وراثة وتوارث امتلاك الحقيقة
أبناء القرى والهجر والبادية بشر عاديون يحبون الشعر والحداء ويتقنون الفنون الحركية والصوتية " الشعبية " , يعيشون ببساطة انعكست على فنونهم ووسائلهم الترفيهية التي أخذت من البساطة عنواناً وممارسة .
أهل البادية والهجر والقرى مثل غيرهم يحبون ويكرهون يحلمون ويتمنون يخطئون ويصيبون إنسانية بشرية لا تختلف عن الآخرين لكن ما الذي حدث لهم ؟
ما حدث فعلاً تعرضهم لموجات تجهيل أتت على كل شيء فكانت النتيجة مسخهم وإحداث ربكة فكرية وصدمة حضارية لتلك الفئة الاجتماعية التي كانت تحلم بالتمدن والحياة السعيدة ومد المدينة والحياة المدنية بطاقات بشرية قابلة للعيش والانصهار بفاعلية تامة ؟
أبناء تلك المناطق تحولوا بين ليلةٍ وضحاها لوحوش كاسرة بعد أن كانوا حمائم سلام تغشى أفئدتهم الحياة والحٌب والسلام , كانوا يتعايشون فيما بينهم لا يؤمنون بالاختلافات العرقية والمذهبية والطائفية بل كانوا لا يعرفونها بتاتاً البتة , كانوا جميعاً في الأسواق والطٌرقات والمزارع ومناطق الرعي يعملون سوية مؤمنين بأن الحياة لا تستقيم بغياب فرد من الأفراد , كانوا لا يعرفون مفردات تمنع وتٌجرم عمل ومشاركة المرأة في بناء الحياة المدنية " المجتمع المدني " وكانوا لا يعرفون سوء الظن الذي زٌرع بواسطة التفكير الغير واقعي والتفسير الخاطيء والاجتهاد المبني على سوء ظن , بعدما شقت التنمية طريقها ناحية تلك المناطق الجغرافية " البادية , الهجر , القرى " تغير كل شيء فالتعليم الذي أتاهم لم يكن تعليماً بل كان تجهيلاً وتسطيحاً ومسخاً غير أولئك البشر .
العملية عملية تراكمية مترابطة توارث وتناسل لفكر بطريقةِ تٌمسى متجددة أو يتم تسميتها بذلك خاصة إذا عرجنا قليلاً على التاريخ القديم , الهلال النجدي يمد المجتمع بالعلماء والنٌخبة الفقهية أما بقية المواقع فهي خارج نطاق المعرفة الفقهية رغم الاختلاف المذهبي بين المناطق , ذلك الهلال وبأداة التجهيل والتسطيح " التعليم " منع التعددية بطريقة موغلة في السذاجة فالمذهب الحنبلي محتكر للفتوى والتعليم والقضاء وكأن الوطن بلا تاريخ متنوع ويعيش ثراءً معرفياً ومذهبياً وفكرياً منذ القدم .
التعصب والرأي الأحادي والتزمت وسوء الظن أفضى إلى كوارث جمة تحريم للفنون والألعاب الشعبية والمشاركة المجتمعية لنصف المجتمع ونواته الأولى " المرأة " وتحريم للوسائل والوسائط المدنية كتعليم المرأة في البداية الخ وليس ذلك فقط بل الدخول في نوايا الآخرين ممن لا يتبع الرأي الأحادي خاصة فيما يتعلق بقضايا الحجاب وعمل المرأة وسماع الموسيقى والمناداة بالحرية والمساواة والتعددية سلوك ملاحظ وإن حاول البعض غض الطرف عنه , المشكلة ليست في الرأي الأحادي بل فيمن جعله رأياً واحداً لا يقبل الأخر والآراء الأخرى و الإ فالرأي رأي لا يؤثر طالما بقي ضمن دائرة الرفض والقبول و حق الاختيار .
الإكراه والفرض والترهيب والتخويف لم يمنع المجتمع من التمسك بما يؤمنون به رغم وجود مؤسسات لا تنفك عن التدخل بشتى الطرق في حياة الآخرين وسلوكياتهم " هيئة الأمر بالمعروف " تلك المؤسسة تطبق الرأي الأحادي وتحمل الناس عليه وتلك عملية ليست سويه خاصة إذا علمنا أن وظيفة الدولة الإدارة والتنظيم وليس شيئاً آخر .
قطيع الرأي الأحادي يحاولون الفرض بشتى الوسائل والطرق ويورثون لأبنائهم ما ورثوه من رفضِ للتعددية والحياة المدنية والتعايش والبساطة والحياة السوية التي روحها الفنون والعيش بلا حواجز مصطنعة وراثة وتوارث للرفض والأنا والظن بامتلاك الحقيقة والنتيجة بقاء التزمت والتشدد والتطرف اللفظي والسلوكي وغياب الرأي الآخر الذي هو جزء أصيل وليس طاري أو مستورد ففي كل ذلك ضرر على الفرد والمجتمع والوطن بأكمله !
التعليقات (0)