ولدت في العام 1980 كمواطن اردني – فلسطيني في الدولة التي نشأت بعد وحدة الضفتين ومؤتمر اريحا ، واكتشفت بعد ذلك ببضعة سنوات أنني اصبحت مواطنا اردنيا فقط ، ومؤخرا اكتشفت أنني قد اموت مواطنا خليجيا.
الوطن يكاد يكون جزيرة عائمة تطفو على سطح خريطة العالم وتتحرك لتتبدل حدودها خارج منطق الموقع الجغرافي والديمغرافي وقد يصبح الاردن يوما ما جزءا من دولة تجمع شعب الاردن مع شعب زنجبار او شنغهاي.
التحول الاول من مواطنين اردنييين- فلسطينيين الى مواطنين اردنيين وأنصاف مواطنين أردنيين عبر قرار جريء وذكي (قرار فك الارتباط) أراحنا من عبء تحرير الجزء المحتل من الوطن والاحساس بالهزيمة بعد أن قررنا بأن ذلك الجزء لم يعد جزءا من الوطن في عملية تشبه ان يتخذ الاخ قرارا شجاعا بعد اختطاف أخيه أو أسره باعتبار ذلك الاخ ليس أخاه ليرفع بعد ذلك رأسه بفخر ويقول ليس لي أخ مختطف ويعاني الاسر، وبما يحتاجه ذلك من شجاعة. وقد كانت اتفاقية وادي عربة ذروة الشجاعة وهي التي حولت اسحق رابين من ارهابي وسفاح ومجرم الى شهيد .
القرار الأخير باطلاق عملية تحويلنا الى مواطنين خليجيين هو قرار فردي كما هو الحال في غالبية القرارات الهامة التي يرتبط بها مستقبل الوطن والمواطن الخاضع للوصاية التي لا تبررها الا الانجازات التي تحققت خلال العقود الماضية والتي ينسب الفضل فيها للقيادة الحكيمة والعظيمة طبقا لأحد وجهات النظر التي استمعت اليها في أحد الايام بعد دعوة الى محاولة ساذجة لغسل الدماغ تخللها فنجان قهوة .فقبل تلك القيادة لم يكن لدينا شيء مما نملكه الان من مستشفيات ومؤسسات التعليم وسواها من مؤسسات الوطن التي لا يمكن ادراك عظمتها الا عبر مراجعة قائمة ما تم خصخصته منها والارباح الهائلة التي تحققها مع تجاهل أسعار بيعها المعلنة . و لولا تلك القيادة الحكيمة لبقي الشعب الاردني راضيا بمساكنه المصنوعة من الطين وبقي شعبا بدائيا يحاول اكتشاف النار واختراع العجلة ، ولكنا ما زلنا نجلس أمام منازلنا المتهالكة ونحن نفتش عن القمل في رؤوس اطفالنا تحت أشعة الشمس ونحن ننتظر.
التعليقات (0)