|
|
| لست أدري هل الشاعر حسن توفيق ـ في تقديمه لديوانه الجديد وردة الإشراق ـ جاد أم هازل وهو يقول: أعشق الليل, أتوحد فيه مع الكون, أضمد جراحي فيه أو أبوح بحزني له. أتنفس فيه بحرية أكبر.. أما النهار فله معي شأن آخر, أتغافل عادة عنه, حيث أظل نائما حتي الظهيرة. حين أضطر أحيانا لأن أصحو صباحا, أشعر بالإشفاق تجاه الناس الذين أراهم في الطرقات والشوارع. أحس أنهم آلات بشرية تتحرك بصورة فوضوية أو منظمة, وفقا لطبيعة الإيقاع في المجتمعات التي ينتمون إليها.
والديوان الجديد لحسن توفيق ـ وترتيبه السادس عشر في قائمة دواوينه التي بدأت بديوانه الأول: الدم في الحدائق(1969) وآخرها ليلة القبض علي مجنون العرب(2005) ـ أخذ اسمه من قصيدة شديدة الرقة والعاطفية, يقول فيها: يسقط ورق الصمت اليابس لما يسكرني فرح الخصب. يأتيني صوتك. وردة إشراق. تتفتح موسيقي تتملكني وتمشي بنشوتها روحي فتنورني. وتهدهد أشواق القلب. وأشم عبيرك فيها حين يوشوشني. ما أحلي صوتك إذ يأتي في قلب الليل. ليسافر بي من أقصي الأرض إلي وطني. وإليك علي نفحات الفل. حيث تغني الروح وتشرق رغم جفاف الزمن المعتل. وتذوب القطرة في الكل وتحيا بالكل.
وفي ختامها يقول: عبر الأسلاك ـ أيا مؤنستي ـ يأتي صوتك وردة إشراق بيضاء. استنشقها بحنين الروح إلي فرح لايتبدد. فتطل علي ملامح وجهك دون لقاء. وأظل أقبله بحنين يتجدد.
الديوان كله حالة عشق مشتعل, وجمرة نار متأججة واقتحام لفضاءات القصيدة الوجدانية في الشعر المصري العربي المعاصر. ويبدو أن الاقامة الطويلة للشاعر مغتربا بعيدا عن الوطن في دولة قطر, وعمله اليومي في الصحافة بكل ماتمتليء به ـ وما أكثر مايكون قاتما ومحزنا وحاملا لسحابات التشاؤم واليأس ـ قد صبغا قصائده عموما, وقصائد هذه المجموعة الجديدة ـ بشكل خاص ـ بمسحة قوية من الآسي والشجن. هل هو تقدم العمر النفسي بالشاعر قد أخذ به إلي الساحة الموحشة التي يواجه فيها يقظة الرماد وأطلال الأطلال, والتمثال الذي كسره والزوابع والطفلة, والآمال والموت المزخرف, وغيرها من الأحوال الشعرية التي تستقطر الحزن, وتدفع بطعم المرارة إلي الشفاه.
وفي المقدمة التي تحيرنا بجدها وهزلها. وقارها وفكاهتها, يتحدث حسن توفيق عن إنسان نبيل تجسد فيه الصدق بالنسبة له, يقول عنه: كنت أشعر أنه أبي الروحي, رغم أنه لم يكبرني في العمر إلا بنحو تسع سنوات.
هذا الأب الروحي هو الشاعر العظيم صلاح عبدالصبور الذي لم يكن يكتب ليعيش, وإنما كان يعيش مايكتبه بكل معني الكلمة. يقول صلاح عبدالصبور في كتاب من أجمل كتبه وهو حياتي في الشعر: إن أعظم الفضائل عندي هي الصدق والحرية والعدالة. وأخبث الرذائل هي الكذب والطغيان والظلم. ذلك لأني أعتقد أن هذه الفضائل هي التي تستطيع تشكيل العالم وتنقيته, وأن غيابها معناه ببساطة: انهيار العالم. وقمة الصدق عندي الصدق مع النفس. ومعناه أن يدرك الإنسان وجوده ويعيه, وأن يعرف مكانه من الحياة, وأن يتحمل دوره وعبء وجوده في الحياة, رغم ماقد يكون من قسوته وثقله.
وردة الإشراق وردة شعر جميلة يقدمها حسن توفيق في زمن نفتقد فيه الجمال, ونفتقد فيه الصدق, وبخاصة الصدق مع النفس الذي أشار إليه صلاح عبدالصبور. وهكذا تصبح الوردة نغما في الليل وشاعرنا يقول: نعم يرفرف في فضاء الروح يعرفه صفاء مقمر يتفتح, نغم كأن فراشة مسحورة رفت بحسنها تتأرجح. نغم تتابع كالندي, هو صوتك الشفاف يقبل عبر أجواء السكون, ويظل حولي يصدح! رغم المسافات التي تنأي وتسكنها الظنون, فيخف قلبي هائما متعطشا, يهفو إلي نبراته الحلوة, تتشكل النبرات أطيافا وتحملني إلي جزر من النشوة. تأوي إليها الروح آمنة, وتبقي تمرح!ت أدري هل الشاعر حسن توفيق ـ في تقديمه لديوانه الجديد وردة الإشراق ـ جاد أم هازل وهو يقول: أعشق الليل, أتوحد فيه مع الكون, أضمد جراحي فيه أو أبوح بحزني له. أتنفس فيه بحرية أكبر.. أما النهار فله معي شأن آخر, أتغافل عادة عنه, حيث أظل نائما حتي الظهيرة. حين أضطر أحيانا لأن أصحو صباحا, أشعر بالإشفاق تجاه الناس الذين أراهم في الطرقات والشوارع. أحس أنهم آلات بشرية تتحرك بصورة فوضوية أو منظمة, وفقا لطبيعة الإيقاع في المجتمعات التي ينتمون إليها.
