المخرج الجزائري مرزاق علواش، الذي نجح في الاقتراب من الجماعات الإسلامية المسلحة منتصف تسعينيات القرن الماضي من خلال فيلمه باب الواد سيتي، واستمر يتابع نبض الشارع الجديد في فيلمه الآخر باب الواب، يبدو أن التوفيق لم يحالفه هذه المرة في فيلمه الجديد حرافة الذي يُعرض الآن في الجزائر، والفيلم رغم جرأته في التناول، لم يقترب من فئة هامة جدا مرشحة أن تكون ولائم لأسماك البحر الأبيض المتوسط·
والذي يقرأ التصريح بممتلكات نواب البرلمان والوزراء الجزائريين، يدرك مدى المعاناة الكبيرة التي تعانيها هذه الفئة في صمت شديد، ولأن للصبر حدود كما كانت تنشد الراحلة أم كلثوم، فإن وزراءنا ونواب برلماننا بغرفتيه مرشحون لأن يختفوا الواحد تلو الآخر حتى إذا نهضنا ذات يوم، وجدنا البلاد بدون حكومة ولا برلمان·
قد تجد نائبا يمتلك سيارة رونو 18 قديمة هي ملك للعائلة الكبيرة أو ورثها من المرحوم والده، وآخر لا يملك من متاع الدنيا إلا سيارة ماروتي 800 صنعت سنة ,2004 وآخر يسكن عند نسابو إذا ما أجبرته الظروف على الخروج من سكنه الوظيفي، وغير ذلك من الحالات الإنسانية التي تنتظر المخرج العبقري الذي يحولها إلى فيلم سينمائي ناجح أو روائي يحولها إلى تحفة فنية عالمية أو صحفي جريء يترجمها إلى لغة السمعي البصري بروبورتاج ينال أفضل الجوائز·
الأمر خطير ويدعو إلى التدخل السريع بتنظيم تليطون كما اقترح بعض الزملاء الصحفيين، وحال الوزراء والنواب أسوأ بكثير من حال الشباب البطال، وإن بقي الحال على ما هو عليه، فإن الطاقم الوزاري في معظمه سيغادر البلاد على قارب صغير والوزير جمال ولد عباس ينشد وهو يبكي ياكلني الحوت وما يكلنيش الدود، في حين أن حميد بصالح يهتف خلوا البحر ياكلني وولا زعافها، أما الهاشمي جعبوب فهو يردد يا بابور يا مون أمور·· أديني لبلاد النور·· في بلادي راني محقور·· عييت عييت وجوني مار، والكارثة لو وقعوا في قبضة شرطة السواحل في إحدى دول شمال المتوسط، فساعتها تكون تبهديلتنا كبيرة ونحن فرّطنا فيهم طيلة هذه السنين ولم نقدّرهم حق قدرهم·
التعليقات (0)