هناك قصة شعبية معروفة تدور حول راعي أغنام استنجد بأهالي قريته عدة مرات مدعيا أن ذئبا يهجم عليه وعلى أغنامه. ولكن عندما هجم الذئب في الحقيقة على الراعي وأغنامه واستنجد الراعي بأهل قريته, لم يأتي لنجدته أحد. إن عمل وسائل الإعلام الغربية يدور محوره حول قصة الراعي الكذاب, يكذبون ويصدقهم الناس, ثم يكذبون مرة أخرى ويصدقهم الناس, ثم يكذبون مرة أخرى فيبدأ الناس بالتململ ثم تنتهي الحكاية بأنه لا يصدقهم أحد. العرب بشكل عام يجمعهم الزمار وتفرقهم العصا, ولذلك لم تجد وسائل الإعلام الغربية في بداية الأحداث في سوريا أي صعوبة في سلبهم عقولهم بروايات كاذبة من طراز مقابر درعا الجماعية أو بكائية حمزة الخطيب أو مهزلة الإنشقاقات المفبركة. تلك الروايات وجدت شعبية لدى الشارع العربي الذي يتشوق لسماع تلك النوعية من القصص بعد أن أصابته برامج التلفزيون المملة بالإكتئاب. المواطن العربي لديه الإستعداد للمشاركة في المظاهرات لمجرد التسلية وتمضية الوقت وليس لأنه يقف ضد النظام أو يعارض الحكومة, المظاهرات تحولت الى عمل من لاعمل له في سوريا وفي غيرها من البلدان. في مصر على سبيل المثال, كانت نتيجة زيارة هيلاري كلينتون لمتظاهري ميدان التحرير أنهم "مابيجمعوش," ليس لديهم قيادة, مدفوعين بواسطة وسائل التواصل الإجتماعي ولا يعبرون عن معارضة متماسكة.
في سوريا, لم يختلف حال المتظاهرين عن حالهم في مصر, بدون قيادة وليس لديهم أي فكرة عن التحول من التظاهرات الى ميدان العمل السياسي, مدفوعين بواسطة وسائل التواصل الإجتماعي وفوضوييون يهاجمون الدوائر الحكومية بهدف ممارسة أعمال التخريب ويريدون من أفراد الشرطة أن يقفوا متفرجين. حتى تلك المظاهرات في سوريا, كانت تضم متظاهرين مدفوعي الأجر أو أشخاصا يشاركون فيها للتسلية وتمضية الوقت. كما كان هناك جنازات تحولت الى مظاهرات كان خلالها المشيعون يلقون بنعوش الموتى في الهواء وهم يتضاحكون, فيديوهات إستيقظ فيها الأموات الأحياء قبل أن ينتهي المصور من عمله, إستديوهات كاملة يعمل من خلالها خبراء مكياج متخصصون في صناعة جروح مزيفة على وجوه وأجسام ضحايا مزعومين, مظاهرات يتم إطلاق النار عليها من مصادر مجهولة, متظاهرون سلميون يحملون أسلحة بيضاء بل وفي مظاهرة في دير الزور كانوا يحملون أسلحة نارية وهم يصرخون سلمية سلمية. كل تلك المهازل الإعلامية والأكاذيب لم تحرك شعرة واحدة لدى أي إعلامي غربي من أولئك الذين يعملون بالريموت كنترول في وسائل إعلام الصف الأول مثل الواشنطن بوست, والنيويورك تايمز, صنداي تايمز وغيرها من وسائل الإعلام التي يساوي ثمن موضوع منشور على الصفحة الأولى الكثير من المال.
المتظاهرون في سوريا لم يكن لهم أي هدف غير إسقاط النظام ولا يهم بعد ذلك ماهو مصير سوريا. المظاهرات في سوريا كانت تنطلق حصرا من المساجد ويوم الجمعة حيث يندس بعض الأشخاص بين المغادرين بعد إنتهاء الصلاة ويرددون بعض الشعارات بهدف تضخيم عدد المتظاهرين. إن ما يسمى تنسيقيات الثورة, المرحلة التي سبقت إعلان العمل المسلح رسميا, قد قامت بأعمال عنفية ومسلحة ضد مواطنين سوريين أبرياء خصوصا في مدن مثل حماة وحمص وريف دمشق وذلك بهدف إرغامهم على المشاركة في أنشطة التنسيقيات خصوصا المظاهرات والإضرابات وذلك ضد طوعهم وإرادتهم. قام أعضاء التنسيقيات بعمليات قتل على الهوية لمدنيين سوريين بذريعة ولائهم للدولة الوطنية. في بعض الحالات, كان يتم إلقاء الضحايا من أسطح العمارات أو من نوافذ منازلهم. في إحدى مناطق مدينة حلب, تم إلقاء موظفي بريد حكوميين من على سطح المبنى. كما تم إلقاء مواطن سوري في منطقة النبك من نافذة شقته بتهمة أنه عميل للحكومة السورية. في مناطق سورية, كان يتم حرق أو تخريب أي نشاط تجاري يفتح أبوابه أثناء إعلان التنسيقيات الإضراب, "غدا إضراب, الخرق يعني الحرق" كان الشعار الذي يكتب على أبواب تلك المحلات. في منطقة مخيم اليرموك, قام أفراد ينتمون للجيش السوري الحر بنحر(قطع العنق بالسكين بحيث يترك الضحية فترة زمنية قد تطول أو تقصر حتى وفاته) مواطنين سوريين بذريعة عمالتهم للحكومة السورية وفي حالات أخرى حرقوهم أحياء بعد أن صبوا عليهم مواد مشتعلة.
التنظيمات المسلحة التي كانت تعمل تحت مسمى فضفاض وهو الجيش السوري الحر قد قامت بتجنيد أطفال في عملياتها القتالية وشارك بعضهم في قطع رؤوس مواطنين وجنود سوريين أحدهم كان طيارا حربيا سقطت طائرته في مناطق تسيطر عليها المعارضة. العصابات المسلحة في سوريا كانت تمتلك أسلحة مضادة للطائرات والدبابات ومع ذلك لم تتمكن من السيطرة على العاصمة دمشق ولا على مدينة حلب وهي مدن رئيسية. وقد أدى ذلك الى هزائم رئيسية للمعارضة السورية المسلحة حتى أوشكت على الإنقراض فتم إدخال العنصر الأجنبي وتم إعلان الجهاد المقدس, ليس لنصرة القدس والأقصى بل للقتال في سوريا حيث أصبح شعار التنظيمات الإسلامية المنافقة هو:"نقاتل في سوريا وعيوننا على بيت المقدس." وتوافد المقاتلون الأجانب بعد أن تم منحهم الوعود برواتب وغنائم الحرب خصوصا السبايا وقصر في الجنة وحوريات في حال قتلوا خلال معاركهم مع الجيش الوطني السوري. قادة المعارضة السورية المسلحة كانت توزع بيانات على أجهزة الإعلام بأنه قد تحقق لهم تحرير 80% من سوريا ومع ذلك لم يشاهد أحدهم في زيارة الى الأراضي المحررة إلا أن تكون الى مدينة حدودية وتحت حراسة مشددة ولفترة زمنية قصيرة. قادة المعارضة السورية العسكريين منهم والسياسيين قاموا بإدارة المعارك من فنادق خمس نجوم خصوصا في تركيا وبعضهم فضل باريس وبرج إيفل والبعض الأخر تبعثر في فنادق عاصمة الضباب حيث صور حياة البذخ التي يعيشونها لا تتناسب أبدا مع نموذج المناضلين المتقشفين الذين كانوا يسعون لإسقاط نظام يتهمونه بالفساد وقمع الحريات.
وسائل الإعلام الغربية لم تبكي حتى دموع التماسيح على مجازر المعارضة السورية المسلحة التي إرتكبها في قرى ريف اللاذقية حيث قتلوا ضحاياهم ذبحا بالسكاكين وإختطفوا النساء والأطفال وتفاخروا بكل ذلك على وسائل التواصل الإجتماعي مثل فيسبوك وتويتر. معاذ الخطيب, أحد قادة المعارضة السورية ورئيس سابق للمجلس الوطني الانتقالي قد اعترض على إعلان دول غربية جبهة النصرة تنظيما إرهابيا. المعارضة السورية المسلحة ومن ضمنها جبهة النصرة هاجمت مستشفيات حكومية سورية في عدة مناطق ونهبت بعضها. عصابات الفاروق في حمص بقيادة المجرم عبد الرزاق طلاس هاجمت المستشفى الحكومي وقتلت الأطباء والممرضين ومن القى به حظه العاثر من المرضي بين أيديهم. جريمة حرب بكل ماتحمله الكلمة من معنى ولكن مشاعر وسائل الإعلام الغربية ومنظمات حقوق الإنسان تجاهلت كل ذلك. حتى أن محطة السي إن إن الإخبارية الأمريكية قامت بعمل دعاية مجانية لعصابات الفاروق ووصفتهم بأنهم "مقاتلو الحرية." نفس المحطة الإخبارية تورطت مع ناشط فلسطيني مقيم في سوريا يدعى خالد أبو صلاح في تدبير حريق خطوط مصفاة النفط في حمص وإتهام الجيش السوري بذلك حيث فضح شريط مسرب تم إجرائه عبارة عن بروفة للتصوير القصة المزيفة من بدايتها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
https://science-culture-knowledge.blogspot.com/2019/08/blog-post_4.html
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية
التعليقات (0)