مواضيع اليوم

وراء كل عظيم ...

نزار يوسف

2009-08-20 08:45:38

0

التقيا في الشارع مصادفة .. صافحته بابتسامتها الوادعة الحنونة : كيف حالك أستاذ ؟؟ أجابها : و الله ... الحمد لله .. أنتِ كيف حالك ؟؟


ـ نحمد الله ..


ـ ماذا تفعلين في تلك الأيام و الليالي ؟


ـ و الله يا أستاذ أنا حالياً أعكف على دراسة مهمة حول علاقة المرأة بالرجل و دورها في المجتمع . و محور هذا الدراسة هو عبارة " وراء كل رجل عظيم امرأة "


ـ عظيم .. عظيم جداً .. و إلام توصلت في بحثك هذا ؟؟؟!!


ـ حتى الآن .. أنا في البداية .. و لكن ألا تشعر معي يا أستاذ أن هنالك فلسفة عميقة في مقولة " وراء كل رجل عظيم امرأة " .


ـ نعم ... نعم ... ربما ...


ـ ليس ربما يا أستاذ ... بل بالتأكيد .


ـ ( مجاملاً ) نعم .. نعم .. ربما بالتأكيد .. بالمناسبة إلى أين وجهة سيرك ؟؟


ـ إلى المكتبة الموجودة في آخر الشارع هناك .. سأتصفح بعض المراجع و أشتري بعض الصحف .. و أنت أستاذ .. إلى أين وجهة سيرك ؟؟


ـ وجهة سيري إلى ما بعد المكتبة التي تريدين الوصول إليها حيث لي بعض المعاملات .
ـ إذن نتابع سيرنا سوياً ...


في الطريق سألته : قل لي يا أستاذ ، ما هي آخر أعمالك ؟؟


ـ في الواقع أنا حالياً مشغول بأمور مالية خاصة قليلاً و بعدها سأتفرغ لمشروع دراسة و بحث جديد . أحياناً و عند الفراغ و ما بين الفينة و الفينة ، أكتب مقالاً و أقذف به في الإنترنت .


ـ يعني كيف ؟؟؟!!! ممكن أن تشرح لي


ـ ( ممازحاً ) قلتي لي يعني كيف .... يعني عندما أنتهي من المقال الذي يأخذ من وقتي على الأكثر حوالي الساعة .. أحياناً أقل .. أقوم بكتابته على الحاسب فوراً ثم أطويه و أشوطه ركلة جزاء .. أو أضعه بالمقلاع و أطوح به و من ثم أقذفه بالإنترنت .


تابعا سيرهما يتجاذبان أطراف الحديث . و فجأة قالت له : ما رأيك يا أستاذ أن تشاركني بحثي هذا الذي أقوم به .


ـ أي بحث ؟؟؟!!!


ـ و لو يا أستاذ !!! بحث ( وراء كل عظيم امرأة ) هل نسيت ؟!!!! .


ـ آآآآ ... نعم .. نعم .... و الله أنا برأيي أن تقومي به أنت وحدك و ليس من الضرورة لأن يشاركك به أحد .


ـ و لكن لماذا ؟؟؟!!!


ـ لأنه يجب عليك أنت أن تضعي كل أفكارك بحيث يكون بحثاً خاصاً بك و تكون عليه لمساتك السحرية و أناملك الناعمة أنت فقط .


ـ و لكن عندما تشاركني فيه ، يكون هنالك رأيان و يقوى البحث .. و بالأخص إذا كان هنالك رأي رجل فيه .


ـ أعرف ذلك .. أعرف يا أنّوستي . و لكن عندما تكون تلك تجربك وحدك ، يكون ذلك حافزاً لك لتكتشفي نفسك .. عليك أن تختبري نفسك يا عزيزتي عليك أن تختبريها .. و تصقلي موهبتك .


ـ و لكن يا أستاذ ألا ترى معي أن هنالك معنى عميق و كامن في مقولة " وراء كل رجل عظيم امرأة " ؟؟ .


ـ ( مجاملاً ) أظن ... أنه ... نعم ... يوجد شيء من هذا القبيل .
ـ ما هي برأيك هذه الحكمة .


