"... سيدي المدير تقبلوا فائق السلام من خادمكم الممضي أسفله ( و بخط يعادل في الحجم ثلاثة أضعاف بقية الحروف ) علوان عبد ربّه"
... بمجرد فراغه من كتابة تقريره الذي حفل بالأكاذيب و الاتهامات الباطلة، أحسّ علوان عبد ربّه برغبة ملحّة لإفراغ مثانته. كثرة حديث علوان عبد ربّه عن الجنس، جعله مادة تندّر زملاء العمل، كما أن المصاريف الكثيرة التي سبّبها دخوله في مغامرات جنسية خارج إطار الزواج، دفعت علوان عبد ربه( خصوصا في المدة الأخيرة) الي سلوك سبل غير شريفة منها الكيد لبعض زملائه.
وافق دخول علوان عبد ربّه دورة المياه، إقتحام ولده الصغير مكتبه، سارع الصبيّ فور دخوله إلي تناول الشيء الأملس البرّاق الذي طالما حلم بلمسه. أمسك بمؤخرة القلم، ثم أخذ يحرّكه بقوة سرعان ما تحوّلت الي رجّ عنيف جعل الحبر يتطاير من حوله. كان الصبيّ يهمّ بدسّ القلم في فمه محاكاة للمدخّن صاحب البدلة العسكرية و اللّحية المشوّشة الذي تغطي صورته كامل خلفية المكتب، حين فوجىء بقبضة تنقض عليه لتنتزع منه القلم قبل أن تقذفه بكل فظاظة خارج المكتب. كان علوان عبد ربّه يجهل لحظة تسليم تقريره، أنه كان يقترح على مسؤول غاضب و بذيء، أبشع نعت كاد ينسي زملاءه، و من ثمّ أبناء بلدته لقبه الحقيقيّ، بعد أن توفرت للمدير ما يكفي من الدلائل على اختلاس علوان عبد ربه بعض الأدوات الإدارية و التفريط فيها بالبيع، بالإضافة إلي زيف التقارير الخسيسة التي كان يتوّسل بها للإضرار بزملاء شرفاء، في سبيل ترقية سينفق ريعها على متطلبات نصفه الأسفل.
بعد مضي أكثر من عشرين سنة على وصمته تلك، ظلّ علوان عبد ربّه يعتقد أن تلك التسمية القبيحة التي نغصت حياته، و سببت له متاعب و إحراجات كثيرة، هي من محض بنات أفكار المدير. لم يكن علوان عبد ربّه يعلم أن نقطة صغيرة من رذاذ الحبر المتطاير من القلم الذي حرّكته ذات صباح يد طاهرة بريئة، قد تجنبت حرف الدّال، وانحرفت عن حرف الباء، لتحطّ على رأس الرّاء من" عبد ربّه" لتصوغ لقبا فاحشا، أبعد ما يكون عن الطهر و البراءة! أوسلو 21 جوان 2009
التعليقات (0)