ليت ذاك الزمان البعيد يعود ونفحات طيبه تسود ، زمن لم يقدر لي أن أحياه ولكنني قرأت عنه ما يكفيني لأتمنى عودته وأرجو نوبته ، فيا لها من أمنيات تراودني وتلحقني وتمنيات تحتل عقلي وكياني فيا ليتني ويا ليتني ، يا ليتني ولدت في عهد النبوة أو حتى نشأت وترعرعت في زمن الراشدين أو كنت جارية عند أفقرهم أو عبدا مملوكا يباع ويشترى أو أن أكون صخرة منسية في أزقتهم وطرقاتهم يا ليتني ويا ليتني كنت أي شيء من ذاك الزمان ، ورقة يخط عليها الانتصارات أو علم حر يرفرف في بلاد الأحرار أو حتى دعوة تدعو بها أفواه الأمهات فتتلقاها السماء وتستجاب تلك الدعوات ،، على أن أكون من هذا الزمان ، زمن الغرباء ، ليتني ما كنت هنا وما ولدت هنا و ما عرفت هذا الزمان ،، نعم هذه هي غربتي التي أكابدها ليل نهار ، غربة في الروح ، غربة في الفكر ، غربة في الذات ، كم هي صعبة تلك الغربة النفسية ، أعيشها بين أهلي وخلاني ، أراها في بيتي ووطني !! فهذا زمان الغرباء و تفرق الأرواح فلا نلتقي مع ذوينا الحقيقيين إلا عبر صفحات التاريخ المشرقة الوضاءة فقط هناك ينطفئ لهيب الألم و يسكن الحلم بالعودة لذاك الزمن الجميل الذي صاغ أروع المعاني الإنسانية وأسماها وحاك لنا ماض مهيب نتغنى به في كل محفل و زمان ، فلا ذل تجرعوه ولا هوان تأصل في شخوصهم وعقولهم ، إنه زمن الأحرار ، هؤلاء فقط من أريد أن أحيا بينهم و ينزع قلبي ثوب الغربة بينهم و ترتشف روحي العطشى كؤوس العزة معهم ، كم أتمنى ان أراهم أو ألتقي بهم ولو ساعة من زمن الأحلام ليسكن لهيب الشوق لهم ولعصرهم الماسي الزاخر بالمعاني الجميلة والوافر بالعزة والانتصارات .. كم تمنيت أن أكون من ذاك الزمن الغابر !! وكم قلت لم أنا هنا ؟؟ ما هذا البلاء يا ربي !! و لم أجد إجابة ترشدني ولا منارة تهديني إلا قولي لنفسي هو القدر الذي شاءه الله تعالى لي ولغيري من الغرباء المستوحشين من هذا الزمان ، زمن الكفر والإلحاد زمن الذل والانهزامات زمان ضياع الأخلاق اللامحدود زمان ما عدت أفهمه أوأطيقه أو أطيق العيش فيه إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل فأحيا ما بقي لي من عمر على نهج أبناء الزمن الماضي و أنبذ عن روحي - ولو قليلا - وحشتي منك يا زماني .
التعليقات (0)