في لفتة مباركة وغير متوقعة..أنهى السيد وزير التعليم العالي العام الدراسي بأعلانه عن التكريم غير المسبوق للطلبة المتفوقين في الجامعات العراقية...
السيد الوزير أعلن في بيان صدر عن مكتبه عن تخصيص أربعين مقعدا للطلبة الأوائل...للحج هذا العام..
نعم أربعين مقعدا للحج يا سادة يا كرم..
لم تكن أربعين مقعدا لأكمال دراستهم العليا في جامعات أجنبية راقية...
ولم تكن أربعين درجة وظيفية تليق بهم كخريجين جدد..
بل لم تكن حتى أربعين مقعدا في رحلة سياحية تقودهم الى أكثر من بلد ليطلعوا على ثقافته وليفيدوا ويستفيدوا..
بل أربعين مقعدا للحج...وقد فات السيد الوزير بأن الحج فريضة أسلامية على من أستطاع اليه سبيلا وبالتالي فهناك أمور أهم قد تفيد الطلبة وتفيد بلدهم أكثر من أدائهم لفريضة دينية لاتقدم شيئا ولاتؤخر في حياتهم العلمية والعملية..
فات السيد الوزير أيضا أن الأوائل على الجامعات قد يكون من بينهم مسيحيين ومندائيين وأيزيديين وحتى لادينيين فهل سيخسر هؤلاءالتكريم أم أن الوزير سيعوضهم بطريقة خاصة ربما (أحد الأصدقاء في الفيس بوك توقع أن تكون جائزة هؤلاء تذكرة للكلاسيكو الأسباني)..
بالطبع لن ألوم السيد الوزير على هذا القرار فتلك هي قدراته وهذا هو أفق تفكيره الذي لن يستطيع تجاوزه فالرجل بعيد كل البعد عن التعليم العالي ولم يشغل سابقا أي مركز في هذه المؤسسة الحساسة..لكنني سألوم بكل تأكيد ثلة المستشارين الذين يحيطون بالوزير كما أنني سأنتقد رئيس الوزراء الذي يعيب على الكتل السياسية ترشيح وزراء غير كفوئين لكنه لم يتردد ولو للحظة بأختيار الأديب لوزارة التعليم العالي وهو من حزبه وكتلته..سأنتقده لأنه أختار الرجل غير المناسب وسأنتقده لأنه وافق على قرار هزيل كهذا....
لقد طالبنا مرارا بأن تسند الوزارات الى الضليعين بشؤونها لا أن تسند على أساس المحاصصة والمصالح ولكن الساسة قد أصابهم الصمم من نداءاتنا فصار صابر العيساوي(طبيب) وزيرا للمالية وأصبح هادي العامري (نائب ضابط) وزيرا للنقل وأصبح على الأديب وزيرا للتعليم العالي وغيرهم الكثير من ضمن وزاراتنا ال 42...ماذا ننتظر إذن من هؤلاء؟؟
لازلت أتذكر حينما أطل علينا السيد الأديب خلال فترة محرم بجلباب وهو جالس على منبر ومن حوله ثلة من الملفوفات بالسواد ليحدثهن بأسلوب روزخوني مخجل عن المرأة في الأسلام.....وللأسف بنفس عقليته الروزخونية يدير السيد الوزير أحدى أهم وزارات البلد..
فمنذ اليوم الأول لتسنمه المسؤولية وبدلا من التواجه لزيارة الجامعات والأطلاع على مشاكلها توجه الوزير الى رجال الدين في محافظة النجف ليأخذ بآرائهم وأقتراحاتهم حول واقع التعليم العالي في العراق من غير أن يذكر لنا العلاقة التي تربط المرجع الديني(وأؤكد على صفة الديني) بهيئات علمية عليا تهتم بعلومنا "الدنيوية"....العلوم التي لم نسمع أن رجل دين ما أضاف لها شيئا...بل على العكس "الكفار" وحدهم هم من يضيفون اليها كل حين معلومات وأبحاث جديدة...
وبالطبع رجال الدين لم يبخلوا على السيد الوزير بالنصائح القيمة والهامة والأستراتيجية من قبيل ما دعى اليه أحدهم لفصل الذكور عن الأناث ومكافحة العادات الغربية الدخيلة التي ينوي الغرب تدمير أمتنا الأسلامية بها ولا أدري كيف لايصيب الدمار الغرب لأن الأختلاط "والعادات الدخيلة" منتشرة فيه ولماذا أمتنا مهددة بالدمار بكل شئ أبتداءا بالهاتف المحمول مرورا بالأنترنت والكتب التنويرية والقنوات الفضائية وصولا الى قصة الشعر ونوعية البنطال أو القميص ولونه....أي أمة فاشلة تلك التي يهدد كيانها بنطال أو تسريحة؟؟؟
أعود الى موضوعنا وأشير الى أن السيد الوزير وأن كان مقيدا في كثير من النواحي"ومنها فصل الجنسين والتدخل في ملابس الطلبة" إلا أن قراره الأخير يكشف لنا عن عقليته "الفذة" التي يدير بها الوزارة المسؤولة عن أعداد قادة البلد وبناء حضارته وتطوير طاقاته الشابة...
لقد أطل علينا متباهيا مزخوا بقراره الأخير الذي أعتبره خير دليل على أن الوزارة ماضية في جهزدها لدعم ورعاية المتفوقين..............
سيادة الوزير...شكرا لك...
شكرا لك لأنك تهتم بآخرة الطلبة أكثر من أهتمامك بدنياهم الفانية الزائلة...
شكرا لأنك تسعى بطريقتك الخاصة لرفع مستوى التعليم في العراق.....
وأنا واثق كل الثقة سيدي بأنك عند أكمال سنواتك الأربع في الوزراة ستجعل جامعاتنا في طليعة جامعات العالم وربما ترسل هارفرد أو يال أو معهد ماساتشوستس بعثات للجامعات العراقية لكي تنال قبسا من نوركم الأيماني...
التعليقات (0)