تتصاعد الأزمة الناجمة عن سعي ايران إلى امتلاك القوة النووية يوما بعد يوم. وتتزايد المخاطر الناجمة عن الاصرار الايراني على حقها في امتلاك القدرات النووية، طالما انّها لم تخالف القوانين والأنظمة الدولية المرعيّة، كما تقول. هذا وقد علت، في الآونة الأخيرة، حدة الحرب الديبلوماسية والإعلامية بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة، وإيران من جهة أخرى، حول الملف النووي الإيراني، ممّا يدفعنا لمحاولة الاجابة عن سؤال مهم، هو: كيف ينظر الاسرائيليون الى الملف النووي الايراني؟
في هذا الاطار، يدور جدل في اسرائيل على كل المستويات، السياسية والنخبوية العسكرية فضلاً عن المؤسسات البحثية ووسائل الاعلام، حول ما يسمونه "مخاطر البرنامج النووي الإيراني على الدولة العبرية"، مستعرضين مختلف وجهات النظر المتعلقة بالأمر. ومن خلال متابعة ورصد عدد من اهم الدراسات والتصريحات، تظهر وجهتا نظر اساسيتين في اسرائيل تجاه ايران نووية:
وجهة النظر الأولى: ترى بأنّ السلاح النووي، في حال امتلاك إيران له، سيكون موجّها ضدّ اسرائيل. وبناء على هذه النظرية، يقوم أنصارها بتقييم المخاطر الناجمة عن ذلك، والنتائج المحتملة على القرار السياسي والعسكري في اسرائيل، وسبل معالجة الوضع الجديد الذي سيقلب المفاهيم الأمنية والاستراتيجية لإسرائيل رأساً على عقب، من قبيل المفاهيم المعنية بالتفوق والردع والحرب الخاطفة والتفرد النووي... إلخ، ويطرحون سيناريوهات عسكرية متعددة ضدّ ايران.
وجهة النظر الثانية: ترى بانّ السلاح النووي الايراني في حال وجوده سيكون موجها ضدّ العرب بالأساس، وبعدهم الأتراك، ويستندون في تحليلهم هذا إلى انه لا عداء حقيقيا مع ايران، وأن لا اطماع لدى الطرفين في أي منهما. ويدعمون وجهة نظرهم بجملة من الوقائع والوثائق والتحليلات المنطقية العقلانية، البعيدة عن "البروباغاندا" الاعلامية والتوجهات العاطفية.
النووي الايراني في مواجهة اسرائيل
يقول عوزي أراد، المستشار السياسي لرئيس الحكومة الأسبق بنيامين نتنياهو، ورئيس شعبة الدراسات في الموساد، والذي يشغل حالياً منصب مستشار لجنة الشؤون الخارجية والأمنية التابعة للكنيست ورئيس معهد السياسة والاستراتيجية في المركز المتعدد المجالات في هرتسيليا: "بالطبع ينبغي أن ننظر بخطورة كبيرة إلى إمكانية أن تحصل إيران على سلاح نووي". و يضيف: "تقديري نابع ليس فقط من كوني إسرائيلياً، وإنما كشخص يُحلِّل ويدرس المسارات الاستراتيجية في العالم والمنطقة".
ويقول د. افرايم اسكولاي، وهو باحث رفيع في مركز جافي للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب، شغل حتى تقاعده في العام 2001 سلسلة مناصب رفيعة في لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية: "رأيي الشخصي كان دائماً ان المشروع النووي الإيراني ليس فقط مشكلة لإسرائيل، وإنما مشكلة عالمية أيضاً".
وقد جاءت وجهات النظر هذه في اطار تقرير للمحلل الاستراتيجي للشؤون الامنية الاسرائيلية يوسي ميلمان، الذي اشار في تقريره إلى ان السلاح النووي الايراني خطر على اسرائيل، مبينا التأثيرات التي سيتركها ذلك على الوضع الاستراتيجي لاسرائيل، ومنها حسب قوله:
1- ستجد إسرائيل صعوبة في إجراء "مفاوضات حرة" حول مصالحها الحيوية مع الدول العربية، حيث ستكون هناك في مقابل إسرائيل قوة ابتزاز إيرانية. وعلى سبيل المثال، وفي ما يتعلق بالتفاوض مع سورية على هضبة الجولان، فإن الإيرانيين سيقولون للسوريين: لا تتنازلوا وسنقف خلفكم بقدراتنا النووية؛
2- في حال أي توتر، سيفضل إسرائيليون كثيرون أن يكونوا خارج اسرائيل، الامر الذي سيدفعهم الى مغادرتها؛
التعليقات (0)