع. و قوم بلا عقٌال ضاعت حقوقها ) فأصبحت تلك المجاميع تستعمل الجهَال حتى لا تضيع حقوقها وتنسى أن الحقوق منوطة بالعقَال وليس بالجهَال ودليل ذلك أحداث تم اقترافها جنوبا وشمالا وشرقا وغربا وعدم وجود من يعقل تلك الانفلاتات التي تمت، وضف على ذلك زيادة معدل استعمال العنف في مواجهة أي خلاف حتى بين الجيران وأبناء العمومة وعدم وجود نخب قادرة على تصويب الأوضاع قبل تفاقم الأحداث.</p> <p>كل ذلك أوصل أقلية الحكم لاستعمال كل أدواتها وصولا للخيار الأخير القامع دون نتيجة تتحكم في مصائر الأحداث ودون أن تتوصل للنتيجة المبتغاة منها. فهذا الإفلاس -الذي نراه- ما هو إلا نتيجة حتمية لتغييب تلك الرموز وعقم المجتمع عن إبراز رموز جديدة يحُتكم إليها في الملمات.</p> <p>والحل بيَن بإبعاد المستشارين المستنفعين وإحلال تلك النخب في مكانها الصحيح كمستشارين يستشارون. </p>
التعليقات (0)