كلما صرح مسؤول او سياسي عراقي بتصريح عن مذبحة الأربعاء الأسود كلما ازددت أشمئزازا من هؤلاء الساسة . فجأة أصبحت الداخلية والدفاع مسؤولة عن الأنهيار الأمني اللذي أبتدأ منذ أكثر من ثلاثة أشهر , وكأن الدفاع والداخلية وزارتان ليس لهما علاقة بالواقع السياسي العراقي .
بعد أربع سنوات من عمل حكومة المالكي وبعد آلاف التصريحات عن جاهزية قواتنا الأمنية , نكتشف فجأة بأن هناك ضعفا أمنيا وتخبطا في أتخاذ القرارات الأمنية بسبب تعدد أجهزة الأمن اللتي يعمل كل جهاز منها بعيدا عن الآخر دون أي تنسيق . بالطبع نحن نعلم سبب عدم التنسيق هذا , فلا أحد من ساستنا ومسؤولينا يثق بالآخر والحمد لله . ولذلك فكل جهاز يعمل بعيدا عن أعين الجهاز الآخر , والمصيبة أن الأحداث الأخيرة أثبتت بما لايدع مجالا للشك بأن جميع الأجهزة الأمنية مخترقة من قبل الجميع .
تصف نيويورك تايمز الأمريكية ما حدث في جلسة البرلمان اللتي انعقدت بعد أحداث الأربعاء وما تلاها فتقول . (( أن وزير الدفاع العبيدي قد قال بأن تأمين بغداد ليس من مسؤولية الجيش بل هي مسأولية قوى الداخلية . فرد البولاني وزير الداخلية بأن هذا غير صحيح وأن حماية بغداد تقع على عاتق قيادة عمليات بغداد اللتي تأخذ أوامرها من رئيس الوزراء مباشرة )) .
وهكذا لا يمكننا أن نعرف من هو المسؤول عن أمن العاصمة ولمن يجب أن نحمل المسؤولية . والأدهى أن رئيس الوزراء خرج علينا في خطابه يوم أمس لدعوة العراقيين للأمتناع عن لوم الأجهزة الأمنية اللتي هو قائدها الأعلى ورئيس مباشر لأحداها . دون أن يسمي لنا جهة أخرى للومها غير البعثيين والتكفيريين .
وأذا كان ضياع المسؤولية الأمنية بين الدفاع والداخلية ورآسة الوزراء وأمن الخارجية شيئا عجيبا , فأن الأعجب من ذلك تصريحات الساسة حول الجهة الداعمة لعمليات التفجير اللتي وصفها زيباري بأنها مدروسة ومبرمجة .
ففي حين أتهم رئيس الوزراء البعثيين والتكفيرين بالقيام بها , عاد ليلوم في خطابه جهات سياسية داخلية لفرحتها وشماتتها بدماء العراقيين اللتي تراق كل يوم , دون أن يملك الشجاعة كعادته لتسمية هذه الجهات .
وفي حين صرح ((ابو التصريحات )) قاسم عطا المتحدث بأسم الجيش عن القبض على الفاعلين بعد سويعات من حصول الأنفجارات , وعن أنتماء هؤلاء الى خلايا حزب البعث , نفاجأ بأن وزيره المباشرعبدالقادر العبيدي يصرح «بأن الأسلحة المستخدمة في التفجيرات ايرانية الصنع». وبذلك أصبحت تصريحات مسؤولي وزارة الدفاع تصب في أتجاه مؤامرة بعثية أيرانية مشتركة !!! .
وبينما تعزي الأنباء الواردة من هنا وهناك أستقالة مدير المخابرات العراقية (( اللتي يتهمها بعض الساسة بأنها جهاز تابع للأحتلال )) ومغادرته العراق , الى أحتجاجه على امتناع رئيس الوزراء عن كشف دور قوات بدر وفيلق القدس في التفجيرات اللتي تضرب في كل مكان , ومحاولة الصاق التهمة بالسعودية وغيرها من الدول العربية , نجد أن هناك من يتهم الدول العربية وعلى رأسها السعودية في هذه التفجيرات , كما جاء في اللقاء الصحفي مع هوشيار زيباري يوم أمس واللذي قال أن دولا مجاورة ترفض أن تفتح سفارات لها في بغداد هي المسؤولة عن التدهور الأمني في العراق . بينما نسي زيباري أن الحزب اللذي ينتمي أليه وميليشياته من البيشمركة متورطة في عملية تغيير ديموغرافي في كركوك والموصل عبر تفجيرات أشد وحشية من تفجيرات الأربعاء .
وبذلك قامت الحكومة ووزاراتها والأحزاب والساسة ودول الجوار بضرب الشعب العراقي ضربة رجل واحد فتفرق دمه بين القبائل .
أما أعظم المصائب فقد جائت من البرلمان العراقي ممثل الشعب . واللذي لم يحضر جلسته الطارئة بعد كارثة الأربعاء الأسود غير 60 عضوا فقط من اعضائه البالغ عددهم 275 عضوا . وعلى رأس النواب المتخلفين عن الجلسة كان رئيس البرلمان اياد السامرائي الذي قاطع جلسة البرلمان مع القادة الأمنيين مبررا ذلك بالقول إن «عقد جلسة استثنائية للبرلمان من دون تمهيد سيحولها إلى ساحة للتنابز والاتهامات التي لا تستند إلى أسس موضوعية، وربما لتصفية حسابات بين القوى السياسية، وهذا ما ينبغي ألا نسمح به». مما يؤكد ضياع دماء العراقيين بين القبائل دون أي تحمل للمسؤولية من قبل نواب الشعب .
ورحم الله الشاعر ملا عبود الكرخي اللذي كتب قصيدة قبل أكثر من سبعين عاما يصف فيها حال أعضاء البرلمان العراقي آنذاك , واللذين لايفرق حالهم عن حال البرلمانيين هذه الأيام .
يقول عبود الكرخي في قصيدته .
قيم الرگاع من هاي اللحه
اتشوفه هيبه وعنده لحيه امسرحه
يشتم ابلا خجل وبلا مستحه
من ايحس المقعد اشويه اندحچ
قيم الرگاع من ديرة عفچ
عگب ماچانوا يدورون الفلس
هسه هم يرتشي وهم يختلس
ولو نقص من راتبه سنت انعقچ
قيم الرگاع من ديرة عفچ
اتشوف واحدهم امعگل بالوقار
وبالاصل تاريخه اسود كله عار
ابضرف ثلث اسنين مليونير صار
ايريد عالوادم ايعبرله چلچ
قيم الرگاع من ديرة عفچ
گمت ما اعرف حماها امن الرجل
ياهو التكضه اهو ايمثل العدل
وگمنه نستورد الشلغم والفجل
لان كلها ضلت اتدور ودچ
قيم الرگاع من ديرة عفچ
والله ضيعنه الصدگ من الچذب
اتشوفه هيبه وحچيه المصفط عذب
ياخذك وايردك ابشرق وغرب
وبسچاچينه يدچك حيل دچ
قيم الرگاع من يرة عفچ
حيل دوخني الحچي الماله ربط
وصار عندي سكر وحصبه وضغط
نفترش عاگول ونتغطه ابحسچ
قیم الرگاع من ديرة عفچ
گمت ما اميز الذيب امن الحمل
امنين ما التفت گلبي يشتعل
انه ما شايف شعب يتبع خبل
شاب راسي وتيهت كل السچچ
قيم الرگاع من ديرة عفچ
يا حكومتنه الرشيده ام الوقار
الفساد المالي عنوان الچ صار
ندري جابوكم ابدبابه وقطار
ليش ضليتوا سمچ ياكل سمچ
قيم الرگاع من ديرة عفچ
لازم انميز الزين امن الزلم
وننتخب كلمن شهم صاحب علم
ونرفض اللي يجي كل يوم ابفلم
من ايشوف المنصب اشويه اندرچ
قيم الرگاع من ديرة عفچ
www.nytimes.com/2009/08/22/world/middleeast/22iraq.html
التعليقات (0)