مواضيع اليوم

وزارة الكتاتيب .. التعليم سابقا

محمد بلغازي

2011-01-01 21:13:09

0

 من أغرب وأخطر التصريحات التي خرج بها علينا الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء قوله في احتفالية "حاسبات التفوق" إن مديريات التربية والتعليم في المحافظات قد تتحول إلى وزارات للتعليم، مع تفعيل دور المحليات والمجالس المحلية في هذا الإجراء، وذلك من أجل تطبيق اللامركزية، على أن تتولى وزارة التربية والتعليم التفتيش والمراجعة ووضع المعايير والامتحانات العامة. ولانجد سوى أن نعلق بأنه لو أن دولة حققت مستوى متقدما في التعليم، فإن هذا لا يدفعها إلى رفع يدها عن هذا الملف الخطير، بل إنها تبذل المزيد من الجهود للرقي بالتعليم والانتقال به إلى مستويات متقدمة. التعليم ليس ملفا هينا حتى تقوم كل محافظة بتكييفه حسب مزاج المسئولين فيها، وهذا من شأنه أن يجعل المستوى متفاوتا بين محافظة وأخرى.

كان الواجب على رئيس الوزراء أن يبحث عن حل لإنقاذ التعليم، وهذا يحتاج إلى نظرة شاملة لهذا الملف، لا تقسيمه إلى ملفات تخضع لهوى المسئولين المحليين، بعيدا عن النظرة الشاملة للتعليم في الدولة. ويبدو أنه لا يكفي الحكومة ما أصاب التعليم من تدهور، لذلك تتخذ خطوات جديدة لتدميره والقضاء عليه. ويظهر أن الحكومة الذكية تفكر في العودة إلى عهد المماليك، عندما كان التعليم في عموم الوطن قائما على نظام الكتاتيب، ولا ننتقص من هذا النوع من التعليم، فدوره عظيم في تحفيظ القرآن الكريم، لكنه لا يقدم إلا قدرا قليلا من المعرفة، والسمة الواضحة فيه أن كل شيخ كتاب يسير حسب طريقته التي انتهجها لنفسه أو تعود عليها من سابقيه، دون أن يكون بين هذه الكتاتيب رابط قوي، وهذا ما يعيدنا إليه الدكتور أحمد نظيف بمنحه مسئولية التعليم للإدارات المحلية في المحافظات. وكأن التعليم قضية ليست ذات أهمية، وأنه لا يكفينا ما أصابه من تمزيق، بعد تحوله إلى واحد من أهم أنواع الاستثمار، يستفيد منه المدرسون الذين حولوا التلاميذ إلى "أفراخ" في "عشة الدروس الخصوصية"، وجعله أصحاب المدارس الخاصة بقرة حلوب تجلب لهم ملايين الجنيهات بأقل التكاليف، دون تقديم تعليم حقيقي، فالكل يعتمد على التلقين وحشو أدمغة التلاميذ بالمعلومات التي يتم إفراغها في ورقة الامتحان ثم تذوب ولا يبقى منها أثر، إلا ما رحم ربي.

الولايات المتحدة الأمريكية رفعت شعار "أمة في خطر" لإنقاذ التعليم فيها من التدهور بعد شعورها بأن المناهج لا تؤدي الدور المرجو منها، وفي بلدنا يجري العكس، وصل التدهور في التعليم إلى مستوى لا يخفى على أحد، وتسير الأمور من سيئ إلى أسوأ، ومن المؤشرات الخطيرة ما ورد في التقرير الذي نشرته مجلة الإيكونومست، وقام بعرضه موقع "اليوم السابع". يشير التقرير إلى أن دراسة أجراها فريق من الخبراء الاقتصاديين المصريين أكدت أن "نقص المهارات لدى قوى العمل بشكل كبير يفسر أسباب فشل النمو الاقتصادى السريع الذى حققته مصر فى انتشال مزيد من الناس من براثن الفقر".

يغفل المسئولون في حكومتنا الذكية أو يتغافلون عن العلاقة القوية بين التعليم والاقتصاد، فالتعليم الجيد تكون نتيجته أفراد على قدر كبير من المهارات اللازمة لسوق العمل. وإن لم يستطع تعليمنا توفير المهارات المطلوبة سيأتي يوم نستورد فيه العمالة الماهرة من الخارج. وفي تلك الساعة سننسى مسألة الاقتصاد الوطني، ونكون قد هدمنا بيوتنا بأيدينا لا بأيدي الآخرين، ولا عزاء لأبناء الوطن.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !