ركض مسعود صوب الحافلة ..تدافع الناس على الباب المغلق .. صرخ الكونترول:
مش هيك يا عالم .. مش هيك يا بجم .. ركاب الحافلة يودون النزول ، بصعوبة بالغة فتح السائق الباب ، اندفع الناس باتجاهين .. منهم من يود النزول ومنهم من يحلم بالجلوس على مقعد.. بينما كان البعض يكافح لينجو من هذه الفوضى المحتدمة .
سيدة تقف في منتصف الطريق بين النزول والصعود تحمل طفلا صغيرا كأنها تتوسل :
فقط أريد أن انزل .. لو سمحت .. لو سمحت .
افسخوا لها المجال .. بعض الشباب استغل الزحام والتدافع ليتحرش بها .. خرجت من بينهم وهي تلعن وتشتم وتبكي. أخيرا وجد مسعود نفسه في قلب الحافلة يقف بين الواقفين ..لم يجد مقعدا .. بقي واقفا .. شاب صغير قص شعر رأسه بطريقة فريدة لكزه :
أستاذ مسعود تفضل مكاني .
نظر إلى الكرسي الفارغ لما قام الشاب .. دونما تردد جلس وهو يتمتم بعبارات الشكر ، بصعوبة تململت الحافلة وأخيرا تحركت وتقدمت ، لم يتمكن مسعود من سماع حديث الشاب الذي اخذ يحدثه بموضوع ما .. فقط كانت إشارات الشاب هو كل ما يمكن فهمه .
فقط صوت آلة التسجيل تصدح بأصوات مختلفة يصعب تميزها .. وحوارات الركاب وصراخ الكونترول فجأة صرخت عجوز في المقاعد الخلفية مذعورة ، التوت الأعناق ببرود شديد للخلف .. العجوز تمسك بذراعها وهي تصرخ :
في الباص أفعى .. في الباص حية ..لدغتني الأفعى ..لدغتني الأفعى ..
وقبل أن تغيب العجوز عن الوعي ، كانت فتاة أخرى تصرخ وهي تمسك بيد أختها :
لدغها الأفعى .. عضها الأفعى ثم تبعها صرخات متتالية جميعها من المقاعد الخلفية ..لم يتحرك أحد من المقاعد الأمامية بينما كانت المقاعد الخلفية نهبا للأفعى تلدغ وتعظ .. تخيف وتهرب .. محاولات القضاء عليها محاولات فاشلة.. عديمة التأثير ..كانت الأفعى سريعة الهرب والاختباء بين أمتعة الركاب والتواءات المقاعد ..تختبيء لتلدغ.. تخرج بنعومة ملساء ..ثم تعود لوكرها..الاستغاثات من المقاعد الخلفية محتدمة..وركاب المقاعد الأمامية كانهم بلا آذان .
والعجيب أن سائق الحافلة والكونترول لم يلتفتا مجرد التفاتة للخلف .. وكأن ما يحدث في المقاعد الخلفية .. يحدث في حافلة أخرى ، نهض مسعود من مقعده في المقاعد الوسطى ..نهر السائق الذي كان يهز رأسه طربا على صوت الأغنيات الطوطمية ..صرخ مسعود وهو يرتجف من الغضب :
توقف .. توقف .. توقف.. فما توقف وما ألتفت أليه .صرخ يستثير همة الركاب :
التوقف هو الحل ..التوقف هو الحل .. أقترب من كهل وصرخ بجانبه :
نتوقف للحظة.. ينزل الركاب واحدا واحد .. نفتش عن الأفعى .. نحاصرها جميعا في وكرها .. وإلا ستلدغنا جميعا ..فما تحرك أحد، اقترب مسعود قدر الإمكان من السائق :
عرض عليه خطته للتخلص من الأفعى وشرورها .. فما ألتفت أليه بل كان يتجاذب أطراف الحديث مع الكونترول وهما يضحكان بشكل هستيري .
غمز الكونترول السائق فهز الأخر رأسه ، تلفت مسعود نحو الأطفال والنساء وهم يستغيثون من المقاعد الخلفية ..هدأ السائق من سرعته ، أقترب الكونترول من مسعود الذي كان يصرخ أوقفوا الحافلة .. أوقفوا الحافلة ..توقفت الحافلة تماما .. تلفت مسعود ليشكر السائق لاستجابته أخيرا .. فجأة وبسرعة كان السائق والكونترول يلقيا بمسعود خارج الحافلة للتابع مسيرتها .. بينما كانت تأتي صيحات الركاب في الحافلة من المقاعد الأمامية والخلفية حيث كانت أكثر من افعى تعيث فيها فسادا . والسائق يبدل شريط الأغنيات
لتعم الموسيقى ويسود الضحك .
التعليقات (0)