والديوان الجديد لحسن توفيق ـ وترتيبه السادس عشر في قائمة دواوينه التي بدأت بديوانه الأول: الدم في الحدائق(1969) وآخرها ليلة القبض علي مجنون العرب(2005) ـ أخذ اسمه من قصيدة شديدة الرقة والعاطفية, يقول فيها: يسقط ورق الصمت اليابس لما يسكرني فرح الخصب. يأتيني صوتك. وردة إشراق. تتفتح موسيقي تتملكني وتمشي بنشوتها روحي فتنورني. وتهدهد أشواق القلب. وأشم عبيرك فيها حين يوشوشني. ما أحلي صوتك إذ يأتي في قلب الليل. ليسافر بي من أقصي الأرض إلي وطني. وإليك علي نفحات الفل. حيث تغني الروح وتشرق رغم جفاف الزمن المعتل. وتذوب القطرة في الكل وتحيا بالكل.
وفي ختامها يقول: عبر الأسلاك ـ أيا مؤنستي ـ يأتي صوتك وردة إشراق بيضاء. استنشقها بحنين الروح إلي فرح لايتبدد. فتطل علي ملامح وجهك دون لقاء. وأظل أقبله بحنين يتجدد.
الديوان كله حالة عشق مشتعل, وجمرة نار متأججة واقتحام لفضاءات القصيدة الوجدانية في الشعر المصري العربي المعاصر. ويبدو أن الاقامة الطويلة للشاعر مغتربا بعيدا عن الوطن في دولة قطر, وعمله اليومي في الصحافة بكل ماتمتليء به ـ وما أكثر مايكون قاتما ومحزنا وحاملا لسحابات التشاؤم واليأس ـ قد صبغا قصائده عموما, وقصائد هذه المجموعة الجديدة ـ بشكل خاص ـ بمسحة قوية من الآسي والشجن. هل هو تقدم العمر النفسي بالشاعر قد أخذ به إلي الساحة الموحشة التي يواجه فيها يقظة الرماد وأطلال الأطلال, والتمثال الذي كسره والزوابع والطفلة, والآمال والموت المزخرف, وغيرها من الأحوال الشعرية التي تستقطر الحزن, وتدفع بطعم المرارة إلي الشفاه.
وفي المقدمة التي تحيرنا بجدها وهزلها. وقارها وفكاهتها, يتحدث حسن توفيق عن إنسان نبيل تجسد فيه الصدق بالنسبة له, يقول عنه: كنت أشعر أنه أبي الروحي, رغم أنه لم يكبرني في العمر إلا بنحو تسع سنوات.
هذا الأب الروحي هو الشاعر العظيم صلاح عبدالصبور الذي لم يكن يكتب ليعيش, وإنما كان يعيش مايكتبه بكل معني الكلمة. يقول صلاح عبدالصبور في كتاب من أجمل كتبه وهو حياتي في الشعر: إن أعظم الفضائل عندي هي الصدق والحرية والعدالة. وأخبث الرذائل هي الكذب والطغيان والظلم. ذلك لأني أعتقد أن هذه الفضائل هي التي تستطيع تشكيل العالم وتنقيته, وأن غيابها معناه ببساطة: انهيار العالم. وقمة الصدق عندي الصدق مع النفس. ومعناه أن يدرك الإنسان وجوده ويعيه, وأن يعرف مكانه من الحياة, وأن يتحمل دوره وعبء وجوده في الحياة, رغم ماقد يكون من قسوته وثقله.
وردة الإشراق وردة شعر جميلة يقدمها حسن توفيق في زمن نفتقد فيه الجمال, ونفتقد فيه الصدق, وبخاصة الصدق مع النفس الذي أشار إليه صلاح عبدالصبور. وهكذا تصبح الوردة نغما في الليل وشاعرنا يقول: نعم يرفرف في فضاء الروح يعرفه صفاء مقمر يتفتح, نغم كأن فراشة مسحورة رفت بحسنها تتأرجح. نغم تتابع كالندي, هو صوتك الشفاف يقبل عبر أجواء السكون, ويظل حولي يصدح! رغم المسافات التي تنأي وتسكنها الظنون, فيخف قلبي هائما متعطشا, يهفو إلي نبراته الحلوة, تتشكل النبرات أطيافا وتحملني إلي جزر من النشوة. تأوي إليها الروح آمنة, وتبقي تمرح! |
|
|
|
| |
التعليقات (0)