علي جبار عطية
سألني البائع في كافتريا الاكلات السريعة حين نادت معدتي فلبيت النداء! قال: هل تريد (اللفة) بعنبة وملح او من دونهما قلت: ضع منهما قليلاً.وطلبتُ منه شاياً فسألني: هل تريده بسكر او من دون سكر؟ قلت: طبعاً بسكر وأراك اكثرت الاسئلة فهل هذا يعود الى طبيعة زبائنك المتعبين؟
قال: لا… انما احاول ان اراعي زبائني لاسيما المصابين منهم بأمراض السن كارتفاع الضغط وداء السكري!
تركته ولم أجد متعة في تناول هذه الوجبة التي أطل منها سؤال مزمن كالأمراض المزمنة هو: من الذي كبر نحن او من حولنا؟ هل اصبحنا فعلاً شيوخاً ودخلنا سن اليأس؟ ما الذي حصل؟ هل صادرت اعمارنا سنوات الحروب والحصار والدكتاتوريات والديمقراطية الناشئة؟ اذكر مع اول ارتدائي للبدلة العسكرية في التجنيد الالزامي نهاية سنة 1988 اني انتبهت الى ظهور اول خط ابيض خلف اذني في شعري في الشهر الاول من الخدمة وسببه ان نائب العريف كلما كان ينهرنا ويسمعنا كلمات نابية كانت اذناي تؤلمانني ولم ادر ان الالم تجسد بالعلاقة مع الشعر الابيض الذي بدأ يغزو الرأس!
مع ذلك لم انصح احد الاقرباء بصبغ الشعر حين شكا لي كثرة من ينادونه بـ(حجي) واقنعته بان هذا اول طريق البلاء اذ انك ستضيف قيداً على قيودك ولن تستطيع التواصل مع تغيير الهيأة كلما تحول لون شعرك الى لون يشبه اوراق الشجر وقت الخريف!
وأردفت أن لون بشرتك حنطي فاذا صبغت شعرك اسود -ان كانت الخلطة مضبوطة واصلية وليست من تايوان- فان وجهك سيصبح زنجياً بلا شك (مثل مرتزقة كتائب القذافي) فضلاً عن ان البياض في الشعر نور وبهاء!!
لكني أراهن مع ذلك على الاحساس الداخلي بالفتوة والشباب وارد بذلك على كل من يحاول رسم صورة نمطية لمن يلتقيه ظاناً انه ذو فراسة غير آخذ بنظر الاعتبار أثر وقع الكلمة على المقابل فقد لا تتأثر مطلقاً وانت في ريعان الشباب بمن يناديك بعمو او خالو او جدو ولكن مع التقدم بالعمر يصبح لكل كلمة جرسها الخاص وهو جرس انذار حساس جداً فيالها من ورطة ان يتسرب هذا العمر من بين ايدينا ولا نكاد نحصل على بهجة حقيقية الا في الوقت الضائع!
التعليقات (0)