مواضيع اليوم

وصاية العقلاء على الشعوب السفيهة

sulaiman wwww

2011-04-18 08:30:18

0

شهد التاريخ العربي الحديث انتشار منطق وصاية زمر الحكم على الشعوب العربية التي قدمت التضحيات لنيل استقلالها من الاستعمار الغربي لتخضع بعده لشكل جديد من الاستعمار يتمثل بمنطق الوصاية الذي يفترض سفاهة الشعوب العربية وعدم جدارتها بفرض إرادتها وتقرير مصيرها عبر اختيار حكامها وصناع القرار. وامتدت الوصاية لتشمل معتقدات الشعوب الدينية , وكانت إحدى الحالات التي تعبر عن ذلك ظهور الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة على شاشة التلفزيون التونسي في نهار احد أيام رمضان وهو يرتشف من كأس من شراب البرتقال ليقول أن الأمة التونسية لا يمكنها تعطيل حياتها لمدة شهر كل عام.
وشهدت العديد من الدول العربية الأخرى حالات مشابهة تظهر تجاهلا لمعتقدات الشعوب ومن ذلك اتفاقيات السلام مع العدو الصهيوني كاتفاقية وادي عربة وكامب ديفيد وسواها من التفاهمات والاتفاقيات المعلنة وغير المعلنة ومحاربة حركات التحرر والجهاد لمصلحة العدو الصهيوني وبالتنسيق معه.
منطق الوصاية يتمثل أيضا بحرمان الشعوب من الديمقراطية ومن اختيار نوابها في المجالس البرلمانية وحكوماتها عبر تزوير الانتخابات وفرض الأحكام العرفية بشكل معلن أو غير معلن. وفي حال إجراء انتخابات ديمقراطية تقود نتائجها إلى تشكيل حكومات ديمقراطية يتم الانقلاب على النتائج كما حدث في الانتخابات التي قادت إلى فوز حماس في الأراضي المحتلة وانتخابات العام 1956 في الأردن.
بعد تكليف البخيت بتشكيل الحكومة أعادت بعض المواقع الإخبارية نشر نص محاضرة ألقاها في مادبا قبل بضعة أشهر وبين فيها قناعته بان الشعب الأردني غير مؤهل للديمقراطية حاليا ويقدر بأنه لن يصبح مؤهلا للديمقراطية وتشكيل حكومات برلمانية قبل ثلاثين عاما وهذا الاعتقاد يبرر تزوير الانتخابات وهو الأمر الذي تم في انتخابات العام 2007 والعام 2010.
العقلاء الذين يمارسون الوصاية على الشعوب يؤمنون أيضا بأنهم أجدر بالتصرف بممتلكات ومقدرات الأوطان إذ أن العقلاء أولى بها من السفهاء (الشعوب) وهذا هو ما يجعل الفساد مؤسسيا .عندما قرأت البيان الذي تقدم به البخيت لنيل ثقة مجلس ال111, استوقفتني إحدى العبارات التي يقول فيها :"لا عدالة ولا تكافؤ ولا تنمية مع الفساد" .لا اعلم إن كان يقصد بتلك العبارة تقديم وعد بدعم الفساد دون عدالة وتنمية وتكافؤ في رسالة موجهة لمؤسسات الفساد ورجاله أم الوعد بالعدالة والتكافؤ والتنمية دون فساد في رسالة ترضية للشعب الذي طالما تم إسكاته بالكلمات والوعود,فالعبارة السابقة تحتمل القراءتين.الفساد ما زال قائما وقد يصعب إثبات تحقيق العدالة والتنمية والتكافؤ مما يرجح القراءة الأولى .
ليس من الغريب اللجوء إلى منطق الوصاية السابق لتحقيق غايات وأطماع نخب الحكم العربية ولكن ما هو غريب حقا تقبل الشعوب لهذه الوصاية وعدم إتباع نموذج الشعوب التي فرضت احترامها وإرادتها كما كان من أمر الشعب التونسي والمصري والشعوب الأخرى التي بدأت مسيرتها نحو التحرر والكرامة ونؤمن بانها ستتمكن من تحقيق تطلعاتها وفرض احترامها .
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !