مواضيع اليوم

وزارة التربية... الى متى؟

ياسر العزاوي

2009-05-31 11:33:18

0

منذ مجيء الدولة العراقية الحديثة في بداية القرن العشرين وفي كل الوزارات التي تعاقبت على العراق كانت وزارة التربية إحدى أهم الوزارات التي تتعاطى مع شريحة كبيرة من المجتمع العراقي ولعلها تكون من اكبر الشرائح وقد أثبتت جدارة في أدائها طيلة العقود الماضية نتيجة رفدها لمجتمعنا بالكثير من الكوادر المثقفة والفعالة والتي لها اثر كبير في حياتنا، وما يهمنا من بين هذه الشرائح هو شريحة المعلمين والمدرسين الذين يتحملون مسؤولية بناء الأجيال بناءا سليما قادرا على تحمل أعباء مسؤولية بناء الوطن بشكل يضمن لكل الشرائح حق العيش بكل عزة وكرامة .
إذ لا احد منا إلا وله صلة بسلك التعليم معلما كان أو متعلما فنحن في كل الأحوال تربطنا مع هذه المؤسسة رابطة يومية متواصلة وعادة ما تكون الروابط بين الناس على أساس المصالح المشتركة التي تهم الأطراف ذات العلاقة، ومن البديهي أن يراعي الطرفان مشاعر وأحاسيس الآخر لكي تكون العلاقة منتجة في جانبها الإنساني والأخلاقي، وقديما كنا نردد ذلك البيت المشهور من الشعر :
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
وبالفعل كنا نقف إجلالا لمعلمينا وتقديرا لهم لأنهم كانوا يحملون في أعماقهم هاجس المسؤولية الشرعية والأخلاقية تجاه تلاميذهم وكانوا يعاملونهم على إنهم الامتداد الطبيعي لهم في الحياة كما كانوا يخلصون لهم ويحبونهم ويعطونهم كل ما يمكن أن يكون سببا في نجاحهم وتطورهم ووصولهم إلى المستويات العليا في الدراسة .
وفي مراجعة بسيطة لأنفسنا نلمس هذه الميزة التي كان يتمتع بها اغلب معلمينا إن لم نقل كلهم، ولكن مانراه اليوم هو خلاف كل التوقعات والطموحات التي يرجوها المجتمع من وزارة هي أكثر الوزارات تماسا معه، ففي غياب المتابعة والمحاسبة للمؤسسات التعليمية استشرت حالات الفساد الإداري والمالي بشكل بات يهدد البنية التحتية لسلك التعليم في العراق بل بدأ ينخر بهذا الجهاز العتيد وأولى مظاهر هذا الخراب أن بدأ أولادنا ينظرون إلى أساتذتهم نظرة ازدراء واستهزاء وبدءوا يفقدون مقامهم السامي الذي كانوا يحتلونه كونهم يمثلون المثل والقيم والأخلاق ولكنهم اليوم وللأسف لايمثلون إلا الانحطاط والتراجع والفشل وبالتالي الهدم والخراب لهذا المجتمع المسكين الذي ابتلي بطبقة من المجرمين والمحتالين والنفعيين الذين اعتادوا على أكل المال الحرام بابتزازهم لأولادنا وبشكل مستمر إذ لايمر أسبوع إلا ولهم طلب فمرة بحجة استنساخ أوراق الامتحانات وأخرى لتصليح زجاج المدرسة والثالثة لشراء ستائر للصفوف ورابعة لتصليح أثاث المدرسة وإذا أردنا ذكر الطلبات لطال بنا المقام ولوجدنا أنفسنا أمام مؤسسات تستجدي مقومات وجودها من الطلبة وكأنها لاتنتمي إلى مؤسسة أو وزارة مسئولة عن تلبية كل الاحتياجات في بلد عرف بمجانية التعليم فبمرور سريع بمنطقة الباب الشرقي في بغداد تجد أن الوزارة انتقل جزء منها إلى هناك ليباع على الأرصفة كل أنواع الكتب وبطبعات حديثة ولكافة المراحل الدراسية كما انك ستجد وبسهولة منح اليونيسيف من الحقائب والقرطاسية معروضة للبيع في حال يحرم منها الطلبة في المدارس وإذا ماحصلوا عليها فإنها تأتي في النصف الثاني من العام الدراسي على الغالب وبكميات لاتكفي لكل الطلبة فهي إن وزعت فإنها توزع على شكل عينات، هذا والأدهى منه أن تطالب بعض المراحل الدراسية بالامتحان بمادة ولم يوزع عليهم الكتاب الخاص بتلك المادة وإذا ما اعترض الطلبة فيأتي الجواب من الإدارة أن عليكم شراء الكتاب من السوق المذكور .
والانكى من ذلك أننا نسمع ومع بداية كل عام دراسي جديد أن للوزارة خطط كفيلة بالتغلب على النقص الحاصل في الكتب والقرطاسية وان لها معملا خاصا بصناعة الأثاث المدرسي ويقوم بتجهيز اغلب المدارس بما تحتاجه .
أيها السادة المعنيون نحن اليوم أمام تفشي اخطر حالة في المجتمع وهي فساد السلك التعليمي بكل ما تحمل هذه الكلمة من مساويء فعلينا الانتباه لمستقبل أبناءنا ولا نسمح لكل من هب ودب الانخراط في هذا السلك فمن أراد الدخول في هذا المجال يجب أن تتوفر لديه الحصانة الأخلاقية والنفسية والعلمية لكي يكون قادرا على أداء مهمته على أحسن وجه وهذا أمر قد يصعب تحققه في مجتمع أثقلت كاهله التركة الثقيلة للنظام السابق فعلى من ياترى تقع مسؤولية تأهيل الكادر المناسب ؟ بالتأكيد هي مسؤولية وزارة التربية فمنذ اليوم الأول لدخول الطلاب للكليات والمعاهد التي مهمتها تخريج الأساتذة والمعلمين يجب أن تبدأ معهم بسلسلة من الدروس التي تختص بعلم الأخلاق التربوي والاجتماعي متكئين بذلك على العقيدة الإسلامية التي ننتمي إليها جميعا وهي بنفس الوقت تحفظ للآخرين من الأقليات الدينية حقوقها كونها نظاما شاملا يحترم المعتقدات ولا يظلم فيه احد، كما أدعو القائمين على وضع المناهج للتفكير بشكل جدي بإضافة مادة الأخلاق كدرس منفصل عن مادة التربية الدينية وتهيئة من له الكفاءة لتدريسها إذ لايعقل ولم نسمع من قبل أن مدرس مادة التربية الدينية يكفر بالله العظيم إذا ما غضب من طلابه .
أتمنى على السادة المعنيين أن يكونوا بمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم وان يتقوا الله في أولادنا وليس أولادهم لأنني على يقين بان غالبيتهم إن لم نقل كلهم لا تشملهم المشاكل التي ذكرت وانما هم في مدارس أوربا وأمريكا أو في دول الجوار وإذا كانوا في داخل العراق فهم في مدارس خاصة تتعامل بالعملة الصعبة وهذا مالا يتيسر لغالبية العراقيين . دعوة للمراجعة أقدمها قبل فوات الأوان والمثل الأجنبي يقول : (السمك طازج في كل وقت لمن أراد الصيد) وعملية التغيير ليس لها وقت محدد وإنما تحتاج إلى إرادة محددة .
((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) صدق الله العلي العظيم

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !