مواضيع اليوم

وحدة الجسد القصائدي

إبراهيم أبو عواد

2013-08-26 11:31:03

0

وحدة الجسد القصائدي

 

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد

 

صحيفة قاب قوسين الإلكترونية 26/8/2013

 

      إن القصيدة هي حالة الصراع بين ثورة اللغة ولغةِ الثورة . وهذه الحالةُ تستند إلى فلسفة غامضة لا مُبهَمة ، لأن الشعر _ بطبيعته _ لغة مُشَفَّرة. والفلسفةُ الغامضة واللغةُ المشفَّرة هما الجناحان اللذان يَطير بهما المشروعُ القصائدي . إنهما عمودا الارتكاز اللذان تقف عليهما شرعيةُ الثقافة الشعرية . وإذا رَسخت هذه الشرعية في النسيج الاجتماعي فإن المعاني سوف تتفجر بصورة ديناميكية ، والألفاظ سوف تتأجج بشكل ثوري . وعندئذ ستندلع الصور الفنية التي لا يمكن تأطيرها داخل قالب محصور . وهذا الحراك الثقافي مرجعه إلى التكثيف اللغوي الذي يجتاح ذاتيةَ الشَّاعر الرائي ، ويقتحم الرؤيةَ الفلسفية للمجموع الإنساني الكلماتي، ويهاجم السلبياتِ المجتمعية القائمة على أرض الواقع .

 

     ولأن القصيدة تقاتِل على أكثر من جبهة ، استحقت نيل شرعية الخروج على القيم الواهمة السجينة داخل الأطر الفوضوية. فالتأطير ينبغي أن يكون منهجياً يعتمد على الموازنة بين الأسلوب الصانع والكلماتِ الشاعرة . وفي كل طبقة شِعرية تتدفق أساسات تجريبية كقوة ذاتية حركية قادرة على صناعةِ حِراك اجتماعي كلماتي كاسر للقوالب الجاهزة ، وهدمِ الأسوار العازلة التي تقطِّع أوصالَ جسد القصيدة ، وتمزِّق التدفقَ الشاعري .

     ووَحدةُ الجسد القصائدي أمرٌ حتمي ومصيري . فالقصيدةُ ينبغي أن تكون مفتوحةً على كامل مساحتها . وهذا لا يتأتى إلا بمنع إقامة حواجز في النص الشِّعري ، وذلك من أجل الحفاظ على تماسك النسيج الشعري ، والحيلولة دون تفكك النص وفقدانه السيادة على كامل أجزائه .

     ومن الخصائص الرئيسية للقصيدة انفتاحُها على كل تفاصيلها ، ووجودُ جزيئاتها على مساحة متصلة كاملة السيادة. وهذه السيادة يجب أن تضم التاريخَ الرمزي للثقافة الشعرية ، والجغرافيا الكلماتية للفكر الاجتماعي . وهذا الفكر الثقافي المركزي _ بكل أركانه _ يتولد من أجزاء المجتمع البشري ، ويرمي إلى تكريس واقعية الفعل الاجتماعي الذي يُثبِّت الحقائقَ الشعرية الاجتماعية كمنظومة حياتية .

     وعلى الرغم من تعدد البناءات المعرفية ، وتشابكِ خيوط المجتمع الشعري والمجتمعِ البشري ، إلا أن الفوضى لا يمكن أن تتسلل إلى هذه الحركة الإبداعية ، لأن التلاقح بين الأفكار ( الشعرية _ الاجتماعية ) سيظل خاضعاً للأبجدية اللفظية ذات الامتداد المعنوي. 

https://www.facebook.com/abuawwad1982




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !