الحملة الانتخابية الرسمية تلفظ أنفاسها الأخيرة، وهي التي أطّرت في تجمعات رسمية وأخرى جوارية، وإطلالات تلفزية وإذاعية، وصور يفترض أن تعلق داخل إطارات تحددها الجماعات المحلية. لكن مع نهاية الحملة الرسمية، تخرج الصور من تلك الإطارات، لتغزو حيطان الدكاكين والعمارات والحدائق وحتى أماكن العبادة، لتصبح في كل مكان تقريبا، ولا هم لتلك الصور إلا التأثير على عقل المواطن، وكسب صوته في اليوم الموعود. لكن الكثير من تلك الوجوه تراعى فيها جوانب جمالية، فكلها تقريبا ترتدي بدلات كلاسيكية، ومستعدة كالتماثيل، وبعضها يثير الرعب في قلوب الأطفال، وتحاول أن تفرضها نفسها بتلك التقاسيم الجامدة فرضا على المواطن الذي يطارد حبة بطاطا وقد تجاوز سعر الكيلوغرام منها السبعين دينارا جزائريا.
ومع الانتشار المبالغ فيه لتلك الصور، يكتفي بعض المواطنين بالتفرج عليها، ينشغل بتفاصيلها حتى تكاد تطارده في الأحلام والكوابيس، و يتفاعلون معها مرة بالتمزيق ومرة بالتحوير، كأن ضيف شوارب مربعة تشبه شوارب هيلتر النازية، التي تشبه شوارب شارلي شابلن الهزلية، ويعمد البعض على اقتلاع عيون بعض من في الصور، وبعضهم تضع له لحية تشبه لحى قادة الجماعات المسلحة، وبعضهم يوضع له كيس على رأسه ليذكر المشاهد بعض ذلك بالمغفور له "بوشكارة" أيام الاحتلال الفرنسي، كما تضاف لبعضهم نظارات كنظارات لصوص البنوك المعروفين في أفلام البوليس، وتصبح بعض الوجوه تشبه وجه "زورو" في السلسلة الأمريكية الشهيرة، لتتحول الساحة كلها إلى ملهاة في حفلة تنكرية كبرى، تنتهي بعد موعد الانتخاب عندما يقوم عمال البلديات بحملات نظافة شاملة تستغرق أياما، وعندها تتحول الملهاة إلى مأساة، التي تستمر بعد أن تسقط الأقنعة وتختفي كل الوجوه إلا وجه البؤس الذي لا يختفي.
الخير شوار
التعليقات (0)