حتى ولو كان الدّين الإسلامي محض أساطير أوّلين ـ بحسب ما يروّج له أعداؤه ـ تناقلتها الأجيال، وتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد على مرّ العصور !.. وحتى لوكان محمد داهية إستطاع أن يقنع الناس برواية من نسج خياله عن ربٍّ واحد أحد، وعن خالق للأكوان والعباد !.. فلا شك أن بين ثنايا ذاك الدّين، وفي تعاليمه وفي تعاملاته أمورا كثيرة تستحق التوقف عندها، والتأمل في رقيّها وسمُوّها، منها الدعوة الحثيثة إلى تحرّي الحقيقة والصدق !.. ولا شك أيضا أن في سيرة محمد وخصاله وأخلاقه، ما يدعوا إلى الإعجاب كالأمانة والوفاء والصدق !..
فمحمد صلى الله عليه وسلم، عُرف بالأخلاق الفاضلة في جاهلية قريش، وكانوا يعترفون له رغم غيّهم وجبروتهم بتلك الخصال النقية، ويتباهون به أمام باقي العرب !.. محمد كان صادقا وأمينا وخلوقا قبل أن تتنزل عليه الرّسالة، وقبل أن يخرُج في الناس نبيا يدعوهم إلى الصدق !..
محمّد صلى الله عليه وسلم، تربى في كنف الرّعاية الرّبانية، وتتلمذ على يدي ربه أربعين سنة، قبل أن يدعوه : (إقرأ) !.. إقرأ يا محمّد على الخليقة ما تنفّذ إلى بصيرتك وما تشرّبته ذاتك من صفاء ونقاء وتقوى في تلك الأربعين سنة !.. إقرأ على الناس مكارم أخلاقك يا محمّد في أزمنة المجون والفسق والضلال والظلام، وخبّرهم أنك ما بُعثت إلا لتتم تلك المكارم في أزمنة النور والقرآن والأمانة والتقوى والصدق !..
محمّد صلى الله عليه وسلم، كان تلميذا قبل أن يصبح مُعلما، وبدأ بنفسه وأنكفأ عليها يُصلحها أربعين سنة قبل أن يخرج إلى الناس يُصلح من أحوالهم !.. محمّد صلى الله عليه وسلم، رجُلٌ ماعرف الكذب ولا الخيانة طوال حياته، وحين خرج إلى الناس ما دعاهم إلا إلى الصدق في القول والعمل !.. فأي ضير في الدعوة إلى الصدق من إنسان صدوق ـ بشهادة أعدائه ـ حتى ولو لم يكن نبيا مُرسلا ؟.. أوحتى لو لم يكن الدين الذي دعاهم إليه من عند الله ؟!..
محمّد صلى الله عليه وسلم، وحتى لو لم يكن نبيا مُرسلا من عند الله، فهو أخرج البشرية من أنفاق مظلمة، أحوال الناس في غياهبها ليست أفضل من أحوالهم في كنف الإسلام حتى ولو لم يكن دينا من عند الله !.. ففي الجاهلية حيث كانت توأد البنت بالحياة لمجرّد أنها بنت ؟!............................... خنقتني الدموع هنا !..
إذ تذكّرتكِ غاليتي (آية)، وماذا لو كنا لانزال نعيش في جاهلية ما قبل نور الإسلام، ما كان سيكون مصيرك ؟!.. وهل سنكون ـ نحن والديك ـ الآن أحياء لننجبك ؟!.. وهل كانت أمهاتنا ستنجوان من الوأد وتكبران، حتى يلتقي بهما والدينا ويتزوجان بهما ويُنجباننا لنكبر ونلتقي ونتزوّج وننجبك ؟!.. هل ستمتد تلك السلسلة الطويلة من الأمهات والجدّات من تلك الأزمنة وصولا إلى زماننا وزمانك ؟!.. بالتأكيد ستكون معالم الدنيا مختلفة، لو لم يأتي محمّد بتلك الرسالة الخالدة، ولو لم يدحض الإسلام تعاليم الأديان السابقة المُحرّفة والتي عبث بها البشر، وعاثوا فسادا في بعضهم البعض بأسمائها، ولو لم يُخرج البشرية من الظلمات إلى أنوار الحق !..
محمّد صلى الله عليه وسلّم، أعظم من أن نفيه حقه، ويقينا لو كان بالحياة وسمعنا نمتدح أخلاقه، لما تباهى وتعالى وتكبّر، بل لاحمرّ وجهه خجلا ولتصبب جبينه الطاهر عرقا، ولانكسر لله ولتواضع، ولدعاه : أن ربّ اجعلني خيرا مما يظنون !..
محمّد صلى الله عليه وسلم نبي، والأنبياء لاتموت ذكراهم بل هم من الخالدين في الدنيا في الأفئدة والعقول، والخالدين في الآخرة في جنّات النعيم !.. فاللهم نسألك شفاعة رسولك الهادي المصطفى صلى الله عليه وسلم .. ونسألك الجنة بجواره وجوارالصّديقين والأنبياء والشهداء والصالحين، آمين يا رب العالمين .
08 . 07 . 2011
التعليقات (0)