كان يومي طويلا متعبا جدا وها انا انهيه جالسة بغير موقع عملي منتظرة زميلتي وهي تنهي اطفاء الاجهزة والانارة من مكان عملها .كنت جالسة على كرسي المدير مستمتعة باتخاذي هذا المنصب للنصف الساعة الاخيرة من دوامي المتعب ذاك وقد ارحت ظهري على مسنده وسندت يدي على مسندهما ومددت قدمي استرخاءا ورفعت راسي الى السقف واغمضت عيني ورحت احاول ان اضيع الوقت والتعب وانا ادندن اغنية مرة او اتمتم فكرة خطرت او اراقص همسة قدحت من شبح يرافقني يدعى خيالي...
وبينما انا كذلك غارقة بكل هذه الافعال الستاتيكية احسست ان باب المكان قد فُتح وقد دخل مجموعة اشخاص ومابين انتباهي واستغرابي دخولهم وبين محاولتي رؤيتهم ,كانوا قد تجاوزوا غرفة الاستعلامات وممرنا القصير لأراهم قادمين نحوي...
-السلام عليكم دكتورة
-وعليكم السلام اهلا
-عفو دكتورة احنه تونه ياله وصلنه وهاي احالتنه (احالة المريض الى المركز)وهاي معاملتنه وهذا المريض وهاي المتبرعة !!!!
الكلام لرجل متوسط الطول اسمر البشرة اشعث طويل الشعر ببنطال كابوي وقميص رماني اللون افترض انه لم يغسل ولم يكوى منذ فترة !!!
-اخي دشوف الساعة بيش انتهى الدوام واحنة طالعين بس منتضره صديقتي تكمل.....
-لافدوة مروتكم المريض محافظات ياله جبناه ودشوفين حالتة منتهي ....
الكلام لرجل يرتدي دشداشة رصاصي اللون والمريض كان جالس على كرسي متحرك لااصنفه ضمن الشباب رغم ان مواليده بالجنسية التي قرأت نسخة منها في معاملة التبرع التي اخذتها منهم اثناء دخولهم تقرء هذا....
-والله هذا المكان مو شغلي خل اشوف صديقتي
فلانه ...فلانه ..خرجت فلانه من غرفتها وشرحت لها وحاوروها وتوسلوا لها فامتنعت والحجة ان دم المتبرع يجب ان يكون (فرش!!) ليدخل عملية التحليل في نفس اليوم!!! وكحل وسط قررت زميلتي سحب دم للمريض لأن دمه وطريقة تعامل المختبر معها لايحتم حضورة ويمكن فصل مايعرف بمصل المريض وتجميده ....
وهنا اردفت
-اما المتبرع فلازم باجر يجي ويجي الدلال (ابو الرماني وكلمة دلال تشير الى دلال الاعضاء البشرية!! ) هم دفعون وصولات المطابقة وهم اسحب دم للمتبرع حتى اشتغلة ......
استدارت والتفتت واكملت
وين المتبرع ؟؟؟؟
اجاب الدلال : هاي وينها .....
بين كلمة (وين المتبرع) وكلمة (هاي وينها )كان الجمع كله يتقدم الى مقدمة المختبر حيث الاستعلامات ومكان سحب الدم وحينها صدمت ....
لم تهتم صديقتي الموظفة بحواري وراحت تسجل المعلومات والاسماء في سجلات الاستلام غير مكترثة الا بأنهاء واجبها واكمال معروفها بسحب الدم للمريض المتهالك الذي يرى ان له امل ان يستعيد حياته بكلية جديدة من احدهم تبرع بها على مضض وهو محتاج لمبلغ من المال .... لايعلم ان ماساتنا وعازتنا لاتكمن باحتياجنا للمال !!!
-اكملت سؤالي شتصيرين من المريض وانا اجلس على احد الكراسي المخصصة للعاملين بالمختبر ...
- قاطعني مرافق المريض (ابو الدشداشة) : دكتورة ...كرايبنة من بعيد
- زين اهلج يدرون بالمخاطر مال الت............بر.......
لم اضيف حرف العين على كلمتي هذه حتى قدحت عيون الدلال وعيون مرافق المريض نارا وقاطعني كلا منهم :هي متزوجة قال احدهم وقال الاخر احنة متفاهميين دكتورة وردت هي بين كلامهم واخرست بعد اول كلمة :ماعندي..........!!
تحرك مرافق المريض ليكون حاجزا بيني وبين المتبرعة وهي تحاورني عن بعد ....
تسترق النظرات الى عيوني وهي تريد ان تسأل واسترق النظرات لها احاول ان اؤشر لها ان اهربي فلن ينفعك مال ولن تنفعه كليتك ...عبثا احاول والدلال ومرافق المريض يحيطانها!!
كل هذه الاحداث لم يتجاوز وقتها الربع ساعة انظر لساعة الموبايل وهو بيدي... ثانية ....
ثانية اخرى وصرخت المتبرعة مغميا عليها وهي ترى دم المريض اثناء سحب دمه!!!!
دقيقة واخرى واخذوها خارج المختبر ....
ولحظة و بعدها ..لملمت زميلتي اخر دقائق ساعات عملنا ...
انزلتُ رأسي ولم استكين لأضعف الايمان ....
وخرجت خلف جمع المجرميين هذا اكمل محاولتي لتنبيهها... فصدمت بزوج الضحية وهو يحمل طفلة لايتجاوز عمرها الاشهر يحملة على كتفه...
رجل طول وعرض بقميص اسود وبنطال اسود مترب وشعر دهني اللمعة وقلادة كووول...
اخر رجال الموهيكانز !!!يقبض مالا مقابل كليه زوجته الصغيرة !!
اقفلت زميلتي المكان وقالت : يلة يلة بعدج صافنة شكد يجون من ذولي ....حتعبين اذا تضلين اتفكريين بيهم هالشكل ...
نزلنا عن طريق السلم
ونزلوا عن طرق المصعد
وفي الطابق الارضي..
والتقت عيوني بها.....
عيونها لازالت تستنجد؟
بمن تستنجدين ؟
فلم يعد لكلمة وامعتصماااااه مجيب ......
القصة مهداة الى:
- الحكومة الموقرة فلايوجد قانون ينظم ويضبط عمليات التبرع بالاعضاء او يضبط مايعرفون بالدلاليين والزامهم بشروط او تخصيص مركز لمتابعة اعمالهم المشبوهة غير قانون هزيل واحد سنّه مجلس قيادة الثورة للنظام البائد .
-الاطباء الذين لايهمهم المتبرع ولاالمريض وشغلهم الشاغل كلفة عملية زرع الكلية.
-مجتمعنا ومنظماتنا التي تتجاهل توعية ومساعدة طبقة الفقراء من مجتمعنا او فتح ملف هذا الموضوع الخطر في واقعنا الصحي
-اهديها اخيرا الى المرأة في مجتمعنا التي لازالت بطور نكران الذات والولاء المطلق للزوج الاناني حتى لو كان على حساب صحتها وكرامتها فليس لها ولأطفالها من بعد اهل يريدون التخلص منها وزوج اناني يستغلها ألا نفسها وصحتها ..
-اهديها لمن روت واقعتها وحفزتني لكتابتها....
التعليقات (0)