قلت إنها الآن بين أحضان رجل أخر وبالها منشغل عني حتى أن طيفي ما عاد يحلق في سماواتها ، قلت أنها فقدت تفاصيل وجهي بالمرة وأن كل الكلمات.الروائح.الأماكن التي كنا نخترقها سويا قد انمحت من كيانها إلى الأبد، ثم فكرت : كيف تراه يقع كل ذلك وأنا ألان أعلن عجزي عن مقاومة التفكير فيها فانهلت مكرها أكتب بعدما زارني خيالها ذات حلم جميل لم يتبق لي منه غير صور مبهمة استيقظت على إثرها مرتاحا صافي الذهن قبل أن يزول ذلك السحر وانأ أتفحص الوجوه بحثا عنها...الان كل شيء قد مضى ، وقد اقتنعت بعد مخاض عسير أن قيمة الأشياء إنما تبرز لدى فقداننا إياها ، وهي ليست شيئا ، كانت حدثا غير عادي جعلني أنتبه لتلك التي يسمونها عواطف ومشاعر ،قبلها كنت منغمسا في اللامبالاة.في الانحطاط.في العبث.ولم أعط احتمالا لصدق الأحاسيس أو حتى لوجودها من الأساس.كان من الصعب التصديق بحتمية التفكير في شخص ما والرغبة في وجوده كل دقيقة.الان لوعة الغياب وجحيم التغيير تعطي الحياة لونا ممسوخا.رماديا.مبهما.والعودة إلى الوراء بقدر ما تشكل وهما نلتجئ إليه فإنها تعود بنا إلى المنطق المرعب : الأشياء التي مضت لا تعود ،ومع ذلك، لازال في الأفق متسع..والقدر.الصدفة.اللعنة،لها كلمتها العليا، وإن جعلتنا نفترق ذات لحظة غضب وانعدام صبر فإنها قادرة على..،لكننا لا نستحم في النهر مرتين.وحتى إن...من يضمن لنفسه ساعة فكيف انتظار لحظة قد لا تأتي في هذه الحياة أبدا...
أترى لنا حظ أخر..حياة أخرى..
لقد صدق القائل بكوننا بحاجة إلى حياة كاملة حتى نتعلم كيف نعيش ،كيف نسترد الأخطاء..كيف نسخر منها متوعدين إياها بعدم التكرار..
كنت وحدي أبتدع الشوق للاشيء
وأدعو نفسي الوحيدة للعشاء الأخير
كنت وحدي ذات أحد حزين
مضمخ بالتبغ والنبيذ الرخيص
صرخت في عنق الزجاجة :
لا سلطان لي في ما تملكين
إني صريع هذا الوجد وهذا الشارع الخالي
وهذا الفؤاد المهجور كأرصفة الشتاء..
سمعت النداء لكنك لا تردين
وفي ذات الأحد الحزين
كنت أمحو وجهك من كأسي
وأطارده..
ككلب شرطة
متلهف لرائحة الحشيش..
هوامش على كناش الغياب :
حتى لا أوصف بالتجني على الشعر أو ما شابه..فهذي الكلمات غير المنضبطة قد سقطت ثم كتبت كما هي..عذراء.. فلا يحملني أحباب الشعر ما لا أحتمله..
توصلت ،في عز الغياب ، بمجموعة من الرسائل من قراء ومهتمين يتساءلون عن أسباب الغياب ويعبرون عن تشجيعهم لهذه البذرة الإلكترونية ، وأنا إذ أشكر هؤلاء الأعزاء على سؤالهم، أقول أني فعلا كنت قد قررت ذات لحظة طيش التوقف نهائيا عن الكتابة لأسباب خاصة..لكن كما قال أحد الندامى القدامى أن المصير هو الحرف..وهأنذا أعود..وسأعود طالما أسعفني الزمن.
محمد الشاوي /الدار البيضاء/ أكتوبر 2010
التعليقات (0)