حين قام الشباب المصرى بثورته النبيلة كان يحلم بإقامة دولة ديموقراطية تحفظ له حقوقه فى حياة حرة كريمة , وتضع أساس دولة حديثة قائمة على المواطنة , دولة تحرص على حرية العقيدة وتصون خاصية مصر الحضارية كدولة حاضنة للفن فريدة الإبداع تعتبر تربتها منبتا لكل الحضارات وحاضنة للديانات كلها دون قسر أقصر أو إبعاد كان هذا هو الحلم الذى بذل الثوار دماءهم فى سبيله , ولكن العسكر حولوا هذا الحلم إلى كابوس بإجراء انتخابات عشوائية أتاحوا فيها فرصة فريدة للتيار الدينى أن يقفز على السلطة ويملأ الآفاق بشعاراته التى هى بالقطع ضد كل ما حلم به الثوا وناضلوا من أجله , وشعر الثوار بالمأزق وغشت الكآبة مثقفى مصر وفنانيها وكبار مفكريها , وأخذ الثوار ينزلون إلى الميادين مرة أخرى خاصة بعد مجزرة بور سعيد , وطلبهم العاجل هو سرعة تسليم السلطة لرئيس مدنى منتخب , والسؤال هو من عساه يكون هذا الرئيس المدنى ؟ لقد استطاع التيار الاسلامى أن يجند ويجمع الشارع الأمى ومعظم أفراده الذين غيب نظام مبارك وعيهم لعقود طويلة استطاع أن يحصل على حوالى 80% من مقاعد المجلس التشريعى , وبمنطق بسيط فإن المرشح للرئاسة الذى سيقف وراءه هذا التيار سوف يفوز بنفس نسبة الأصوات ولا بد أن يكون من نفس التيار وإن تخفى وراء بعض الشعارات , وهذا ما دعا رجلا فى حجم وكفاءة الدكتور البرادعى لإعلان انسحابه من الترشح للرئاسة بعد أن علم اتجاه الريح , وبعد أن أوعز المجلس الحاكم لأركان نظامه بالتهجم على منظمات المجتمع المدنى وتجريحها , وإلقاء التهم على رموز هذا المجتمع ومنع بعضهم من السفر مثر الدكتور أيمن نور وممدوح حمزة . خلاصة القول أن الرئيس القادم سيكون إخوانيا أو سلفيا ليسهم مع المجلس المنتخب فى فى هدم آخر ركن من أركان دولة الحداثة والمواطنة , فهل هذا ما يريده الثوار المنادون بسرعة إجراء انتخابات الرئاسة لينقذوا الوطن من حكم العسكر ؟ ! ألا ينطبق عليهم أنهم كالمستجير من الرمضاء بالنار ! أم ينطبق عليهم قول أبى نواس فى وصف الخمر -وداونى بالتى كانت هى الداء - مع الاحتفاظ للخمر بخاصيتها التى تجلو الهموم . أم لعلى أقول للمجلس العسكرى بلسان الثوار - اسقنيها لا لتجلو الهم عن أنت همى ؟ !
التعليقات (0)