مواضيع اليوم

وانتصرت الدمعة..!

نور الإيمان

2010-12-21 11:23:04

0

وانتصرت الدمعة..!
جسدٌ ضعيفٌ متهالك وروحٌ لا تسعها الحدود.. أنهكه المرض حد الإغماء تارة والإفاقة أخرى.. أراد النهوض ليلتحق بركب الشهداء فتوكأ على عصاه وبدا كأنه نبي الله موسى ، فمن ثفنات غرته يسطع نور الأنبياء وشعاع الأولياء والأوصياء.. لم تقوى العصا التي فلقت البحر لموسى يوماً ما على حمل تلك الروح المثقلة بحزن لا حد له، فسقط ذلك الجسد المنهك أرضاً.. وما أصعب أن تُسجن الروح وإرادتها خلف قضبان جسد عليل لا يقوى على حملها والنهوض بها.. لكنها حكمة السماء لئلا ينقطع نسل الأنبياء فتموج الأرض بأهلها.. فقد وضعت الحرب أوزارها وتمخضت تلك الأرض القاحلة لتنبئ عن ولادة أرضٌ مقدسة وحضارةٌ أبدية.. فما انجلت غبرتها إلا وأجساد أطهر سلالة على وجه الأرض قد نهشتها ذئاب بشرية بلا رحمة ففاضت دمائها معطرة بعبق الجنة واصطبغ الكون بحمرة دم الشهداء ليعلن الحداد والثورة..! فالشمس عينٌ حمئة تنتظر الإذن لتلهب الظالمين بحجارة من نارها والسماء بكت دماً والأرض فجرت ينابيع حمراء من تحت ترابها وحجارتها وودت لو يؤذن لها فيفور التنور بطوفان الدم و يُغرق آل سفيان كما أغرق الطوفان قوم نوح واليم آل فرعون.. ولكن للثأر صاحبه ولو بعد حين..! ما إن أُطفئت نار الحرب حتى أُسعرت نار المخيم.. ففر النسوة والأطفال كحمائم مذعورة.. تهرب من لهيب النار وسنابك الخيل لتعثر بالجثث التي خلفتها الحرب.. إلا سيدة بدت كالطود بل أشد ثباتاً ورسوخاً النار تسعر في أذيالها فلم تلتفت إليها وما برحت عينها تديرها بين الأطفال الهائمين مرة وإلى داخل الخيمة المحاطة بالنيران أخرى..! أفاق العليل من إغماءة المرض ليجد النار قد حاصرته من كل جانب ومكان أرادت الاقتراب منه ولكنها انكفأت مذعورة.. ما إن رأت في عينيه سر النبوات ونور جده إبراهيم الخليل ينبعث منه فتذكرت حين صارت برداً وسلاما.. رفع سليل الأنبياء عينيه ليرى مشهداً لم يسجل له التاريخ مثيل حيث الخيام المحروقة والأطفال المذعورة والرؤوس المرفوعة.. وطبولٌ تُقرع لتعلن النهاية وما درت أنها البداية..! أدرك العليل الذي عنده علم الكتاب ما جرى فسقطت من عينيه الدموع التي اخترق بريقها حجب الماديات وبدأت مرحلة أخرى للمعركة.. مرحلةٌ لا يفقه أبعادها الجاهلون.. حيث سلاح الدعاء والبكاء والكلمة والسجدة...! فأسفرت عن غرق السيف في بحر الدمع وانحناء الرمح في وجه الكلمة التي ظل صداها مدوياً حتى اليوم مخترقاً القرون ومدكدكاً عروش الظالمين.. وعرجت السجدة بالدعاء حيث سبع سماوات وقاب قوسين أو أدنى...!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !