مواضيع اليوم

وخير جليس في الزمان..كنافة

كلكامش العراقي

2010-02-20 19:35:42

0

 يزداد عدد سكان مدينة حلب السورية بسرعة ملفتة، فمن أقل من نصف مليون نسمة منتصف القرن العشرين، ارتفع عدد سكان العاصمة الاقتصادية السورية إلى ما يقرب من 4 ملايين نسمة الآن.

ويترافق ازدياد عدد السكان بتراجع عدد مكتبات المدينة العريقة، حتى بات مألوفا لسكانها رؤية المكتبات الشهيرة تتحول الى محلات لبيع الألبسة أوالحلويات.
محلان لبيع الاقمشة وآلات الخياطة احتلا مكان مكتبة "عجان الحديد" للادب والتراث العربي التي ظلت أكبر مكتبة في مدينة حلب طوال 220 سنة.
بينما محل للأدوات الكهربائية ورث مكتبة الاستانبولي التي كانت معروفة بالانفتاح على الثقافة الغربية، أما مكتبة "دار الفجر" اليسارية الشهيرة فباتت محلاً لبيع الكنافة.
حتى كتب دار الفجر لم تجد من يشتريها بعد مضي سنوات على تحويلها الى محل لبيع الحلويات، لتبقى رفوفها، وبعض ما تبقى من كتب عليها، شاهداً على تغير عميق اصاب العالم ووصلت آثاره الى حلب.
وسيم صادق وارث دار الفجر قال لبي بي سي " تحولت الدار الى محل حلويات عام 1994 لان سوق الثقافة مات، فكرنا مراراً بالعودة الى بيع الكتب، لكن لا يوجد أي أفق، خفضنا أسعار الكتب بنسبة 70% ولم يشتريها أحد".
ويلاحظ افتتاح عدد قليل جداً من المكتبات الجديدة وسط مدينة حلب، لكنه لا يساوي عدد المكتبات المغلقة.ولم يسجل افتتاح أي مكتبة جديدة في جميع الاحياء الحديثة والتي تضم مئات الألوف من السكان، فيما لوحظ تراجع كبير في عدد وحجم المكتبات المنزلية.
محمد عجان الحديد، مالك مكتبة عجان الحديد الشهيرة قال للبي بي سي "حجم مبيعات الكتب تراجع كثيراً، لا أحد يتكلم عن الكتاب اليوم، الكل مشغول بالطعام والشراب، 60% من بيوت حلب كان فيها مكتبات قيمة، لكنها تنقرض، الكثير من الورثة يسرعون للتخلص من مكتبات آبائهم وأجدادهم ببيعها بالكيلو فور وفاتهم".
 
مشاريع خاسرة
 
تراجع عدد المكتبات يترافق مع تراجع كمية الكتب المباعة، مما جعل المكتبات مشاريع خاسرة اقتصادياً .
محمد سليم زيد طبيب ورث عن والده مكتبة دار الرواد المختصة ببيع الكتب غير العربية، وخاصة الانكليزية منها، قال لبي بي سي " هناك احجام عن الكتاب بسبب توفر مصادر بديلة كالانترنت، وبسبب غلاء الكتب مقارنة بمستوى المعيشة، عدد سكان المدينة يزداد وعدد المكتبات يتراجع".
نوعية الكتب المباعة تغيرت أيضاً ، الكتب الدينية حافظت نسبياً على مستوى مبيعاتها، فيما أخلت كتب الادب والسياسة والثقافة مكانها لصالح كتب المعلوماتية والطبخ والتنجيم والرجيم.حتى ظاهرة شراء الأغنياء للكتب بغرض الزينة والديكور، تكاد تختفي، وهي كانت تساعد المكتبات على الاستمرار والتوازن الاقتصادي.
وبلغة الاحصاءات ازداد عدد سكان مدينة حلب في نصف القرن الماضي ثلاث مرات، فيما بقي عدد مكتباتها يراوح مكانه.وهذا يعني أن نسبة المكتبات الى عدد السكان تراجعت ثلاث مرات، وبحساب تدهور عدد الكتب المقروءة ، تكون حصيلة التراجع في الحال الثقافي والتعليمي أكثر من ثلاثة أضعاف في هذه المدينة العريقة.
 
نقلا عن  BBC
ــــــــــــــــــــــــــ
واقع المكتبات في حلب لا يختلف كثيرا عن واقع المكتبات في أي مدينة عربية أخرى..فمع تزايد السكان تتزايد أحتياجاتهم المختلفة ومنها حاجتهم الى الأطلاع لكن الغريب أن أعداد المكتبات آخذة بالتناقص رغم تزايد أعداد السكان.لا أعتقد أن قلة المداخيل المالية للأسر تبرر هذا التدني الهريب في معدلات المطالعة بيننا..فالواقع المادي في معظم البلدان العربية اليوم هو أفضل من الواقع أيام الخمسينات والستينات من القرن الماضي حيث كانت العديد من الأسر تعاني من الجهل والفقر والعازة لكن ذلك لم يمنع أن تنتج هذه الأسر جيلا مثقفا واسع الأطلاع محب للقراءة.فلسيت كل الكتب غالية كما أن بأمكان أي شخص أقتناء الكتب المستعملة أو الطبعات التجارية (التي تطبع بدون أهتمام بالتغليف أو نوعية الورق) فليس المهم غلاف الكتاب أو نوعية ورقه مادام يضم بين غلافيه نفس المادة العلمية.كما أن علينا أن لاننسى أن أحد أصحاب المكتبات يوضح أن نسبة التخفيض بأسعار الكتب وصلت حتى 70% من قيمتها الأصلية لكنها لازالت لاتجد من يشتريها..المشكلة في الحقيقة ليست مشكلة مادية..فهناك اليوم العديد من الأسر المتمكنة مادية تخلو بيوتها من كتاب واحد(إلا اللهم كتب الدجل والتنجيم وبعض الكتيبات الدينية) وفي الوقت الذي تنفق هذه الأسر مبالغ ليست بالقليلة على شراء أحدث أجهزة العاب الفيديو لأطفالها نراها تمتنع عن شراء كتب الأطفال لهم رغم ما لهذه الكتب من دور في تحبيب القراءة لنفوس الأطفال وتوسيع مداركهم.
أ ترانا أصبحنا متطورين جدا حتى أصبح الكتاب لايعني لنا شيئا؟؟
ما الذي يمنعنا عن القراءة؟؟
أهي أعمالنا ومشاغلنا؟؟لا أعتقد ذلك لأن الغربيين أكثر أنشغالا منا بكثير ورغم ذلك فلازالوا يقرأون ولازالت الكتب تطبع عندهم بملايين النسخ فيما يعد طبع خمسة الآف نسخة من كتاب في بلداننا مجازفة كبيرة..
أهو الأنترنت؟؟لا أعتقد ذلك أيضا..فقد سبقونا اليه ولازالوا يقرأون..
ثم ماهي نسبة أستخدامنا للأنترنت من أجل الأطلاع وزيادة المعلومات؟؟
لا بل ماهي نسبة المواقع العربية التي تقدم للقارئ العربي(المتخصص والهاوي) معلومات رصينة ومحدثة بأستمرار يمكن الأعتماد عليها؟؟
بماذا نحن منشغلون عن المطالعة؟؟
بأختراعاتنا وأبتكاراتنا؟؟
بوضع حلول للتحديات التي تواجهنا؟؟
أم ربما بالتهيؤ لفتح واشنطن؟؟
المشكلة الأخرى التي تواجهنا هي نوعيات القراءة..
فنحن لانكتفي بأن نقرأ قليلا..
فحتى هذا القليل الذي نقرأه ليس في الحقيقة سوى رصاصات نطلقها على العقل..
أما كتب الفكر والأدب والفلسفة والعلوم الأنسانية فهي تتراجع يوما بعد يوم..
فهي مادامت بضاعة ثقيلة لن تجد ناشرا ليتبناها ومادامت لاتمجد السلطة فلن تطبعها الجهات الحكومية وتوزعها..
وأن حالف الحظ المؤلف وعثر على من يتبناه وينشر كتبه فتلك الكتب بطبيعة الحال ستكون غالية (نسبيا) بينما نجد الكتاب الديني مثلا متوفرا بأسعار أقرب للمجانية فيما يحصل مؤلفوها على مبالغ محترمة من الناشرين(المدعومين ماديا)..
قبل أيام كنت أتحدث لكاتب عراقي جمعتني به الصدفة في أحدى المكتبات حدثني عن أن جهة دينية عرضت عليه تأليف كتاب عن أحد رموز الأسلام السياسي في مقابل مبلغ مليون دينار عراقي مقدما بالأضافة الى عوائد بيع الكتاب..بكلام آخر ستدفع الدار مليون دينار ومن ثم تطبع الكتاب وتسوقه وتمنح كل المبالغ العائدة من البيع(وليس الأرباح) للكاتب..في النهاية رفض صديقي العرض لأن الأمر قد يعرضه لمخاطر أمنية.
هذا بالطبع مثال بسيط عن مؤسسة دينية بأمكانيات مادية ليست بالكبيرة فكيف بالمؤسسات الأكبر؟؟
أما بالنسبة لكتب الدجل والتنجيم فهي كتب يشتريها القارئون العرب مهما غلا ثمنها وهي بالتالي تجارة رابحة للناشرين الذين يتبارون على تقديم أفضل العروض لهذا العراف أو لتلك المنجمة..
لقد سمعنا الكثير من الحديث عن خطوات عربية لتضييق الفوارق العلمية بيننا وبين الغرب ورغم أن هذا الحديث لايتجاوز وضع خطط وعدم تطبيقها غير أن هذه الخطط بحد ذاتها تعاني الكثير من الثغرات..فعندما نفكر بالتطور ينحصر فكرنا بمجال التعليم العالي رغم أن العشرات من عظماء الفلاسفة والعلماء لم يكونوا موفقين بدراستهم الأكاديمية..كما أن تطوير شريحة الطلبة الجامعيين في مجالات أختصاصهم لن تجعل منهم أناس متطورين..ففي النهاية سيبقون على عقلياتهم القديمة المستعدة لنبذ أي فكرة علمية مهما علا شأنها أن طلب منهم أمام مسجد دجال ذلك..
نحن بحاجة الى مشروع لتوفير الكتاب للجميع وتشجيع المواطنين على القراءة(من أجل أن نشجعهم بعدها على التفكير) وبالأخص تشجيع الأطفال في المدارس على ذلك لأن جيل القراء الحاليين في طريقه الى الأنقراض ويجب العمل منذ الآن على أن لايسبب الجيل القادم قطيعة كاملة مع الكتاب(ومع العقل في النهاية)..
لم تتطور الدول بمساعدة المنجمين ولابقراءة الكتب الدينية وكتب الطبخ..
الدولة العباسية أزدهرت أيام المأمون لأن مواطنيها كانوا يقرأون ويترجمون وبفكرون ويتناقشون لكنها تدهورت بعد أن أضطهد العقل فيها وحورب الكتاب وأتهم المفكرون بالزندقة..
أوربا أيضا لم تتطور الا عندما أخذ مفكروها بالتزايد وأخذت أفكارهم تتسرب الى العامة..
زيادة أعداد السكان تقتضي زيادة مماثلة في نسب الكتب المطبوعة من أجل ان يواكب المجتمع التطور العالمي(لا أقصد هنا بالتطور التطور العلمي وحده بل كل مجالات التطور البشري) لكن في حالتنا اليوم نحن بحاجة في زيادة أكبر في العناوين المطبوعة وفي أعدادها لأن علينا أن نلحق العالم قبل أن نواكبه..
ترى هل سنعود لنحاول اللحاق بالركب أم أننا عائدون الى العصور المظلمة من جديد خاصة وأن الكتب عندنا أصبحت تباع بالكيلوغرامات بالضبط كما يباع حديد السكراب؟؟
هل سنبقا نتحسر على أيام الستينيات والسبيعنيات وعلى أزدهار الثقافة فيها في مجتمعاتنا؟؟
وهل للمد الديني الذي أخذ بالأستفحال في أواخر السبعينيات وماتلاها دور في هذا التراجع الثقافي الذي نعانيه؟؟
أسألة نطرحها ونتمنى أن تعالج المشكلة قبل أن نفقد ماتبقى من المكتبات ودور النشر..
 



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات