مواضيع اليوم

وردة الاشراق مقال للشاعر فاروق شوشة

حسن توفيق

2009-03-07 22:42:28

0

حسن توفيق ووردة الإشراق
بقلم: فاروق شوشة

لست أدري هل الشاعر حسن توفيق ـ في تقديمه لديوانه الجديد وردة الإشراق ـ جاد أم هازل وهو يقول‏:‏ أعشق الليل‏,‏ أتوحد فيه مع الكون‏,‏ أضمد جراحي فيه أو أبوح بحزني له‏.‏ أتنفس فيه بحرية أكبر‏..‏ أما النهار فله معي شأن آخر‏,‏ أتغافل عادة عنه‏,‏ حيث أظل نائما حتي الظهيرة‏.‏ حين أضطر أحيانا لأن أصحو صباحا‏,‏ أشعر بالإشفاق تجاه الناس الذين أراهم في الطرقات والشوارع‏.‏ أحس أنهم آلات بشرية تتحرك بصورة فوضوية أو منظمة‏,‏ وفقا لطبيعة الإيقاع في المجتمعات التي ينتمون إليها‏.‏

والديوان الجديد لحسن توفيق ـ وترتيبه السادس عشر في قائمة دواوينه التي بدأت بديوانه الأول‏:‏ الدم في الحدائق‏(1969)‏ وآخرها ليلة القبض علي مجنون العرب‏(2005)‏ ـ أخذ اسمه من قصيدة شديدة الرقة والعاطفية‏,‏ يقول فيها‏:‏ يسقط ورق الصمت اليابس لما يسكرني فرح الخصب‏.‏ يأتيني صوتك‏.‏ وردة إشراق‏.‏ تتفتح موسيقي تتملكني وتمشي بنشوتها روحي فتنورني‏.‏ وتهدهد أشواق القلب‏.‏ وأشم عبيرك فيها حين يوشوشني‏.‏ ما أحلي صوتك إذ يأتي في قلب الليل‏.‏ ليسافر بي من أقصي الأرض إلي وطني‏.‏ وإليك علي نفحات الفل‏.‏ حيث تغني الروح وتشرق رغم جفاف الزمن المعتل‏.‏ وتذوب القطرة في الكل وتحيا بالكل‏.‏

وفي ختامها يقول‏:‏ عبر الأسلاك ـ أيا مؤنستي ـ يأتي صوتك وردة إشراق بيضاء‏.‏ استنشقها بحنين الروح إلي فرح لايتبدد‏.‏ فتطل علي ملامح وجهك دون لقاء‏.‏ وأظل أقبله بحنين يتجدد‏.‏

الديوان كله حالة عشق مشتعل‏,‏ وجمرة نار متأججة واقتحام لفضاءات القصيدة الوجدانية في الشعر المصري العربي المعاصر‏.‏ ويبدو أن الاقامة الطويلة للشاعر مغتربا بعيدا عن الوطن في دولة قطر‏,‏ وعمله اليومي في الصحافة بكل ماتمتليء به ـ وما أكثر مايكون قاتما ومحزنا وحاملا لسحابات التشاؤم واليأس ـ قد صبغا قصائده عموما‏,‏ وقصائد هذه المجموعة الجديدة ـ بشكل خاص ـ بمسحة قوية من الآسي والشجن‏.‏ هل هو تقدم العمر النفسي بالشاعر قد أخذ به إلي الساحة الموحشة التي يواجه فيها يقظة الرماد وأطلال الأطلال‏,‏ والتمثال الذي كسره والزوابع والطفلة‏,‏ والآمال والموت المزخرف‏,‏ وغيرها من الأحوال الشعرية التي تستقطر الحزن‏,‏ وتدفع بطعم المرارة إلي الشفاه‏.‏

وفي المقدمة التي تحيرنا بجدها وهزلها‏.‏ وقارها وفكاهتها‏,‏ يتحدث حسن توفيق عن إنسان نبيل تجسد فيه الصدق بالنسبة له‏,‏ يقول عنه‏:‏ كنت أشعر أنه أبي الروحي‏,‏ رغم أنه لم يكبرني في العمر إلا بنحو تسع سنوات‏.‏

هذا الأب الروحي هو الشاعر العظيم صلاح عبدالصبور الذي لم يكن يكتب ليعيش‏,‏ وإنما كان يعيش مايكتبه بكل معني الكلمة‏.‏ يقول صلاح عبدالصبور في كتاب من أجمل كتبه وهو حياتي في الشعر‏:‏ إن أعظم الفضائل عندي هي الصدق والحرية والعدالة‏.‏ وأخبث الرذائل هي الكذب والطغيان والظلم‏.‏ ذلك لأني أعتقد أن هذه الفضائل هي التي تستطيع تشكيل العالم وتنقيته‏,‏ وأن غيابها معناه ببساطة‏:‏ انهيار العالم‏.‏ وقمة الصدق عندي الصدق مع النفس‏.‏ ومعناه أن يدرك الإنسان وجوده ويعيه‏,‏ وأن يعرف مكانه من الحياة‏,‏ وأن يتحمل دوره وعبء وجوده في الحياة‏,‏ رغم ماقد يكون من قسوته وثقله‏.‏

وردة الإشراق وردة شعر جميلة يقدمها حسن توفيق في زمن نفتقد فيه الجمال‏,‏ ونفتقد فيه الصدق‏,‏ وبخاصة الصدق مع النفس الذي أشار إليه صلاح عبدالصبور‏.‏ وهكذا تصبح الوردة نغما في الليل وشاعرنا يقول‏:‏ نعم يرفرف في فضاء الروح يعرفه صفاء مقمر يتفتح‏,‏ نغم كأن فراشة مسحورة رفت بحسنها تتأرجح‏.‏ نغم تتابع كالندي‏,‏ هو صوتك الشفاف يقبل عبر أجواء السكون‏,‏ ويظل حولي يصدح‏!‏ رغم المسافات التي تنأي وتسكنها الظنون‏,‏ فيخف قلبي هائما متعطشا‏,‏ يهفو إلي نبراته الحلوة‏,‏ تتشكل النبرات أطيافا وتحملني إلي جزر من النشوة‏.‏ تأوي إليها الروح آمنة‏,‏ وتبقي تمرح‏!‏
ت أدري هل الشاعر حسن توفيق ـ في تقديمه لديوانه الجديد وردة الإشراق ـ جاد أم هازل وهو يقول‏:‏ أعشق الليل‏,‏ أتوحد فيه مع الكون‏,‏ أضمد جراحي فيه أو أبوح بحزني له‏.‏ أتنفس فيه بحرية أكبر‏..‏ أما النهار فله معي شأن آخر‏,‏ أتغافل عادة عنه‏,‏ حيث أظل نائما حتي الظهيرة‏.‏ حين أضطر أحيانا لأن أصحو صباحا‏,‏ أشعر بالإشفاق تجاه الناس الذين أراهم في الطرقات والشوارع‏.‏ أحس أنهم آلات بشرية تتحرك بصورة فوضوية أو منظمة‏,‏ وفقا لطبيعة الإيقاع في المجتمعات التي ينتمون إليها‏.‏

والديوان الجديد لحسن توفيق ـ وترتيبه السادس عشر في قائمة دواوينه التي بدأت بديوانه الأول‏:‏ الدم في الحدائق‏(1969)‏ وآخرها ليلة القبض علي مجنون العرب‏(2005)‏ ـ أخذ اسمه من قصيدة شديدة الرقة والعاطفية‏,‏ يقول فيها‏:‏ يسقط ورق الصمت اليابس لما يسكرني فرح الخصب‏.‏ يأتيني صوتك‏.‏ وردة إشراق‏.‏ تتفتح موسيقي تتملكني وتمشي بنشوتها روحي فتنورني‏.‏ وتهدهد أشواق القلب‏.‏ وأشم عبيرك فيها حين يوشوشني‏.‏ ما أحلي صوتك إذ يأتي في قلب الليل‏.‏ ليسافر بي من أقصي الأرض إلي وطني‏.‏ وإليك علي نفحات الفل‏.‏ حيث تغني الروح وتشرق رغم جفاف الزمن المعتل‏.‏ وتذوب القطرة في الكل وتحيا بالكل‏.‏

وفي ختامها يقول‏:‏ عبر الأسلاك ـ أيا مؤنستي ـ يأتي صوتك وردة إشراق بيضاء‏.‏ استنشقها بحنين الروح إلي فرح لايتبدد‏.‏ فتطل علي ملامح وجهك دون لقاء‏.‏ وأظل أقبله بحنين يتجدد‏.‏

الديوان كله حالة عشق مشتعل‏,‏ وجمرة نار متأججة واقتحام لفضاءات القصيدة الوجدانية في الشعر المصري العربي المعاصر‏.‏ ويبدو أن الاقامة الطويلة للشاعر مغتربا بعيدا عن الوطن في دولة قطر‏,‏ وعمله اليومي في الصحافة بكل ماتمتليء به ـ وما أكثر مايكون قاتما ومحزنا وحاملا لسحابات التشاؤم واليأس ـ قد صبغا قصائده عموما‏,‏ وقصائد هذه المجموعة الجديدة ـ بشكل خاص ـ بمسحة قوية من الآسي والشجن‏.‏ هل هو تقدم العمر النفسي بالشاعر قد أخذ به إلي الساحة الموحشة التي يواجه فيها يقظة الرماد وأطلال الأطلال‏,‏ والتمثال الذي كسره والزوابع والطفلة‏,‏ والآمال والموت المزخرف‏,‏ وغيرها من الأحوال الشعرية التي تستقطر الحزن‏,‏ وتدفع بطعم المرارة إلي الشفاه‏.‏

وفي المقدمة التي تحيرنا بجدها وهزلها‏.‏ وقارها وفكاهتها‏,‏ يتحدث حسن توفيق عن إنسان نبيل تجسد فيه الصدق بالنسبة له‏,‏ يقول عنه‏:‏ كنت أشعر أنه أبي الروحي‏,‏ رغم أنه لم يكبرني في العمر إلا بنحو تسع سنوات‏.‏

هذا الأب الروحي هو الشاعر العظيم صلاح عبدالصبور الذي لم يكن يكتب ليعيش‏,‏ وإنما كان يعيش مايكتبه بكل معني الكلمة‏.‏ يقول صلاح عبدالصبور في كتاب من أجمل كتبه وهو حياتي في الشعر‏:‏ إن أعظم الفضائل عندي هي الصدق والحرية والعدالة‏.‏ وأخبث الرذائل هي الكذب والطغيان والظلم‏.‏ ذلك لأني أعتقد أن هذه الفضائل هي التي تستطيع تشكيل العالم وتنقيته‏,‏ وأن غيابها معناه ببساطة‏:‏ انهيار العالم‏.‏ وقمة الصدق عندي الصدق مع النفس‏.‏ ومعناه أن يدرك الإنسان وجوده ويعيه‏,‏ وأن يعرف مكانه من الحياة‏,‏ وأن يتحمل دوره وعبء وجوده في الحياة‏,‏ رغم ماقد يكون من قسوته وثقله‏.‏

وردة الإشراق وردة شعر جميلة يقدمها حسن توفيق في زمن نفتقد فيه الجمال‏,‏ ونفتقد فيه الصدق‏,‏ وبخاصة الصدق مع النفس الذي أشار إليه صلاح عبدالصبور‏.‏ وهكذا تصبح الوردة نغما في الليل وشاعرنا يقول‏:‏ نعم يرفرف في فضاء الروح يعرفه صفاء مقمر يتفتح‏,‏ نغم كأن فراشة مسحورة رفت بحسنها تتأرجح‏.‏ نغم تتابع كالندي‏,‏ هو صوتك الشفاف يقبل عبر أجواء السكون‏,‏ ويظل حولي يصدح‏!‏ رغم المسافات التي تنأي وتسكنها الظنون‏,‏ فيخف قلبي هائما متعطشا‏,‏ يهفو إلي نبراته الحلوة‏,‏ تتشكل النبرات أطيافا وتحملني إلي جزر من النشوة‏.‏ تأوي إليها الروح آمنة‏,‏ وتبقي تمرح‏!‏



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !