مع بداية الحملة الانتخابية، وكل حملة انتخابية، يصبح المواطن مطاردا بين الكثير من الوجوه المفترض أن تعلق في إطارات خاصة، لكنها تخرج من تلك الإطارات، لتغزو حيطان الدكاكين والعمارات والحدائق وحتى أماكن العبادة، وفي كل مكان، ولا هم لها إلا التأثير على عقل المواطن، وكسب صوته في اليوم الموعود، لكن تلك الوجوه تبدو عابسة بائسة لا ابتسامة فيها ولا روح فيها في العموم لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فلا تراعى فيها جوانب جمالية، فكلها تقريبا ترتدي بدلات كلاسيكية، ومستعدة كالتماثيل، وبعضها يثير الرعب في قلوب الأطفال وبعضهم يثير التقزز، فهي وجوه لا تخجل من طلب المسؤولية رغم عجزها في مسؤولية العمل ومسؤولية البيت في أحسن الأحوال.
لكن بعض المواطنين لا يكتفون بالتفرج على تلك الوجوه التي تحتل الأمكنة، وتطاردهم حتى في الكوابيس، بل يتفاعلون معها مرة بالتمزيق ومرة بالتحوير، كأن ضيفوا لبضعهم شوارب مربعة تشبه شوارب هلتر النازية، كما تشبه شوارب شارلي شابلن الهزلية، ويعمد البعض على اقتلاع عيون بعضهم، وبعضهم تضع له لحية تشبه لحى قادة الجماعات المسلحة، وبعضهم يوضع له كيس على رأسه ليذكر المشاهد بعض ذلك بالمغفور له "بوشكارة" أيام الاحتلال الفرنسي، كما تضاف لبعضهم نظارات كنظارات لصوص البنوك المعروفين في أفلام البوليس، وتصبح بعض الوجوه تشبه وجه زورو في السلسلة الأمريكية المشهورة، لتتحول الساحة كلها إلى ملهاة في حفلة تنكرية كبرى، تنتهي بعد موعد الانتخاب ليوم واحد، وتتحول الملهاة إلى مأساة، بل تستمر مأساة الناس بعد أن تسقط الأقنعة وتختفي الوجوه إلا وجه البؤس.
التعليقات (0)