مواضيع اليوم

وثائق (ويكي ليكس):

ياسر العزاوي

2011-05-17 15:00:37

0

شكلت الوثائق المنشورة مؤخرا من قبل موقع (ويكي ليكس) صدمة جديدة لأمن المعلومات في الدول المعنية بهذه الوثائق، وبحسب مراقبين فان امن المعلومات بات مهددا طالما استمر الارتباط بينه وبين الدول الكبرى التي تتحالف معها تلك المؤسسات وبالغالب مؤسسات الدول الضعيفة والنامية وكذلك الدول المحتلة.
ولا يختلف اثنان أن التحالف الغير المتكافئ بين هذه الدول يؤدي بالنتيجة إلى التبعية السياسية والاقتصادية وكذلك الأمنية أما إذا لم يتحقق هذا التحالف لسبب أو لآخر وغالبا ما تكون الدول الفقيرة هي صاحبة الموقف الضعيف في هذه المعادلة فهي بالتالي منقادة وبشكل إجباري لحليفتها الأقوى، وإذا ما اخل الطرف الأضعف بأحد بنود الاتفاق الأمني فان إجراءات من هذا القبيل تظل تلاحقها معرضة أمنها واستقرارها للانهيار في أي لحظة.
وهذا ما نشاهده اليوم من عرض للوثائق من خلال موقع (ويكي ليكس) المتخصص بنشر الوثائق السرية العسكرية وعلى وجه الخصوص تلك التي تتعلق بالحرب على العراق وأفغانستان، فهو إذ يقدم المعلومات والتي كانت قد نشرت اغلبها أو أعلن عنها في حينها وبالخصوص فيما يتعلق بالعراق إنما يقدم نموذجا صارخا لازدواجية المعايير إذ لم يقدم الموقع أي دليل على تورط الدول الكبرى في عمليات الإبادة التي تعرض لها الشعب العراقي خلال حربها التي أنتجت سقوط النظام البائدـ ولكنه اخذ يسهب بطرح معلومات تستبطن اتهامات واضحة لإطراف شاركوا في العملية السياسية منذ اللحظة الأولى لسقوط النظام المقبور وبعلم الدول الراعية لعملية التغيير بل تعدت هذه الاتهامات إلى اتهام قوميات وطوائف بأكملها مما ينذر بإثارة الفتنة الطائفية أو القومية في أي وقت شاءت تلك الجهات المسيطرة على مثل هذه المواقع.
من جانب آخر فقد أخذت هذه المعلومات حيزا كبيرا من الصحف ومواقع الانترنت وكذلك نشرات الإخبار التلفزيونية والإذاعية لا سيما وإنها تفوق سابقتها بسبعة إضعاف من حيث الكمية العددية وهذا ما يعد الحدث الادسم على مستوى تناول المعلومة إعلاميا، مظللة بذلك الرأي العام وإشغاله عن أحداث لا تقل أهمية إن لم تكن اكبر في جانب آخر من العالم فالمشهد الفلسطيني مثلا يشهد اليوم عملية تمرير لأخطر مشروع صهيوني ألا وهو اتخاذ القدس عاصمة أبدية للشعب اليهودي مقابل التلويح الكاذب بإعادة بعض المناطق المحتلة في جنوب لبنان أو لهضبة الجولان السورية أو مشروع قرار العودة إلى حدود عام 67 بعد عرضه على الكنيست للاستفتاء وهو ما عده المتشددون الإسرائيليون اكبر تنازل تقدمه إسرائيل للعرب منذ قيامها ولحد الآن، وهذا ما يكشف ارتباط هذه المواقع والجهات بعمل المخابرات الصهيونية أو التنسيق معها في اقل التقادير.
من جانبها وفي خطوة احترازية قامت الولايات المتحدة الأمريكية بفصل منظومتها المعلوماتية الخاصة بوزارة الدفاع (البنتاغون) عن الشبكة الوطنية للمعلومات مطلقة في ذات الوقت تحذيرات وتوصيات لأصدقائها وحلفائها الأوربيين من تنامي خطر كشف المعلومة وهي بحسب الدوائر التحليلية للإحداث تأتي من باب التطمين لتلك الدول فيما لو اتخذت إجراءات قانونية على ضوء ما قدمته تلك الوثائق فأنها ستكون في منأى عن الشكوك والمحاسبة طالما التزمت بالمعاهدات الأمنية المبرمة فيما بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، الغريب والمثير في الموضوع فان جهات قضائية أوربية دعت إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق مؤسس موقع (ويكي ليكس) لا لأنه اخترق السياقات المعمول بها في نشر الوثائق السرية بل بتهمة الاعتداء الجنسي، كما دعا من جانبه مستشار رئيس الوزراء الكندي إلى اغتيال مؤسس الموقع في تصريح يعد الأغبى على الإطلاق في هذه القضية.
جدير بالذكر أن مشروع الاستهداف في هذه الوثائق هو المساحة العريضة لجمهور المسلمين والعرب وذلك لإدامة حالة عدم الثقة بينها وبين من صنعتهم وساهمت معهم على إنشاء دكتاتوريات غير قابلة للترويض بل أنها تعمل لحماية وجودها لإدامة حالة الضعف في محيطها وهذا ما كان سببا للتدخل المستمر في شؤون الآخرين وبالخصوص العراق الذي يشهد مراحل التغيير الأولى نحو الديمقراطية، وعلينا أن نوطن أنفسنا على استقبال المزيد من المعلومات التي قد تنشر بشان سياسات تدخل دول الجوار فضلا عن الدول البعيدة والتي بلا شك ستكون مختلفة بحسب درجات التحضر والتمدن ومستوى المصلحة التي ستؤمنها عملية التدخل تلك.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !