واو ألحقت زورا بعمرو
إن أول أمة تروج فيها الشائعة لتصبح حقيقة واقعة ، هي أمتنا الإسلامية ،فتارة نسمع عن شائعة مفادها أن مغنيا مشهورا أسلم ، و لا عب كرة عرف الحق و دخل في الإسلام ، و أخرى تفيد أن العلم توصل إلى حقيقة أكدها القرأن قبل أربعة عشر قرنا ... إلى غير ذلك من الشائعات التي لو نظرت فيها لعلمت أن الضعف استشرى في هذه الأمة إلى حد التعلق بكل طيف حبل ولكن هيهات أن تنال المطالب بالتمني .
لو ناقشنا الأمور في حدودها بعيدا عن العواطف و التشبع بما لم نعط ،لعلمنا أننا أمة تعداد معتنقي عقيدتها الإسلامية مليار و نصف مليار مسلم، همها الوحيد هو إثبات أن جاكسون مسلم، و أن أوباما مسلم ،و إثبات أن القرأن موسوعة علمية، تتحف بكل الإكتشافات ،دون أن نكون سباقين لأي منها. أما كيفية توظيف هذه الشائعات فحتما تستغل في الجانب العاطفي و سرعان ما ينتهي مفعولها بكارثة تحل ببقعة إسلامية هنا و هناك .
و لنفترض جدلا أن جميع من ذكر في الشائعات( أنهم مسلمون )كانوا كذلك ، مالذي سنستفيده كأمة؟ لا شيء فالعيب ليس في الإسلام و لا حتى في العالم ، بل العيب كل العيب فينا نحن ، نحن نريد العالم إلى جانبنا ، نريده أن يعتنق عقيدة لا يرى أثارها في حياتنا ،بل على النقيض ،يرى تشرذما و تمزقا ، يرى تناحرا و انشقاقا ،ثم نطلب منه نحن أن يكون بصفنا ، أما كيف نقنعه فصراحة لا أدري.
لقد أصبح الإسلام يعرض كأنه منتوج في دور الأزياء ، كل حسب مقاسه و ذوقه ، و أصبحنا نبحث من مخلفات الغرب عن مؤيدات لديننا ، و أحيانا نضطر للكذب و شهادة الزور لدفع التهمة عن دين الله ، وكل هذا و نحن نحسب أننا نحسن صنعا . وهل يفيد الأمة لو أسلم جاكسون أو ألاف أمثال جاكسون؟طبعا من الناحية الشرعية تقرر لدينا أن من شاء أمن و من شاء كفر ، و لا إكراه في الدين ، و تقرر فيمن هو خير من جاكسون في عهد النبوة قوله صلى الله عليه و سلم في غزوة تبوك لما سئل عن تخلف أبي ذر رضي الله عنه، فقال :دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم . لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم نحن في حاجة إلى أبي ذر، أو أن الإسلام في حاجة إلى أحد من صناديد قريش لنصرته ، لأن الله قرر حقيقة و سن سنة لا تحيد، أن الفئة القليلة المؤمنة بمبادئها ، تغلب فئة كثيرة تخلفت عن مبادئها و عقائدها ،وأن المغلوب منصور من عند الله . وفي الجانب الواقعي لن يفبد إسلام هؤلاء الأمة شيئا لأن الأمة خارج التاريخ ، فلو أردنا أن نستفيد من عالم ذرة أمريكي اسلم توجب علينا أن نوظفه في مختبرات و مراكز أبحات لا نمتلكها في الوقت الراهن ، و إلا دعوناه إلى صحارينا القاحلة ليجرب اصطياد الأفاعي و العقارب ، و إلا كيف يمكننا الإستفادة من إسلام شخصية لها وزنها في العالم؟ حتما سنستفيد منه كلافتة إعلانية، فقط لا غير .
وهل تفيد الأمة كثرة سوادها؟ كلا ولو كان لكنا حررنا فلسطين ، و لكنا أسعد خلق الله في هذه الدنيا ، لكن العكس تماما هو ما يجري ، فمن مصيبة إلى أخرى و من كارثة إلى أخرى و من هزيمة إلى اسوأ منها ، أمام من ؟ أمام فئة قليلة لا تستغيث بجاكسون و لا تستغيث بأوباما ، بل هؤلاء و من شاكلهم هم من يبحثون عن هذه الفئة ،لا لشيء سوى أن العالم يؤمن بمبدأ واحد وهو : السيف أصدق إنباء من الكتب ، العالم يؤمن بالدليل و المحسوس و الإيجابية في الحياة ، ونحن نسير ضد التيار في واقعنا الحالي.
كم لدينا من منظمات إسلامية و هيئات للإفتاء ، لم يجعل الله لها وزنا ، ولم نر لها في العالم أثرا ، سوى في تأجيج الصراعات بين المسلمين و الإنتصار لطائفة دون أخرى وكم لدينا من رؤوس أموال ، و كم لدينا من عمائم و لحى ، لكن وظيفتها الرسمية هي الأكل و الإجترار، و ترديد ما يقال كالصدى . هذه المنظمات و المؤتمرات التي لا نجد في أرشيفها شيئا يذكر من خدمة للأمة ، هي في الحقيقة مؤسسات فاشلة، المستجير بها في مصيبته كالمستجير من الرمضاء بالنار.
هذه هي الحقيقة التي يجب أن نعترف بها ، و التي يجب أن تشيع في مجتمعاتنا ، أننا في أخر الركب ، لا إسهام لنا في واقع الناس إلا بالباطل ، و لا نتاج لنا سوى المساوئ و المخازي ، ونحن لا زلنا نعامل الإسلام كأنه مرشح لخوض الإنتخابات ، ونحن نبحث له عن أصوات و حظوظ . نبحث له عن مناصرين ،وكأن المليار و النصف مليار لا تكفي لبناء أمة . وفي هذه الحالة نكون نحن من يهدم الإسلام من حيث لا ندري ، إذ نعرضه كأنه منقوص ، لا يحمل الحق المطلوب لذاته غذ راح يبحث له و يطلب الناس أن ترفع أسهمه ، وعهدنا أن الحق مطلوب لا طالب .
هذه الأمة في حالها هذه بعد أن فقدت كل مقومات الصراع على الريادة في العالم ،صارت تبحث لها عن خرافات و شائعات تتعلق بها لتنسى مصائبها ، حالها اليوم كما هو الحال بالنسبة لحرف الواو الملحق في إسم عمرو ، فمتى نعلم أننا عالة على العالم ؟ ففيما واو عمرو تزين الإسم على الأقل ، نحن على العكس ندنس كل موضع كان لنا فيه مقام .. وصدق فينا قول المتنبي :
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
دمتم سالميــــن
الحسين إدمبارك
التعليقات (0)