مواضيع اليوم

وسائل الاعلام... والدور المطلوب

ياسر العزاوي

2009-07-09 12:37:36

0

إن الحاجة الفطرية للإنسان والسعي للتطور وتقديم الأفضل دعته لابتكار الوسائل الأكثر تطورا والأسهل استخداما والأسرع انتشارا ، وهذا ما تحقق بعد الجهد المتواصل والمثابرة المخلصة ، ففي عصر النهضة دخل الإعلام مرحلة جديدة تاركا خلفه مرحلة الفوضى واللانظام وذلك عندما دخلت الطباعة كأحد أهم وسائل الإعلام لنشر المعرفة والخبر وبشكل حرفي ومنظم حتى توجت هذه الجهود بإصدار أول صحيفة مطبوعة وذلك في القرن السابع عشر ، ثم تطورت العملية فأنشأت وكالات الأنباء العالمية والتي تميزت بسرعة التواصل وشمولها وتنوعها ، مرورا بظهور الصورة الفوتوغرافية وما أحدثته من قفزة نوعية في مجال الصحافة والخبر وصولا إلى ظهور أول شريط تلفازي وانتهاء بالأقمار الصناعية في النصف الثاني من القرن العشرين .
وبذلك استطاع الإنسان أن يلغي المساحات الشاسعة للعالم ويصل إلى كل بيت بأحدث الحوادث وآخر الأخبار ويحقق أعلى نسب الاتصال والتواصل وأسرعها ، وهكذا تطورت الأجيال الإعلامية ووسائل الاتصال من السمعية إلى الكتابية إلى الطباعية مرورا بالتلغراف والتلفون والسينما والإذاعة والتلفزيون ثم إلى جيل الآلية الاتومية ( (auto matioالتي نعيشها اليوم ، مع ملاحظة احتواء الأجيال اللاحقة لما سبقها .
لذا توصف العملية الإعلامية بسلسلة متصلة الحلقات يكمل بعضها البعض ولايمكن التفريط بأي منها ، وعلى هذا بدأ التنافس بين وسائل الإعلام لتقديم أفضل المواد التي تعبر عن وجهات نظرها ومتبنياتها الفكرية والسياسية والدينية ملبين بذلك تشعب الرغبات لملايين البشر ، واستطاعوا بذلك أن يحولوا الوسيلة الإعلامية إلى مشاريع استثمار كبيرة تدر عليهم الأموال الطائلة متخذين منها مثابة جديدة للانطلاق إلى أعمال أخرى محققين بذلك أهدافا أوسع .
بحر متلاطم
سؤال جدير بالاهتمام : أين نحن من هذا البحر المتلاطم لوسائل الإعلام المستخدمة لكل أساليب الجذب والإغراء المشروعة وغير المشروعة وبأحدث التقنيات ؟
هنا لابد من معرفة حقيقة مهمة وهي : إن الإعلام اليوم هو إعلام غير محايد ولا يتصف بالحرية والإنصاف كما أريد له وكما ينظر له أرباب الصنعة ، فالكل ناقل ومنفذ لسياسات المرسل أو ما يعرف بـ(الممول أو الداعم) ، ولكن معيار الحياد الذي يمكن أن نأخذ به هو مؤشر القرب أو البعد عن القيم الإنسانية الظاهرة من خلال الوسيلة المستخدمة ، وبما أن هدفنا هو الإصلاح وإشاعة الفضيلة والسلوك الإنساني في كل المساحات التي قدر لنا تغطيتها والعمل عليها ، لذا من الضروري أن يكون لنا دور الريادة في هذا المجال ونحن الأجدر والأقدر على حمل هذه الرسالة إذا ما أحسنا استخدام وسائلنا ، إلا أن هذا وحده لا يكفي لتحقيق الأهداف إذا ما أردنا الوصول إليها بشكل سليم ، فهنا ينبغي أن لا نغفل أن الأثر يتناسب طرديا مع العوامل المؤثرة فكلما كانت وسائلنا ذات إمكانية عالية ومستخدميها أصحاب كفاءة متطورة كانت اقدر على الفعل وبالتالي ستكون أثارها اكبر واقرب إلى الأهداف المرجوة .
فسنين ما بعد التغيير والتي تعتبر فترة مناسبة لتطوير إمكاناتنا هل استطعنا أن نواكب الآخرين والذين استطاعوا وبنفس المدة أن يصلوا إلى المواصفات القياسية العالمية في الأداء والإمكانات والتنفيذ ؟
إلى متى تبقى إبصارنا شاخصة نحوهم ؟
فهل استطعنا مثلا أن ننشيء معهدا للتطوير الإعلامي معترفا به من قبل مؤسسات الدولة المعنية ؟
وهل استطعنا أن نشخص من هو المؤهل ليكون القناة الناقلة لرسالتنا ؟
فمهما كانت الوسيلة الإعلامية متطورة وقادرة على الفعل المؤثر ثم فقدت الرجل المسؤول القادر على نقل الرسالة وعلى إحداث الأثر المطلوب فهذا سيقضي حتما على كل مواطن النجاح والإبداع إن وجدت .
والإعلام الحديث اهتم كثيرا من خلال البحث والدرس بالمرسل في العمل الإعلامي ، والمرسل هنا ليس صاحب الفكرة أو المؤسس أو الممول فحسب ، وإنما هو كل الذين يشغلون أماكن ذات مسؤولية مفصلية في العمل ، وهؤلاء يجب أن يكونوا بالمستوى الذي يؤهلهم لمعرفة المادة المقدمة للجمهور المخاطب ، وكذلك المعرفة المناسبة لوسيلة الاتصال المستخدمة وبالتالي معرفة كل الظروف المحيطة بالعملية الإعلامية .
هنا نرى من الناسب عرض بعض النقاط والتي قد تساهم بشكل أو بآخر في تطوير العمل الإعلامي ونقله إلى ما هو أفضل :
1- إعادة هيكلة الأجهزة الإعلامية وفق أسس علمية حديثة وقياسية من اجل الوصول إلى الأداء والنتيجة الأفضل .
2- توفير الوسائل المتطورة والكفيلة بتحقيق الأهداف بأحسن صورها .
3- الاستفادة من آراء ونظريات الأكاديميين وأصحاب الاختصاص في صياغة الخطاب المناسب بغية الوصول إلى الغاية التي من اجلها أنشأت هذه المؤسسات .
4- العمل بكل إخلاص وجدية لإيجاد التعدد النوعي لا الكمي .
5- السعي الحثيث لإنشاء شركة وطنية للإنتاج الإعلامي تكون مدعومة من قبل الدولة وغير مرتبطة بأي جهة سياسية .
إن الوقوف مع الشعب مسؤولية كبرى تحتم علينا معرفة مواقعنا ومراجعة كل الخطط السابقة للوقوف عن قرب على السلبيات والايجابيات وتقويم ما كان منها سلبيا والترفع عن كل العوائق النفسية والمادية للوصول إلى امثل أداء وأفضل ممارسة وصولا إلى الهدف المنشود وهو أن نأخذ بمجتمعنا إلى أعلى مستويات الرقي الإنساني ، فالمخاطب هو صاحب القرار النهائي والمرآة العاكسة لأعمالنا وممارساتنا ، فإذا كانت مؤسساتنا وإعمالنا مؤهلة للعب دور المرشد والمؤثر الايجابي في حياة الناس فحينذاك نكون قد حققنا الهدف السامي الذي من اجله أنشأت تلك المؤسسات ، وان كنا غير ذلك لاسمح الله فحتما سنكون في موقع اقل ما يقال عنه (الفشل) ولنا أن نتصور حينها حجم الكارثة .

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !