السلام عليكم
تم نشر هذا المقال بالصحف .. بتاريخ 18-9-2010 .. وتم إضافته هنا عبر المدونه للإطلاع اكثر .
حينما تقف الأقلام أمام قَدَرٍ من أقدار الله , قد تعجز كثيراً في استنزاف الحروف والكلمات , كل ذلك من أجل إخراج ما بالقلب
ولعل صعوبة تلك المواقف هي ما تكمن في التحكم بالمشاعر والقلوب.
حيث كان آخرها صديق الطفولة وآخي الذي لم تلده أمي . عليه رحمة الله , هاتفته بالمساء ولضروفه لم استطع أن أراه عن قرب
وكان أخر حديثه : " بتصل فيك بعدين " أصبحت باكراً وكنت شديد الفرح بعدما قررت بناء حياةً جديده والانتقال إلى "عُش الزوجيه"
وكان تفكيري أن ابعث البُشرى لـ صديقي العزيز , لم تكتمل تلك الأفراح طويلاً بل كانت لدقائق حتى هاتفني أحد الأخوه , وليته لم ينطق
"صديقك مات .. صديقك مات " كنت اعتقد بان ذلك بمثابة حلم وكابوس مزعج .. كيف ومتى .؟ قال: لا أعلم أكثر من ذلك ..!!
لم اقتنع بما يقول فهو كثير المزح , هاتفتُ أحد الأقرباء وأكد لي أنه حينما كان يمشي ارتطمت به سيارة مسرعه فأنتقل إلى رحمة الله , جلست مصدوماً لدقائق , حتى قررت أن اتصل بنفسي على صديقي المتوفى ,
حينئذٍ ترددت الأصوات في مسامعي «وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ»
عليه رحمة الله , كان صديقاً عزيزاً , وأحمد الله أنه في أحدِ ليالِ رمضان اصطحب والده الكبير في السن لأداء فريضة العمرة.
والذي أسأل الله أن تكون شفيعةً له في دخول الجنه . دخلت دوامة الصدمة من هول الموقف ,
وأصبحت أحدث نفسي ألن يتصل مرة أخرى ..!! ألن أستطيع أخباره بأنني على مشارف الزواج ..!! أسئلة راودتني حيال تلك الصدمة القاسيه .
ففي الحقيقة كنت في أكثر من موقف أحاول الظفر بالصبر عند الصدمة الأولى , وقد نجحت مرةً , وتعثرت مرارا .
لقوله صلى الله عليه وسلم : "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" . لما يترتب على ذلك من الأجر العظيم
فمهما بلغت بنا المصائب فالواجب علينا شكر الله وثنائه , فهناك الكثير من الناس مصائبهم أعظم بكثير مما نحن فيه
ولعل هناك بعض الحالات التي تمر عند المصائب " من الجزع والسخط والشكر والصبر " وهي في الحقيقة ردة فعل طبيعيه , فبحسب إيمانك ومدى قوته إلى أي صنف ستذهب .؟
فهنيئاً لمن فاز وظفر بالصبر على أقدار الله , فوالله إنها لنعم أنواع الصبر وأفضلها .
فلعل فهناك بعض القواعد أنصح بها عند حلول المصائب :
● أن تعلم بأن كل شي في الكون إنما هو بقضاء الله وقدره.
● التمعن كثيراً في الآية «فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً».
● تذكر ممن هم حولك ومدى رضاهم بمصائب كبرى.
● ألزم الاستغفار , فإنه «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا , ومن كل ضيق مخرجًا , ورزقه من حيث لا يحتسب».
● اعلم أن ما أصابك إنما هو ابتلاء واختبار , فقد قال سبحانه : «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً».
● عليك بقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون" فقد قال سبحانه: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ».
فالبعض قد يتسخط ويعيش لعدة أيام وهو في حالة بكاءً متواصل , ولا يزال مضطرب في النوم وعدم الرغبة في الأكل , وربما يمر بمشاكل نفسيه وأحلاماً وكوابيس قد تتعلق بما حصل له من مصائب . ولكن سرعان ما تعود الحياة لماضيها , وهذه حكمة الحياة حينما أنعم الله على الإنسان بنعمة النسيان لما تنعكس بشكل إيجابي على حياة الإنسان . فسبحان الله تأتي أجيال وتنقضي أجيال , والرابح من قَدَمَ نفسهُ قبل أن يُقَدم .
عمر السبيعي
التعليقات (0)