واقع ومستقبل كشمير السليبة
(حلقة 1)
مشكلة كشمير تبدو غير واضحة المعالم للكثيرين من العرب والمسلمين والرأي العام العالمي. بسبب قوة النفوذ الهندي والصيني معا . وهو ما يجبر المجتمع الدولي والضمير العالمي على غض الطرف والسكوت على ما يجري هناك من محاولات حثيثة لتغيير التركيبة السكانية ومحو هوية الإقليم . وهي في هذا الجانب تكاد تكون شبيهة بمشكلة إقليم الشيشان الذي تحتله روسيا ......
إثنين من المجاهدين الكشميريين قتلا برصاص الجيش الهندي خلال مواجهة مسلحة هذا الصيف داخل إقليم كشمير الذي يطالب سكانه المسلمين بإنسحاب القوات الهندية التي إحتلت الجزء الأكبر من الإقليم عقب حروب دارت بينها وبين باكستان
وربما يتصور الأغلبية أنه مجرد إقليم متنازع عليه بين الهند وباكستان ليس إلا ؛ في حين أن الواقع عكس ذلك تماما . إذ أن إقليم كشمير هو في الحقيقة كيان إجتماعي وسياسي مستقل منذ عصور الفتوحات الإسلامية وقبل إحتلال بريطانيا لشبه القارة الهندية ؛ والذي أعقبه ضم الإقليم إداريا لسلطات الإحتلال البريطاني هناك .
وقبل إنفصال باكستان الحالية وبنغلاديش معا عن الهند عام 1947م بقيادة الجنرال الباكستاني محمد علي جناح ...... وخلال الحرب الأهلية التي دارت بين الهندوس كقوى رئيسية مسيطرة في الهند وبين المسلمين الإنفصاليين الهنود عشية إستقلال الهند عن بريطانيا وأدت إلى إنفصال إقليمي باكستان وبنغلاديش الحالية ليكونان فيما بينهما دولة واحدة (إنفصلتا لاحقا) . فقد كان إقليم كشمير هو الضحية وكبش الفداء الذي دفع فاتورة الإنفصال المشار إليه حين تسابقت قوات محمد علي جناح من جهة والقوات الهندية من جهة أخرى لإحتلاله في خضم حرب الإنفصال. فإحتلت الهند الجزء الأكبر منه وإحتلت باكستان جزءا ثم دخلت الصين الشعبية على الخط فقضمت من فريسة الهند جزءا صغيرا ......
خريطة توضح توزيع المناطق الخاضعة لكل من الهند والصين وباكستان
مساحة إقليم كشمير الإجمالية 86,023 ميل مربع ، إحتلت منه الهند مساحة 53,665 ميل مربع (62% من مساحته) في حين سيطرت الباكستان على 32,358 ميل مربع (38% من مساحته) ..... وبعد حرب 1962م بين الهند والصين قضمت الأخيرة جزءا صغيرا من المساحة التي كانت تحتلها الهند من كشمير وفق ما تقدم .....
وبالطبع فإن جر أرحل الصين للدخول في المسألة الكشميرية إنما كان بتدبير ذكي من الجيش الهندي لتعقيد المشكلة ومحو هوية الإقليم تماما (بأن يتفرق دمه بين القبائل) وفق ما يظن هذا الحل الأمني والإستخباراتي الذي دفع إليه الجيش الهندي الصين بتوريطها في الإقليم عبر الإلقاء إليها بعظمة صغيرة من جسد الغنيمة .
ومن جانب آخر فإن أكثر ما يثير الشكوك حول أطماع الهند في هذا الإقليم أنها تحاول حثيثا تغيير التركيبة السكانية فيه بتوطين المئات الآلاف من الهندوس والسيخ في الإقليم ودفع أبناء كشمير الأصليين للهجرة إلى الجزء الذي تسيطر عليه باكستان...... بل ولا تكاد الهند تترك كبيرة ولا صغيرة في كشمير إلا وتستغلها لمصلحتها وبما يغذي الإنطباع أن الإقليم جزء من الهند ؛ إذ دائما ما تدفع بالسينما الهندية لتصوير العديد من لقطاتها وسط الطبيعة الخلابة لهذا الإقليم . والأدهى وأمر أن معظم نجوم السينما الهندية لاسيما النساء منهن هن في حقيقة الأمر كشميريات لما يتمتعن به من جمال نتيجة الإختلاط بالدم العربي وكذلك لبياض بشرتهن على عكس لون بشرة عامة الهنود الشديدة السمار. ..... وكل ذلك يتقبله الغير حتى في الدول العربية على أنه واقع أو وجه هندي دون أن يدروا.
وهكذا تكاد ملامح كشمير أن تضيع بعد أن أصبحت تتنازعها ثلاثة دول على الرغم من أن باكستان لا تحتل كشمير في واقع الأمر . وقد سمحت للكشميرين في الجزء الذي تسيطر عليه بإنشاء دولتهم المؤقتة بإسم (كشمير الحرة) تحت الرعاية الباكستانية إلى حين إستكمال تحرير بقية الأراضي الكشميرية من الهند والصين وتكوين دولة كشمير المستقلة ... وذلك على الرغم من القبضة القوية التي تمارسها الهند والصين داخل الإقليم .. ولكن وكما قال الشاعر أبو القاسم الشابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة .......فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي .......... ولابـــد للقيــد أن ينكسر
الطبيعة الخلابة والثروة المائية والزراعية في كشمير تستغلها الهند لمصلحتها حتى في الأفلام السينمائية
الآن تشتعل في كشمير التي تحتلها الهند هبة شبابية كشميرية تفعل بقوات الإحتلال والأمن الهندي الأفاعيل . وتقتدي في فعالياتها أسلوب وأدوات الإنتفاضة الفلسطينية التاريخية حيث يسيطر (شباب الحجارة) الكشميريون الآن على زمام المبادرة في شوارع العديد من البلدات والمدن الكشميرية.
يتبع حلقة (2) .. صور من إنتفاضة الحجارة الكشميرية (إنشاء الله)
التعليقات (0)