وداعا داعس أبوكشك
بقلم :- الاعلامي غازي أبوكشك
المدير العام للمؤسسة الفلسطينية للصحافة والاعلام
داعس ابوكشك شخصية معروفة يدرك الجميع انه امام رجل له هيبته وله حضوره المميز وقامته منتصبة صامدة كشجرة عظيمة جذورها في الأرض قادرة على الصمود امام الرياح ولا تتمايل معها إنها تقتلع من جذرها وتسقط واقفة دون ان تنحني امام عوائد الزمن وتقلباته . في حياتنا نحدد اسمنا وهويتنا وانتماؤنا ، ونعرف تاريخ ولادتنا بالسنة والشهر واليوم وحتى الساعة ، ونحن متأكدون ايضاً بأن النهاية والموت هو مصيرنا ، فالحقيقة الحتمية والتي يؤمن بها جميع البشر ان لكل بداية نهاية هكذا هي الدنيا من الأزل الى الأبد .
ولنا علم اليقين إنه الموت الذي لا مفر منه وهو القانون والعدالة الوحيدة التي تسري على الغني والفقير ، على الملك والعبد ، على الصالح والطالح ، على الضعيف والقوي ، لكن السر الدفين يكمن في تضاعيف معرفة وتحديد ذلك اليوم وتلك الساعة ، فالموت هو الزائر المتربص ، حيث لا يطرق الباب ولا يأخذ السماح للدخول ، فهو زائر ، علينا ان نتوقع حضوره في اية لحظة من حياتنا القصيرة التي تمثل لحظة من عمر الزمن .
لكن تبقى ثمة مسألة مهمة بالنسبة لنا نحن البشر وهو ماذا يورث الأنسان وراءه من التركات إن كان من البنين او الأموال او بحوث ادبية او علمية تخدم البشرية ، او ترك سمعة طيبة مع يتوارثها جيل بعد جيل في مجتمعه وبين اقرانه .
وأعود الى الراحل والقائد التربوي . انا شخصياً لم افلح في التفريق بين الراحل داعس ابوكشك السياسي و داعس ابوكشك المثقف ، فلا شك هنالك حدود تفصل بين المفكر والسياسي ، إن كان في الرؤية او الهدف . ففي البلدان الأوروبية للمفكر دور كبير في تهيئة ارضية جلية واضحة ، وذلك عبر اجتهاده في دراسة وتحليل وتفكيك نظريات فلسفية وتجارب تاريخية وأحداث ووقائع اجتماعية وسياسية واقتصادية ، لكي يستفيد منها السياسي في محاولة الأبتعاد عن التخبط والفوضى وتكرار الأخطاء .
في ضوء ذلك استطيع الزعم بأن الراحل داعس ابوكشك كان يجمع بين الأثنين السياسي والمفكر ، وليس ذلك غريباً عليه إذا دققنا خلفيته الأكاديمية سنجد اولاً انه خريج جامعة بيروت العربية وعمل استاذاً لمدة 30 عاماً ، ولديه عشرات البحوث في مجال السياسة والاقتصاد والتربية بالأضافة الى مئات المقالات السياسية في المواقع الألكترونية والصحف العربية والدولية .
وثانياً إن الراحل داعس ابوكشك قد عركه الدهر وتدرب في مدرسة الحياة في سوح النضال فقد اعتقل اكثر من مرة بسبب آرائه السياسية ومعارضته للاحتلال جالست الراحل اخي داعس ابوكشك وكان مفوهاً جيداً ، بليغ الكلام يتحدث لغة تلكيفية محببة ، ولكن اثناء الجدل والحديث السياسي ينطلق باللغة العربية ، وهو غالباً ما يطلب السماح بأن يعبر عن رأيه في نقاش سياسي محتدم بالسماح له بأن يتكلم باللسان العربي ، وهو متمكن من هذه اللغة وقوي الحجة وهو جرئ وشجاع في تصريحاته وإبداء وجهة نظره الى القنوات العربية او وسائل الأعلام الأخرى فهو دقيق ينتقي كلماته وعبارته الرصينة المعبرة دون ان يكون ثمة اسهابات إنشائية دون مغزى ، لا اغالي إن زعمت إنه دائماً كان يحكّم عقله وفكره ومبادئه في ما يقوله ويكتبه .
اجل ان الراحل داعس ابوكشك كان ضرباً من الصدق مع نفسه ومع الآخرين ، ولهذا وجدتة لم يتشبث بعلياء المبدأية المطلقة فقد تحرك نحو تخوم النسبية ، وهكذا نألفه يتوجه الى محيطه إن كان فيما يخص الساحة الفلسطينية الوطنية او الساحة القومية لشعبنا المهمش في وطنه فلسطين ، كان صادقاً مع نفسه ومع الآخر وهو يعرف بشجاعة وشفافية في نظر من عايشه
التعليقات (0)