حك أرنبة أنفه و من ثم رأسه كما يفعل الجهابذة و قال : و الله أنا برأيي .. أن الحكمة .. هي أن هذا العظيم لو لم يضع المرأة وراءه ، بحياته ما كان صار عظيم .. قال ذلك و لم يستطع منع نفسه من الضحك فانفجر ضاحكاً .


تغير وجه المخلوقة و عبست بشدة و قطبت حاجبيها بعنف و كشرت عن أنيابها و رمقته بنظرة نارية و جرت أمامه مسرعة . أسرع خلفها و صاح بها : ما بك يا صديقتي .. طولي بالك .. أنا أمزح معك .. معقول أنك لا تتحملين مزح ؟؟ .


ـ كلا إنك لا تمزح لقد رأيت ذلك من نظرات عينيك .


ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ... صدقيني أنني كنت أمزح .. و لو عرفت أنك ستغضبين هكذا ما قلت هذا الكلام .. يبدو أنك فعلاً لا تتحملين المزاح .


ـ ( متابعة سيرها بسرعة ) : إنه ليس مزاح .. و إلا فما معنى كلامك هذا .


ـ هي مزحة قلناها .. شو كفرنا بالله ؟؟


ـ نعم .. لقد فعلت .


ـ ( قال مهدئاً ) كلامي هذا يصب في نفس نظريتك تلك .. توقفي لكي أشرح لك .. توقفي لا تفضحينا .. لقد بدأ الناس ينظرون إلينا .


ـ ( وقفت و استدارت مواجهته بتحد ) : تفضل اشرح موقفك .. إنني أستمع إليك .

ـ يعني ... المقصود .... يعني أن الرجل ... يعني عندما .... يضع ... يعني المرأة خلفه .. يعني هو يفعل ذلك ... يعني لكي تدعمه و ... يعني تسنده ... يعني و تجعله عظيماً ... فهي السبب في ذلك . فهل اطمأن قلبك الآن .


ـ ( بنظرة فيها شيء من الشك ) قالت له : يعني قليلاً .. و لكن ليس تماماً .

ـ حسناً .. ها قد وصلنا إلى المكتبة غايتك .. فادخلي إليها و اقضي شأنك و بعدها أنت معزومة على كأس من البوظة الفاخرة و كل ما تشتهينه .. عربون صفاء نيتي و حسن مقصدي ... و أنا سأنتظرك هنا .


بعد خروجها من المكتبة انطلقا سوية إلى أحد الأماكن الفخمة التي تقدم البوظة و مشتقاتها . وصلا إلى السلم المؤدي للأعلى فقال لها : تفضلي مدموزيل . نظرت إلى السلم .. كان منحدراً بشكل قاس بعض الشيء بحيث إذا صعد شخص قبل الآخر سيكون وجه الثاني مقابل منتصف جسد الأول تماماً .


فكرت قليلاً ثم قالت له : كلا .. أنت أولاً


ـ لا يجوز يا عزيزتي .. النساء أولاً .. من المعيب أن أصعد أنا قبلك .. ثم لحظة من فضلك .. بصراحة أنا أيضاً أريد أن أكتب مقالاً و بحث عن نظرية تقول أنه وراء كل امرأة عظيمة رجل .. أليس من حقي ذلك ؟؟ ألا تريدين أن تكوني عظيمة ؟؟ ألا تريدين أن أكفر عن ذنبي ؟؟


فكرت قليلاً ثم أومأت برأسها مبتسمة علامة الموافقة و تقدمت إلى السلم . صعد خلفها مباشرة .. نظر إليها ثم ترنم مغنياً :


أنزلتُ حبكِ في آآهي فشتتها           طربت آهاً فكنت الحب في طربي
لما بدا يتثنى لما بدا يتثنى             بغنج و دلال .. بغنج و دلال
حبي جماله فتنا                        أفديه .. هل من وصال
وعدي و يا حيرتي                     مالي رحيم شكوتي
في الحب من لوعتي                  إلا مليك الجمال .. إلا مليك الجمال

 

نزار يوسف




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !