علي جبار عطية
ــــــــــــــــــــــــ
aliatia123@yahoo.com
كاتب وصحفي عراقي
التقيت فناناً تشكيلياً معروفاً قبل يومين وكنت أظن انه سيحدثني عن معرضه المقبل فإذا به ينقد أمانة بغداد لتخصيصها مبلغاً كبيراً لزراعة الورد بينما لا يستطيع فنان مثله أن يكون عشاؤه إلا طبق زلاطة ورغيف خبز ! وكان الرد عليه سهلاً فالبلد إزاء عقود من الخراب والتدمير فمثلما هو بحاجة الى اشاعة ثقافة المحبة والتسامح واحترام الاختلاف لا الخلاف كذلك هو بحاجة الى إشاعة ثقافة زرع الورد و(ازرع ولا تقطع ) مع الاعتذار لثقافية جريدة الصباح التي تعيب على كتاب (الداخل) إنهم مازالوا أسيري لغة النظام الدكتاتوري من حيث استخدام (الامثولات) و(المقولات) مع إن لديهم ملحقاً جيداً مختصا ً بالأدب الشعبي!! واذكر في عقد التسعينيات (عقد الجوع والحصار) ان الدكتور ضياء نافع تبنى فكرة ان يقوم كل عراقي بزرع نخلة في بيته لإشاعة الجمال وتنقية البيئة وعودة العراق إلى الصدارة كبلد النخيل كما عرف عبر العصور لا بلد الرؤوس المقطوعة والجثث مجهولة الهوية والأخبار العاجلة !
وغير خاف ٍ ان إنفاق أموال لزراعة الورد أو غرس اشرف الشجر ( النخيل ) يحرك العجلة الاقتصادية ويشغل إعدادا ً كبيرةً من العاطلين فالمسألة لا تنحصر في شتلة ورد أو تلة نخل وإنما تمتد ليصل خيرها إلى شرائح واسعة من المجتمع فضلاً عن تحسين البيئة والإسهام في تجميل أرض السواد التي هي أرض للسواد بامتياز فماذا يضيرك أيها الفنان بهذه الحركة التزينية وهل إن عدم زراعة الورد سيحل مشكلة الفقر أو الواقع الصعب الذي تعيشه وهو واقع يصعب تصديقه وأتذكر مشهداً فذاً للعبقري شارلي شابلن في أحد أفلامه إذ تقدم له فتاة وردة فيأكلها ! ونحن لا ندعوإلى أكل الورد بل إلى زرعه وسقيه والمحافظة عليه ومن المفارقات أن يكون انتقاد زراعة الورد من فنان مرهف الحس يتوقع منه ان تهزه الوردة وتطربه النسمة وينفعل لمشهد قطع رأس شجرة كما يروى عن الفنان جواد سليم ولكن يبدو أن سلم الحاجات ( ما سلو ) سيظل يمثل نسبةً كبيرة من البشر مع استثناءات قليلة فليس بالفن وحده يحيا الإنسان بل بالزلاطة!
التعليقات (0)